ذُق شِدَّةَ الوَجدِ تَعذُر كُلَّ مَن وَجَدا=فالخَطبُ أعظَمُ مِن أن تألَفَ الجَلَدَا و استَمطِرِ العَينَ مُحمَرَّ الدِّما و أَذِب=دَمعَ العُيُونِ بنارِ الحُزنِ إن جَمَدَا لِمتُ المُصابينَ حَتَّى صِرتُ مِثلَهُمُ=حِلفَ المَصائِبِ أجرَعُ صابَها النَّكِدَا واهاً لِقَلبي إن هَبَّت نَسيمُ صَباً=أو أنَّ لامِعَ بَرقِ الأبرَقَينِ بَدَا ما عَنَّ ذِكرُ مِنَىً و المَشعَرَينِ لَهُ=إلا غَدا بِجِمارِ الحُزنِ مُتَّقِدَا كُنَّا على غَفلَةِ الدَّهرِ المَوَلَّعِ بِالأَ=حرَارِ لا نَعرِفُ التَّفريقَ و البَدَدَا حتَّى تَنَبَّهَ طَرفُ الدَّهرِ فانبَعَثَت=بَنُوهُ في شَتِّ شَملي بَعدَما انتَضَدَا كَفِعلِهِ بِبَني خَيرِ البَريَّةِ بَل أئِمَّةِ=الخَلقِ بَل سُفنِ النَّجاةِ غَدَا أبادَهُم عَن جَديدِ الأرضِ قاطِبَةً=لَم يُبقِ مِنهُم على أكنافِها أحَدَا فَبَينَ مَن فَلقوا بالسَّيفِ هاَمَتَهُ=في بَطنِ مِحرابِهِ مِن بَعدِما سَجَدَا و بَينَ مَن قَطَعوا بالسُّمِّ مُهجَتَهُ=و ما قَضَى وَطراً لكِن قَضَاك مدَا و لا كَوَقعَةِ يَومِ الطَّفِّ ما سَمِعَت=أُذنُ امرِئٍ قَطُّ شَرواها و لا وَجَدَا مُصيبَةٌ ما وَعاها مُسلِمٌ أبَداً=إلَّا و قَطَّعَتِ الأحشاءَ و الكَبِدَا ذَبحُ الحُسَينِ على عَمدٍ مُجاهَدَةً=بِجانِبِ الشَّطِّ عطشاناً بِسَيفِ عِدَى قادَ ابنُ سَعدٍ لَهُ بالبَغي مُبتَغياً=رِضَى ابن آكِلَةِ الأكبادِ جَيشَ رَدَى مِن كُلِّ راكِبِ عَشواءِ الضَّلالِ فَلَم=يُبصِر مِنَ الكُفرِ و الإلحادِ بابَ هُدَى حَتَّى حَمَوا دُونَهُ ماءَ الفُراتِ و قَد=حَطُّوا بِجانِبِهِ الحُرَّاسَ و الرَّصَدَا و كُلَّما بِنَصوحِ النُّصحِ أتحَفَهُم=وَلُّوا نُفُوراً و عافوا النُّصحَ و الرَّشَدَا و غادَروا صَحبَهُ صَرعَى و ما تَرَكوا=لَهُ أخاً مُشفِقاً بَراً و لا وَلَدَا إلَّا خَضيباً بِفَيضِ النَّحرِ مُنجَدِلا=حاكَت لَهُ الرِّيحُ مِن تُربِ الفَلا بُرَدَا أو مُنحَلَ الجِسمَ مَنهوكاً بِعِلَّتِهِ=خَلفَ الفِراشِ يُقاسي الضُّرَّ و الكَمَدَا أفديهِ مِن بَعدِهِم يَبغي النَّصيرَ فَلَم=يَجِد سِوَى اللهِ مِن أنصارِهِ أحَدَا نِعمَ النَّصيرُ و لكن شاءَ زُلفَتَهُ=حَتَّى يَكونَ لَدَيهِ سَيِّدَ الشُّهَدَا أفدي حَبيبَ رَسولِ اللهِ حينَ غَدَا=يُوَدِّعُ الأهلَ و الأطفالَ مُجتَهِدَا وَدَاعَ مُستَلِمٍ لِلمَوتِ مُحتَسِبٍ=لا يَرتَجي أبَداً عَوناً و لا مَدَدَا يَقولُ صَبراً على عِظَمِ المُصابِ فَمَن=يَصبِر يَجِد عِوَضاً عَمَّا لَهُ فَقَدَا و مَن يَكُن جازِعاً حَلَّ القَضَاءُ بِهِ=كُرهاً و ما اعتَاضَ إلَّا الحُزنَ و الكَمَدَا إنَّا أُصِبنا بِخَيرِ الخَلقِ قاطِبَةً=حَقاً و أعظَمِهِم قَدراً و مُفتَقَدَا و فيهِ لِلمُتَأسِّي