أَفِضْ مِن دُمُوعِ العَينِ ما يُرِحُ الجَفنَا=فَقَد هَلَّ عاشورُ الَّذي يَجلِبُ الحُزنَا و بَتَّ عُرى البُشرى و بِتُّ هاجِرَ الكَرَى=و لا تَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ و لا مَغنَى فما حَسَنٌ بَعدَ الحُسَينِ سِوى الأسى=و حُسنِ التَّأسي إن فَقَدنا أباً و إبنَا ألا إنَّهُ أولَى بِسَكبِ دُمُوعِنا=كما إنَّهُ أولى بأنفُسِنا مِنَّا فَلِلَّهِ قَومٌ قَدَّمَتهُم حُظُوظُهُم=إلى نَصرِهِ فاستَغنَمُوا الأرَبَ الأهنَى أطايِبُ في نَصر الحُسَينِ تَسَاعَدوا=فَفازوا بإدراكِ السَّعَادَةِ و الحُسنَى فَلَو أنَّنا كُنَّا حُضُوراً بِكَربَلا=لَكُنَّا كَمَا جادوا بِأَنفُسِهِم جُدنَا و حَيثُ تَدَانَى حَظُّنا عَن حُظُوظِهِم=فَحقٌّ لنا مِن أجلِهِ لو تأسَّفنَا فَلَسنَا ننالُ الأجرَ إلَّا مِنَ البُكا=و إلَّا فَمِن كُلِّ المُثوباتِ أفلَسنَا فَقَد نَدَبَ اللهُ العِبادَ إلى البُكا=عَلَيهِ و خَيرُ المُرسَلينَ لَهُ سَنَّا أما في رَسولِ اللهِ لِلنَّاسِ أُسوَةٌ=فَقَد كانَ مُوتوراً بِمَقتَلِهِ مُضنَى و كانَت لَهُ الزَّهراءُ طُولَ حَيَاتِها=قَريحَةَ جَفنٍ لَم تَبِت لَيلةً و سنَا و قالَت لِخَيرِ الرُّسلِ و الدَّمعُ ساجِمٌ=أيا أبَتَا مَن لِلغَريبِ إذا غِبنَا أيا أبَتَا مَن ذا يُقيمُ عَزَاءَهُ=إذا ما عَلَيهِ الدَّهرُ مِن بَعدِنا أخنَى فَقَالَ لَها قَومٌ يُريدُونَ بِرَّنا=كِرامٌ يُقيمونَ العَزَاءَ لَهُ حُزنَا أكونُ لَهُم يَومَ القِيامَةِ شافِعٌ=و أُبدِلهُم مِن خَوفِهِم في غَدٍ أَمْنَا فما بالُنا لا نألَفُ الحُزنَ و البُكا=و نَطمَعُ في وَعدِ الرَّسولِ إذا عدَنَا و نُسعِدُهُ في حُزنِهِ و مُصابِهِ=على سِبطِهِ المُهدودِ من أجلِهِ رُكنَا و نُسعِدُ جِبرائيلُ إذ ظَلَّ ناعياً=عَلَيهِ بِشَجوٍ جَلَّ عَن صِفَةِ المَعنَى فَدَيْتُكَ يا سِبطَ النَّبيِّ الذي دَنا=مِنَ اللهِ شأناً قابَ قَوسَينِ أو أدنَى فَدَيْتُكَ سِلماً لِلقَضاءِ مُجاهِداً=بِوَجهِ الرِّضا تَستَقبِلُ الضَّربَ و الطَّعنَا فَدَيْتُكَ مَقلوباً عَنِ السَّرج هاوِياً=إلى الأرضِ مَصروعاً على تَلعَةٍ خَشنَى فَدَيْتُكَ مَلهوفَ الجَنَانِ مِنَ الظَّما=يَعِلُّ سِنَانٌ مِن جَوانِحِكَ اللَّدْنَا فَدَيْتُكَ مَقطوعَ الكَريمِ مِنَ القَفَا=و قَد داسَ مِنكَ الشِّمرُ بالحَنَقِ المَتنَا أُجِلُكَ عَن تَضريجِ شَيبِكَ بِالدِّما=و رَضِّ عِتاقِ الخَيلِ ظَهرَكَ و البَطنَا عَليَّ عَزيزٌ رَفعُ رأسِكَ في القَنَا=و كَسرُ يَزيدٍ بِالعَصَا سِنَّكَ الأسنَى و إن أنسَ لا أنسَ النِّساء حَواسِراً=على النِّيبِ يَدعينَ النَّبيَّ و يَندِبنَا أيا جَدَّنا نَشكو إلَيكُم مُصابَنَا=و إن كانَتِ الشَّكوى لَكُم تُورِثُ الغُبنَا أيا جَدُّ لَو عايَنتَ ما صَنَعَ العِدا=بِآلِكَ لَم تَنفَكَّ ذا مُقلَةٍ وَسنَى حَبيبُكَ و المُفَدَّى بابنِكَ و الَّذي=نُؤَمِّلُ أن يَبقى لَنَا بَعدَكُم حِصنَا صَريعٌ على الرَّمضاءِ مُلقىً