في مدح أمير المنؤنين علي (ع)
لا تحسبي أنّي جفوت وإنّما=آثرت أن أنسى هوى لم ينفعِ
وقصدْتُ وجه أحبّة في حبّهم=هام الخلائق فاعذليني أوْ دَعي
أحببت صهر المصطفى ووصيّه=ذاك الملقّبَ بالبطين الأنزعِ
بعل البتول يزفّه ويزفّها=ركبُ الملائك للمقام الأرفعِ
مولود بيت الله جاء يحفّه=نور الإمامة والتقى من أربعِ
هو من بمكّةَ كان أوّل مسلم=للاّت أو لمناة لمّا يركعِ
وهو المراد بقول كُرّم وجههُ=قُصرت عليه ومالها من مدّعي
وهو الذي والى الرسول بمكّة=إذْ ناهضوه بكلّ فعل أشنعِ
وهو الذي ملا الفراش بليلة=حين القبائل أقبلت في مجمعِ
لتنال من طه وتطعن صدره=شُلّت يد الدهماء إن لم تُقطعِ
حتّى إذا انبلج الصباح بنورهِ=وجدوا عليّاً راقداً في المضجعِ
واذكره في بدر يبارز جحفلاً=الجند فيه تدثّروا بالأدرعِ
واذكره في أُحد ، ودونك شأنها=ثبتت جوانحه ولم يتزعزعِ
وبخندق الأحزاب جندل فارساً=يخشاه كلّ مدجّج ومدرّعِ
وهو الذي في خيبر دانت له=اعتى الحصون وأوذنت بتضعضعِ
وهو الذي حمل اللواء مؤذّناً=في يوم فتح بيّن ومشعشعِ
فإذا أتى يوم الغدير تنزّلت=آيات ربّك كالنجوم اللمّعِ
قم يا محمّد ، إنّها لرسالة=إن لم تبلّغها فلست بصادعِ
وقف الرسول مبلّغاً ومنادياً=في حَجّة التوديع بين الأربُعِ
وأبو تراب في جوار المصطفى=طلق المحيّا كالهلال الطالعِ
رفع النبيّ يد الوصيّ وقال في=مرأى من الجمع الغفير ومسمعِ
من كنتُ مولاه فهذا المرتضى=مولى له فبخ بخ لسميدعِ
وسَعَتْ جموعُ الناس نحو أميرها=ما بين مقطوع الرجا ومُبايعِ
وصَّى بها موسى وهذا أحمدٌ=وصّى أخاه فذلَّ من لم يبخعِ
مهما مدحتك يا علي فألكن=ومقصر في الحقّ مهما أدّعي
من جاوز الجوزاء يعجز دونه=مثلي وأهل الشعر لو جُمعوا معي
أنت الذي شرع الإمامة فاتحاً=طوبى لكم من خاتم أو شارعِ
يا والد الحسن الزكي وسيّد=الشهداء أوفى الأوفياء التابعِ
وعليِّ السجّاد زينِ العابدين=الزاهد المتهجد المتورِّعِ
والباقر العِلْم الشبيهِ محمّد=الحاضرِ الراضي الشكور الجامعِ
والصادق المنْجي المحقّق جعفر=كنز الحقائق والفقيه الضالِع
والكاظم الغيظ الوفيّ بعهدهِ=موسى الصبور على البلاء الخاشعِ
وغريب أهل البيت قرّة عيننا=كفؤِ الملوك وعِزِّ كلِّ مدفَّعِ
ومحمّد ذي النور يسطع حوله=هذا الملقّب بالجواد القانعِ
وعليٍّ الهادي النقيّ المرتضى=الناصح المفتاح دونك أوفَعِ
والخالص الحسن الكتوم لسرّهِ=العسكريّ الشافع المستودَعِ
مهما تبعتك يا عليُّ فعاجزٌ=من للكسيح وراء سهم مسرعِ
أنت الشهاب أبو الشهاب وكلّكم=شهب تحلّق في الفضاء المهيَعِ
أنت الأمير أبو الأمير وكلّكم=أُمراءُ عزّ في زمان خانعِ
أنت الإمام أبو الأئمّة من لكم=خُلِقَ الوجود وما أنا بالصاقعِ
أنت الشهيد أبو الشهيد وكلّكم=شهداء حقّ في العصور مُضيَّعِ
بيد الأولى سلبوا الولاية عُنوةً=وتوارثوها ذات يوم مُفجعِ
ويد الأولى في مكّة قد أُطلقوا=والأدعياءِ ذوي الدعيّ ابن الدعي
والطامعين الطالبين مناصباً=والساقطين من اللئام الوُضَّعِ
القلبُ ضاق بقيحه وجراحهِ=والعين كمهاء بفيض الأدمعِ
فإذا شكوتُ فللذي يُشكى له=وإذا فزعتُ فحيدرٌ هو مفزعي
وهو الملاذ إذا المقابر بُعثرت=وسُئلتُ هل من ناصر أو شافعِ
شايعتُ من رُدّتْ له الشمس التي=رُدّت إذا حلَّ الغروبُ ليوشعِ
فإذا مَدَحْتُ فمدحتي مبتورةٌ=إن لم تكن مقرونة بتشيّعي