سَلوَةٌ و عَزَا=مَتى غَدا قَلبُهُ بالحُزنِ مُتَّقِدَا فإن رأيتُم دِمائي خَضَّبَت جَسَدي=و الشِّمرُ مِن فَوقِ صَدري فاعِلاً قَعَدَا و خِلتُمُ جُثَّتي فَوقَ الصَّعيدِ لُقَىً=و الرَّأسُ مِن فَوقِ أعلى صُعدَةٍ صَعَدَا فلا يَصدَع مُصابي طَودُ حِلمِكُم=بَل أظهِروا لِلأعادي الصَّبرَ و الجَلَدَا و استَقبَلَ الحَربَ و النسوانَ تُمسِكُهُ=كُلٌّ تُنشِّبُ في الأذيالِ مِنهُ يَدَا يابنَ النَّبيِّ و يا كَهفَ الأرامِلِ يا=حامي الذِّمارِ و يابنَ السَّادَةِ السُّعَدَا تَمضي و تَترُكنا لِلقَومِ تَهتِكُنا=و أنتَ أشفَقُ مِمَّن في الوَرَى وُجِدَا فَرَقرَقَ الدَّمعُ مِنهُ رَحمَةً لَهُمُ=كَواكِفِ المُزنِ يَوماً خالَطَ البُرَدَا و يَمَّمَ الجَمعَ فَرداً غَيرَ مُكتَرِثٍ=مِنهُم و إن كَثُرَت أبطالُهُم عَدَدَا ما شامَ بارِقُ حَدِّي سَيفِهِ بَطَلٌ=إلَّا و فَرَّ حِذارَ المَوتِ مُرتَعِدَا لكِنَّهُم خَرَقوا بِالنَّبلِ جُثَّتَهُ=فَخَرَّ مُلقىً بِسَهمٍ صادَفَ الكَبِدَا يَدعوا إلهي أنجِز في غَدٍ عِدَتي=فَعَبدُكَ اليَومَ قَد وَفَّى بِما وَعَدَا و يُضرِمُ القَلبَ ناراً قَولُ زَينَبَ إذ=رَأَت أخاها طَريحاً في التُّرابِ سِدَا يا آلَ غالِبَ و السَّاداتِ مِن مُضَرٍ=و آلَ عَبدِ مُنافِ السَّادَةَ السُّعَدَا هَل تَعلَمونَ بِأَنَّ اليَومَ سَيِّدَكُم=ثاوٍ ثَلاثاً على الرَّمضاءِ ما لُحِدَا أكفانُهُ مِن سَوَافي الرِّيحِ قَد نُسِجَت=و غُسلُهُ مِن نَجيعٍ غَرَّقَ الجَسَدَا و رأسُهُ فَوقَ رأسِ الرُّمحِ تَتبَعُهُ=رُؤُوسُ أولادِهِ الأمجادِ و الشُّهَدَا تُهدى لِوَغدِ بَني حَربٍ و أرذَلِها=يَزيدَ زِيدَ عَذاباً دائِماً أبَدَا بَني أُمَيَّةَ لا تَشمَخ أُنُوفُكُمُ=بِغَصبِكُم مُلكَ آلِ المُصطفى حَسَدَا فَسَوفَ يُؤذَنُ في إظهارِ قائِمِهِم=فَيأخُذَ الثَّارَ مِنكُم حَسبَمَا وَعَدَا هُناكَ أحمَدُ يَقضي ما يُؤَمِّلُهُ=قِدماً و يَبذِلُ فيهِ الجِدَّ مُجتَهِدَا تَقفوهُ مِن آلِ ضَيفِ اللهِ أُسدُ شَرَىً=لا يَطلِبونَ إذا ما حارَبوا مَدَدَا يا سادَةً فازَ مَن والاهُمُ و نَجَا=و خابَ مَن لِمَعالي فَضلِهِم جَحَدَا وَجَدتُ يا سادَتي بَردَ المَحَبَّةِ في=قَلبي و حَقَّقتُ فيهِ الحَقَّ و الرَّشَدَا و ذاكَ يُعرِبُ عَن طِيبِ الوِلادَةِ في=كُلِّ البُطونِ فشُكراً لِلَّذي وَلَدَا أعدَدتُكُم يا سَلاطينَ المَعَادِ إذا=اشتَدَّت شدائِدُ يَومِ الحَشرِ لي عَدَدَا كَي تَشفَعوا لي و لآبائي و وِلدِيَ و ال=إخوانِ فيكُم إذا قامَ الحِسابُ غَدَا مِن ذاكَ أصبحتُ لا أخشى العَذابَ و إن=كانَت مَعَاصِيَّ لا أُحصي لها عَدَدَا ثُمَّ الصلاةُ عَلَيكُم كُلما رُفِعَت=كَفٌّ إلى اللهِ أو عَبدٌ لَهُ سَجَدَا

Testing
عرض القصيدة