مُجَدَّلاً=يُعالِجُ كَرباً في الجَوَانِحِ مُكتَنَّا و قَد رَكَبَ المَلعونُ شِمرٌ بِنَعلِهِ=على صَدرِهِ حَتَّى أحَسَّ بِهِ وَهنَا يُحَكِّمُ في نَحرِ الحُسَينِ حُسَامَهُ=و قَد كُنتَ يا جَدَّا بِتَقبيلِهِ تَعنَى يُناديكَ يا جَدَّاهُ أُذبَحُ جَهرَةً=بِصارِمِ شِمرٍ لا فِداءَ و لا مَنَّا لَعَمرُكَ ما ذاقَ امرُؤٌ كأسَ كُربَةٍ=كَما نَحنُ مِن رِزءِ ابنِ فاطِمَةٍ ذُقنَا و لا وَلَدَت أُمُّ الرَّزايا كَرِزئِنا=و لا حازَ مَحزونٌ مِنَ الحُزنِ ما حُزنَا أيَا جَدُّ جَدَّ الدَّهرُ في شَتِّ شَملِنا=بِزَعزَعٍ جُردٍ حَيثُ مالَت بِهِ مِلنَا أيَا جَدَّنَا كانَ الحُسَينُ نِظامَنا=فَصَادَفَهُ سَهمُ الرَّدى فَتَشَتَّتنَا و مِن قَبلُ كُنا في ذُراهُ بِمَعزَلٍ=عَنِ الضَّيمِ إلَّا أن نَظُنَّ بِهِ ظَنَّا إذا نابَ خَطبٌ لَفَّنا في جَنَاحِهِ=و صادَمَهُ حَتَّى يَصُدَّ بِهِ عَنَّا فَمِن بَعدِهِ ضِعنا و هُتِّكَ سِترُنا=و لَو كانَ حَيَّاً ما هُتِكنا و لا ضِعنَا نُساقُ على أقتابِ بُدنٍ ضَوَالِعٍ=مَهَازيلُ أنقاضٍ مِنَ السَّيرِ قَد بِدنَا أَأَبدَانُنَا تَقوى على سَيرِ بُدنِهِم=فَيَا لَيتَنَا بِدنا و لَم نَركَبِ البُدنَا هَوَائِمُ حَرُّ الشَّمسِ تَصهَرُ هامَنَا=و ما هَمَّنَا إلَّا لِخَطبٍ بِهِ هِمنَا حَوَاسِرُ لَكن كُلَّما طافَ طائِفٌ=عَلَينا رَدَدنَا في مَكَان الرِّدا رَدنَا إذا نَحنُ نُحنا أو عَلَونا بِزَفرَةٍ=عَلُونَا بِضَربٍ لَيتَ أنَّا بِهِ مِتنَا و إن نَحنُ جِئنا نَستَريحُ مِنَ الوَجَا=وُجينا بِأطرافِ الرِّماحِ و أُزعِجنَا كَأَنَّ رَسولَ اللهِ لَم يَكُ جَدَّنا=و لا نَحنُ لِلزَّهراءِ و المُرتَضَى أَبنَا أيا حِزبَ حَربٍ أيُّ ذَنبٍ لِأَحمَدٍ=و عِترَتِهِ حَتَّى تَسقوهُمُ الغُبنَا ألَم يَصفَحِ المُختارُ عَنكُم تَكَرُّمَاً=فَهَلَّا صَفَحتُم وَيلَ أُمِّكُمُ عَنَّا ألَم يَفدِكُم آباؤونا يَومَ أَسرِكُم=فَمَا بالُكُم لا تَقبَلونَ الفِدا مِنَّا ذَبَحتُم حُسَيناً ظامِياً و طَحَنتُمُ=بِرَكضِ العِتاقِ الجُردِ (جُمَانَهُ) طَحنَا و كَلَّلتُمُ رأسَ السِّنانِ بِرأسِهِ=بِرَغمِ العُلى إذ كانَ إكلِيلُها الأسنَى فَذَا رأسُهُ مِن فَوقِ رأسِ القَناةِ قَد=جَرى دَمُهُ القاني على أنفِهِ الأقنَى و ذاكَ طَريحٌ جِسمُهُ رَهن بَلقَعٍ=حَليفُ العَرا ما نالَ كَفناً و لا دَفنَا فَحَسبُكُم الجَبَّارُ خَصماً و حاكِماً=و لَعنُ الوَرَى خِزيَاً و نارُ اللَّظى سِجنَا أيا عِلَّةَ الفَيضِ الإلهِيِّ إنَّ في=يَدَيكُم لَدَى الحَشرِ العُقُوبَةُ و الأمنَا فَمِنُّوا على مَن أَمَّكُم بِرَجَائِهِ=فَمَا حَسَنٌ إلَّا بِكُم حَسَنُ الظَّنَّا و أصلي و فَرعي صاعِداً مُتَنَازِلاً=و ما نَسَلا من كانَ مَولىً لَكُم قَنَّا و خِلِّ خَلِيِّ مِن نِفاقٍ و مُنشِدٍ=و واعٍ و ذي بَرٍّ بِنا إن يَكُن مِنَّا عَلَيكُم صَلاةُ اللهِ تَترَى مَتَى دَعَا=إلهُ الوَرَى داعٍ بِأَسمائِهِ الحُسنَى

Testing
عرض القصيدة