مَن يَطلُبِ المَجدَ بِغَيرِ التَّعَبْ=لا بُدَّ أن يَيأسَ مِمَّا طَلَبْ أنَّى إلى الوَداعِ في راحَةٍ=و مُرتَقى هامٍ عَوالي الرُّتَبْ لا يَعتُبِ الدَّهرَ إذا مَضَّهُ=فَمَا على الدَّهرِ لَو إن عَتَبْ قَد عِفتُ في المَجدِ نَعيمَ الوَطَا=و نَغمَةَ العُودِ و بِنتُ العِنَبْ و الغادَةُ الحَسناءُ ما ضَرَّني=أو سَرَّني مِنها الرِّضا و الغَضَبْ ما لَذَّتي إلَّا انتِقالي لَهُ=مِن ضَيِّقِ السَّرجِ لِخَشنِ القُتُبْ كَم مِن هَجيرٍ قَد تَقَحَّمتُهُ=كأنَّما فيهِ شُواظُ اللَّهَبْ و لَيلَةٍ لَيلاءَ قَد أظلَمَت=و الكَلبُ لا يُبصِرُ فيها الطَّنَبْ سَلَكتُ في دَيجورِها سارياً=كأنَني السَّيلُ إذا ما انسَكَبْ يُؤنِسُني سَيفي و رُمحي مَعاً=و سايِحٌ أجرَدُ رَخوُ اللُّبَبْ لَيسَ بِها حِسُّ أنيسٍ سِوى=عَجيجُ نَضوَى مِن شَديدِ اللَّغَبْ فَأَترُكِ الأبطالَ في يَومِها=تُطفي بِها الأنسُرُ حَرَّ السَّغَبْ و رَدَّ مِن دُونِ أبياتِها=صِيَانَةُ العِرضِ و حِفظُ الحَسَبْ فَهِمَّةُ الماجِدِ مِثلي إذا=حارَبَ في المَسلُوبِ لا في السَّلَبْ شَغَفتُ بالمَجدِ فَلَم يَكفيني=مِيراثُ آبائي عَنِ المُكتَسَبْ رَضيتُ بالذِّلَّةِ إن لَم أفُز=مِن دُونِ أقراني بِأَعلى الرُّتَبْ كَمَا على الأقرانِ مِن قَبلِ قَد=فاقَ بِأَعلى المَجدِ أُمٍّ و أَبْ أكُفُّهُم يَومَ النَّدى أبحُرٌ=مِن مَدِّها تَدفَقُ عَينُ الذَّهَبْ و في الوَغَى نيرانُ حَتفٍ مَتَى=تَلقَ العِدا كالنَّارِ تَلقى الحَطَبْ و إن عَلَت أقدامُهُم مِنبَراً=لِلوَعظِ يَتلونَ فَصيحَ الخُطَبْ فَكَم قُلُوبٍ صَعبَةٍ قَد غَدَت=ذائِبَةً مِن رَهبٍ أو رَغَبْ أو يَجلِسُوا يَوماً لِفَضلِ القَضَا=لَم يَترُكُوا الحَقَّ رِضَىً أو غَضَبْ جَرياً على سُنَّةِ مَولاهُمُ=مُحَمَّدُ المُختارُ فَخرُ العَرَبْ راقي السَّماواتِ إلى أن دَنَى=مِن رَبِّهِ شأناً و مِنهُ اقتَرَبْ كَقَابَ قَوسَينِ و أدنى فَيَا=لِرُتبَةٍ فاقَت جَميعَ الرُّتَبْ حَبَاهُ أخلاقاً كِراماً كَمَا=أدَّبَهُ جَلَّ بِحُسنِ الأدَبْ ثُمَّ لَهُ فَوَّضَ أحكامَهُ=أمراً و نَهياً لَم يَخَف مِن عَتَبْ و أنزَلَ اللهُ لِتَصْديقِهِ=القُرآنَ لا تَعرُضُ فيهِ الرِّيَبْ و الجِذعُ قَد حَنَّ إلَيهِ كَمَا=كَلَّمَهُ ذيبٌ و ظَبيٌ و ضَبْ و سَبَّحَ الحَصباءُ في كَفِّهِ=بِمَنطِقٍ يَصدُرُ مِنهُ العَجَبْ و فاضَ مِن أنمُلِهِ بارِدٌ=حَتَّى كَفَى الجَيشَ و رَوَّى القِرَبْ و أشبَعَ الآلافَ مِن جُزءِ شاةٍ=و قَد شَواها بَعضُ تِلك العَرَبْ و انحَنَتِ النَّخلَةُ مُنقادَةً=إلَيهِ كَي يأخُذَ مِنها الرُّطَبْ و رَدَّ ماءَ البِئرِ مِن بَعدِ ما=كانَ أُجاجاً في مَذاقِ الضربْ و جاءَهُ يَشكو بَعيرٌ و قَد=ضَرَّ بِهِ الجوعُ و طولُ التَّعَبْ فانتَصَفَ المُختارُ مِن أهلِهِ=إلَيهِ فارتَدَّ نَبيلَ الأرَبْ و شَقُّهُ البَدرَ وَ رَدَّ العَصا=مُورِقَةً و البيرُ لَما نَضَبْ أفاضَهُ بالماءِ سَيحاً على=وَجهِ الثَّرَى كالبَحرِ حينَ انسَكَبْ مَعَاجِزٌ في النَّاسِ مَشهُورَةٌ=كالشَّمسِ قَد حَلَّت بأعلى الرُّتَبْ فَلَيسَ في النَّاسِ لَهُ مُشبِهٌ=إلا أخوهُ المُرتضى المُنتَجَبْ قَرينُهُ في كُلِّ أعمالِهِ=و عِلمِهِ الفَيضِيِّ و المُكتَسَبْ يَجري مَعَ المُختارِ مِن آدَمٍ=لِجَدِّهِ الأعلى بِأعلى نَسَبْ ما غالَبَ الأبطالَ في مَوقِفٍ=في حَومَةِ المَيدانِ إلَّا غَلَبْ و رُدَّتِ الشَّمسُ لَهُ بَعدما=غابَت و أدَّى ما عَلَيهِ وَجَبْ و قاتِلُ العَمرَينِ يَومَ الوَغَى=و ذائِقٌ مَرحَبَ طَعمَ العَطَبْ ما فَغَرَت داهِيَةٌ كاشِرٌ=أنفاسُها تُحرِقُ نارَ اللَّهَبْ إلَّا التَقاها واطِئاً خَدَّها=و مُلصِقاً مَعطَسَها بِالتُّرَبْ و ما عَجيبٌ مِثلُ ذا الأمرِ مِن=مُظهِرِ قَهرِ اللهِ يَومَ الغَضَبْ يا حُجَّةَ اللهِ على خَلقِهِ=و الآيَةَ الكُبرى و أقوى سَبَبْ و العُروَةَ الوُثقى و كَهفَ الوَرَى=و مَلجَأَ الخائِفِ مِمَّا اكتَسَبْ و قاسِمَ الجَنَّةِ و النَّارِ ما=بَينَ الَّذي عادَى و مَن قَد أحَبْ عَرَفتُ عَليَاكَ يَقيناً و لَم=أكُن كَمَن قَلَّدَ جَداً و أبْ أحمَدُ مَولاكَ كَثيرُ الخَطَا=إلَيكَ مِمَّا قَد جَنَاهُ هَرَبْ أتاكَ مَولاكَ مُدِلّاً على=جُودِكَ يَرجو الفَوزَ في المُنقَلَبْ كَذاكَ آبائي و مَن مَتَّ بي=أصلاً و فَرعاً و إلَيَّ انتَسَبْ و سامِعٌ أو قارِئٌ نَظمَ ما=حَبَّرتُ فيكُم يا سُماةَ الرُّتَبْ و سَلَّمَ اللهُ عَلَيكُم مَتى=دَعا بِكُم داعٍ و نالَ الأرَبْ

Testing
عرض القصيدة