توارثتُ حُبَّكَ عبرَ الدموع=فأودعتُه في حنايا الضلوع
وما أنْ ذكرتُكَ بالوجدِ إلاَّ=وحرَّم ذِكرُك طيبَ الهجوم
فيا من ورِثتَ كيان الرسو=ل وسرَّ البتول وحبَّ الجموع
وأشرقتَ نوراً بعمقِ الزما=ن فهامَ الزّمانُ بذاك الطلوع
وألفاكَ طِفلاً بحجرِ النبيّ=فبأهى السماءَ بذاك الرضيع
يُحيط بجنبيهِ أهلُ الكساءِ=وكلٌّ يقبّلُهُ في خشوع
فهاجَ الملائكُ في بَهجة=وطافوا من العرش طوف الخضوع
وجبريلُ يهبط بالبُشريات=وفطرسُ يسأله عن شفيع
فناداه دونكَ مهدَ الحسين=تَنَلْ عنده بانفراجٍ سريع
فيا أيها المهد ماذا حويتَ=فأمَّلَهُ كلُّ قلب مروع
لقد عرفتكَ مَلاكُ السما=وما سوف تلقى بُعيد الشفيع
فقلبُ النبي سعيدٌ به=وبالحسن السبطِ زهيرِ الربيع
فنادى النبي وسمع الزما=ن يصيحُ له بين تلك الجموع
(إمامان قاما هما في الخطوب=وإن قعدا) عند أمرٍ فضيع
فيا من حملتَ جمالَ النبيِّ=وهيبةَ حيدرةٍ في الطلوع
ومنْ فاطم كلَّ معنى الجلالِ=وسراً تكامَنَ بين الضلوع
تقاسمتَ والمُجتبى في الحياة=دَورَيْن فازدهرا في الربوع
فذاك أتم له حجة=بصُلعٍ أميَّةَ غير خَنوع
بأن معاويةَ لم يُرِدْ=لهذي الرسالة غير النزوع
سوى أن يُحكَّمَ فوق الرقابِ=وإن فاضَ أنهارها بالنجيع
فيجتثَّ ما قد بناه الرسول=ويُرغمَ أصحابَهُ بالخضوع
فلما تراءى لدى المسلمين=وبانت جرائمهم للجميع
وإن يزيداً تولّى الزِمامَ=يُحيط به كل وغدٍ ضليع
نهضتَ على قِلَّةِ الناصرين=لتنقِذَ ديناً هوى للهجوع
وقدَّمت لله أبهى الوجوه=من الغرر الزهِر غيرَ جزوع
من الصَّحب لا مثلهم في الصحاب=عهدنا لموسى ولا في اليسوع
ولا عرفَ الدهرُ من عصبة=تسارع للموت سيرَ الولوع
وأبناك كلّ عَلٍ أشوسٍ=أطل عليهم كزهر طليع
فقدَّمتَهم كرماً للإله=ولم تُبقِ حتى دماء الرضيع
تراموا حواليك شُمَّ الأنوف=من كل أزهرَ شهمٍ صريع
فشيَّدتَ صرحك ترقى به=إلى العرش في خير سد منيع
فيا من أُصيبت به أمةٌ=بما لم تُصبه بأمرٍ فجيع
فقد قطَّعوا فيك قلبَ النبي=وداسوا لفاطمَ خيرَ الضلوع
وأنت تصارعُ حرَّ الظّما=وسيفاً علاك لوغد وضيع
سألتُ الملاكَ ملاكَ السماءِ=من الوافدين لمهد الرضيع
فهلاّ عرفتِ الحسيَن الذبيحَ=على الأرض ظلَّ برأس قطيع
ووعد الإله لآت لنا=ومهديُّنا عازم للطلوع
وثاراتنُا من دماء الحسين=وكلِّ شهيد بقتل فجيع
هنالك حيث يعود الحسين=يفوح لنا مثل زهر الربيع