"كل يوم عاشوراء..كل أرض كربلاء"

الى الشهداء والمجاهدين و الأسرى الحسينيين.. في كل أرض و زمان!


د. حسن آل حطيط ألعاملي


"رسائل إلى الأرض...من أهل السماء!"

في الشهداء الحسينيين الناظرين الينا.. من عليائهم في السماء!

1
بين صدري و الغيوم
اشتعلت شمعتان..
شمعة الوجع الغريب
و شمعة الجرح المهيب!
بين عيني و النجوم
انسكبت دمعتان..
دمعة الحق السليب
و دمعة الليل الكئيب!
بين أشلائي و الظلام
اتّقدت لهثة جمر..
بين أضلاعي و السهام
انتصبت نظرةُ قهر..
و أسئلتي الضنينة
و أشرعتي..
و أقبيتي الحزينة
و أمتعتي..
و صرخة جنَّ بنارها كبدي
و جنّت بها رياح الدهر
و حرقة هدَّ بحرِّها عضدي
وهدّت بها ضلوع العمر
بين روحي و السماء
انتفض جناحان..
جناحٌ يدكّ عروش العداء
جناحٌ يهدّ بروج البلاء
بين قلبي و السناء
انبعث سلامان..
سلامٌ إلى أرضي, بدفء الفداء
سلامٌ إلى أهلي, بفيض الدماء
2
أنا الذي تنفس الصبح من صدري
أنا الذي توضأ الجرح من نحري
أنا الذي تنزّل القهر من عمري
و هام كالموج
لتغريه
الرياح
و تدميه
على الصخر
أنا الذي تجمع الوجع فيه
ليفقأ أعين البحرِ
و ينقضّ شلالاً من الأعماق
..في الآفاق
بالثأر
ليطفئ بالدم الآهات
و يحرق بالدم الآفات
و يقتل الصمت والمأساة
بالصبرِ!
أنا الذي عانقتني أرضي بالورود
ثم فتحت قلبي على كل الحدود
فحرّكتني
كسّرت كل القيود
و حرّرتني
مزّقت فيّ الجمود
رفعت جرحي
معاولَ
..حطمت كل السدود!
3
أيها الساقي دموعك للشجر
هلّل
فالحبّ قد فلق الحجر
أيها الفادي دماءك للزّهر
سبّح
فالعشق قد ملك المدر
وارفع لواءك للعلا
أنّى العلا
يختزن الجرحَ
إن الجرح انفجر!.
و احمل نداءك للمدى
أنّى المدى
يلتقط القلب
إن القلب انفطر!.
أحبك أرضي ملء الدموع
ملء السحاب ملء المطر
أحبك أرضي ملء الأنين
ملء الحنين ملء السهر
أحبك أرضي ملء الزمانِ
و حبك يسمو
و يعلو الزمان
رغم الزمان
و ملء القدر!!

"حينما يحمر العنب..."

في المجاهدين الحسينيين... على كل أرض احمرّت بدمائهم!

1
حينما يحمر العنب
و يضجّ في جسمي التعب
ألقاكِ أرضي..
تبكين قربي..
تسقينَ بالدمع الِقرَب
تزجينَ بالحزن السُحُب
و تحدثيني..
عن كل ما فاض و ما نضب
بتربك الطهر الطهور
بوجهك الغر الغيور
..عن المآسي و الغضب
يشدّ عصب الثائرين
يهدّ نير الظالمين
و يهزج في الصخب
..عن الآتين من جذوع التين
..عن الأسرى تقود الآسرين
..عن القتلى تسوق القاتلين
إلى مقابرها
لتعدمهم بدمع نسوتها
و تدفنهم بقهر أمتها
باسم رب العالمين!
2
حينما يحمر العنب
و يأكل من جسمي التعب
سيصعد الصبح من صدري
و يبلع البحر أنفاسه!
و ينزف الأفق من نحري
و يفقد الترب إحساسه!
سأرحل حاملاً قبري
و يدق القلب أجراسه!
ليحضنني نور المنائر
و تبكيني كل المحاجر:
"جرحي يحيِّيكم..
يا من حملتم الجرح قنبلة
و فجرتم كل أسوار الخيانة
قلبي يحييّكم..
يا من قدّمتم القلب قربانا
و مزقتم كل أستار المهانة
روحي تحّييكم..
يا من أودعتم الروح في قلبي
و رّويتم بدمّكم تربي
لينبت بالدم الوردُ
و يصدق بالدم الوعدُ
و يحيا باسمكم شعبي
3
حينما يحمر العنب
و تصَّاعد النار من ألمي
سأرفع كل السدود
لأسدَّ كل الغيومَ بغمي
و أعبر كل الحدود
لأضمَّ كل الهمومَ بهمّي
و أغسلكِ
أرضي
بدمّي!
حينما يحمر العنب
و يسّاقط الطلّ في الكَرْمِ
سأمطركِ دمعًا أحمرا
احمرارَ الأمل في الظُلَم
و أنبيك نصرًا أخضرا
اخضرارَ النور في الحرَم
و أدعو كل العصافير
تعالي..
تعالي تقاسمي لحمي
و أطعمها من الشفتين
و أسقيها من العينين
و أذري لها
حبي
و أفري لها
كبدي
حباً لكِ
أرضي!

"ألأسير... و الليل"

في الأسرى الحسينيين ولياليهم الطويلة ...في كل أرض و عصر!

1
من بعيد..
يجرّ الموج أذيال خيبته و يأتي من بعيد..
من بعيد..
ينام الموج عند أسئلتي و يسأل من جديد..
هل من مزيد؟..
لهذا القلب الذي يذوي
و يهوي
خلف قضبان الحديد
لهذا الصدر الذي يرقص فوق أسنان الصديد
لهذا الوجع
الذي يختال من شدة الوجع
و يسقط من جديد..
فوق أضرحة الشموع..
فوق أرصفة الضلوع..
فوق أجنحة الدموع..
ليحيا من جديد..
2
من بعيد..
تجيئني الذكرى جراحا
و أثقالاً
من حديد
تهشم أشرعتي
و تسرق أمتعتي
و تسلب أعيادي
عيداً بعد عيد
من بعيد..
تترامى أطراف الحدود على الحدود
و يختنق الزمان بألف حشرجة
بألف مشنقة
بألف مقصلة
تعلقها السدود على السدود..
لكن روحي ترفض أن تموت..
و جسمي البالي
يئنُّ ولا يموت..
و عمري الخالي
يجفّ و لا يموت..
و يظل قلبي ينبض بالصمود..
3
من جديد
سأحفر بالوجع أنفاقاً
على وجه الجليد
و أجعل من دروب الهمّ شطآناً
لتشرقَ من جديد
شمسٌ
على سجني
لأنعتق من وهني
و ينفجر
من حزني
فجرٌ سعيد!

Testing
عرض القصيدة