في مدح الإمام علي (ع)
أحمد بن محمد الرفاعي السبعي
في مدح الإمام علي (ع)
خمَّس فيها قصيدة الشيخ رجب البِرسي :
أَعيَتْ صِفاتُكَ أهلَ الرأي والنَّظرِ=وأورَدَتْهم حياضَ العَجزِ والحصرِ
أنتَ الذي دَقَّ مَعناهُ لِمُعتبِرِ=يا آيَة الله بَلْ يا فِتنَةَ البَشَرِ
يا حُجَّةً بل يا مُنتَهى القَدَرِ
عَن كَشفِ مَعناكَ ذُو الفِكرِ الدَّقيقِ وَهَنْ=وَفيكَ رَبّ العُلى أهلَ العُقولِ فَتَنْ
أنَّى تحدْكَ يا نور الإلَهِ فَطنْ=يَا مَن إليهِ إشارات العُقولِ ومَنْ
فَفي حدوثِك قَومٌ في هَواكَ غَوُوا=إذْ أبصَرُوا مِنكَ أمراً مُعجِزاً فَغلُوا
حَيَّرْتَ أذهانَهُم يَا ذَا العُلَى فعلُوا=هَيَّمتَ أفكارَ ذي الأفكارِ حِين رَوُوا
آيَاتَ شَأنِكَ في الأيَّام والعُصُرِ
أوضحْتَ للنَّاسِ أحكاماً مُحرَّفةً=كمَا أبَنْتَ أحاديثاً مُصحَّفةً
أنتَ المقدَّس أسلافاً وأسلفَةً=يا أولاً آخراً نوراً ومعرِفةً
يا ظاهراً باطناً في العَينِ والأثَرِ
يا مُطعِمَ القُرصِ للعَانِي الأسيرِ ومَا=ذاقَ الطعامَ وأمسَى صَائِماً كَرمَا
ومُرجِع القُرصِ إذ بَحر الظَّلام طَمَا=لكَ العِبارة بالنُّطق البليغِ كَمَا
لَكَ الإشارة في الآيات والسّوَرِ
أنوارُ فضلِكَ لا تُطفِي لَهُنَّ عِدَا=مهما يُكتِّمُه أهلُ الضَّلالِ بَدَا
تخالَفَتْ فيكَ أفكارُ الورى أبَدَا=كَمْ خاضَ فيكَ أُنَاس فانتهوا فغَدَا
مَغناكَ مُحتجِباً عن كُلِّ مُقتدِرِ
لولاك ما اتَّسَقت للطُّهر مِلَّتُهُ=كَلاَّ ولا اتَّضحَتْ للنَّاس شِرعَتُهُ
ولا انتَفَتْ عن أسير الشكِّ شُبهتُه=أنت الدليل لِمَن حارَتْ بَصيرتُهُ
في طَيِّ مشتَكلاتِ القَولِ والعِبَرِ
أدركْتَ مَرتَبةً ما الوهمُ مُدرِكُهَا=وخُضْتَ مِن غَمَراتِ المَوتِ مُهلِكُهَا
مولايَ يَا مَالِكَ الدُّنيا وتارِكَهَا=أنتَ السفينَة مَن صِدْقاً تَمَسَّكَهَا
نَجَا ومَن حَادَ عَنها خَاضَ في الشّرَرِ
ضَربْتَ عن تالدِ الدُّنيا وطَارفِهَا=صفحاً ولاحظْتَهَا في لَحظِ عَارفِهَا
نقدتَهَا فِطنَةً في نَقدِ صَيرفِهَا=أنتَ الغني عَن الدنيا وزَخرفِهَا
إذ أنتَ سَامٍ على تَقوى مِنَ البَشَرِ
مَنْ نورُ فضلك ذو الأنوارِ مقتبِسٌ=ومِن عُلومِك رَبّ العِلم يلتمِسُ
لولا بَيَانُك عادَ الأمر يَلتَبِسُ=فليسَ مِثلك للأفكار مُلتَمِسُ
ولَيسَ بَعدَك تَحقِيق لِمُعتَبِرِ
جَاءَتْ بتأمِيرِكَ الآياتُ والصُّحُفُ=فالبعضُ قَد آمنوا والبَعضُ قَد وقَفُوا
لولاكَ مَا اتفَقوا يَوماً ولا اختَلَفُوا=تفرَّقَ النَّاس إلاَّ فِيكَ فاختَلفوا
فالبعضُ في جَنَّةٍ والبَعضُ في سَقَر
خَير الخَليقَةِ قَومٌ نَهجَكَ اتَّبعَتْ=وشرّها مَن عَلى تَنقيصِكَ اجتَمعَتْ
وفِرقةً أوَّلتْ جَهلاً لِمَا سَمعتْ=فالنَّاس فيكَ ثلاث فِرقةٌ رفعَتْ
وفِرقَة وَقَعتْ بالجهلِ والغدرِ
جاءَتْ بتعظيمِكَ الآياتُ والسوَرُ=فالبعضُ قد آمنوا والبعضُ قد كَفَرُوا
والبعضُ قد وقفُوا جَهْلاً وما اختَبرُوا=وكمْ أشارُوا وكَم أبدَوا وكَم سَترُوا
والحقّ يظهَر مِن بَادٍ ومُستَتِرِ
أقسمْتُ باللهِ بَادي خَلقنا قَسَماً=لَولاكَ ما سَمَكَ اللهُ العظيمُ سَمَا
يَا مَن سمَاه بأعلَى العَرشِ قَد رسمَا=أسماؤك الغُرّ مثل النيِّراتِ كَمَا
صِفاتُكَ السَّبع كالأفلاكِ والأكرِ
أنتَ العَلِيم إذا رَبّ العُلومِ جَهَلْ=إذ كُلّ عِلم فَشَا في النَّاس عَنكَ نُقِلْ
وأنت بابُ الهُدَى تَهدِي لُكلِّ مُضِلّ=وَوُلدِك الغُرّ كالأبراج في فَلَك الْكل
مَعنَى وأنتَ مِثالُ الشَّمسِ والقَمَرِ
أئمَّةٌ سُوَرُ القرآنِ قد نَطَقَتْ=بِفَضلهِم وبهم طُرُق الهُدَى اتَّسَقَتْ
طُوبَى لِنفسٍ بهم لا غَير قد وثقَتْ=قومٌ هُمُ الآلُ آلُ اللهِ مَن عَلقَتْ
عليهِمُ مُحكَمُ القرآن قد نَزَلا=مفصِّلاً من معاني فَضلِهِم جُمَلا
هُم الهداة فلا نَبغي بِهِم بَدَلا=شَطر الأمانة موَّاج النَّجاةِ إِلى
أوجِ العُلوم وكَمْ في الشَّطرِ مِن عِبَرِ
للطفِّ سِرّك مُوسَى فَجَّر الحَجَرا=وأنتَ صاحبُه إذ صاحَبَ الخِضرَا
وفيكَ نُوحٌ نَجَا والفُلكُ فيه جَرَى=يا سِرَّ كُلِّ نَبيٍّ جاء مُشتهِرا
وسِرَّ كَلِّ نبيٍّ غَير مُشتَهِرِ
يلومُني فيك ذُو بَغيٍ أخو سَفَهٍ=ولا يَضرُّ مُحِقاً قول ذِي شَبَهٍ
ومَن تَنزَّه عن نِدٍّ وعن شَبَهٍ=أَجَلّ قَدركَ عَن قولٍ لمُشتَبِهٍ
وأنتَ في العَينِ مثل العَينِ وفي الصورِ