في ولادة الرسول (ص)
ذكراكَ باقية مدى الأعوامِ=يا خيرَ مولود لخير أنامِ
الأرض حين وُلدْتَ حجّت للسما=والكون منذ وُلِدْت في إحرامِ
والكعبة العصماء شعت بالسّنا=من فيض نور الوحي والإلهامِ
يا مصطفى والمصطفوْن جميعهم=خُتموا بأفضل مصطفى وختامِ
بشرى بمولدك الكريم وفرحة=عمّت ربوع العُرْب والأعجامِ
الفارق التقوى فكلّ من اتقى=عند الإله يُخصّ بالإكرامِ
يا والدَ الزهراء أنقذتَ الدنَى=من نعرة وجهالة وظلامِ
صلّى الإله عليك في عليائه=وصلاته قد أُتبعت بسلامِ
الدين قد أكملته ورضيته=ديناً وتمّت نعمة بإمامِ
فمن ابتغى ديناً فدينك وحده=لا يُبتغى دين سوى الإسلامِ
ناجيت وجهك والضريح لثمته=فارتاح قلبي حين نلتُ مرامي
لما أتيتك زائراً وملبياً=بين الحجيج تلفني آثامي
ما بين بيتك قد أقمتُ ومنبر=في روضة مفتوحة الأكمامِ
ودعوتُ أنْ لبيك فرّج كربتي=باسم اللطيف مطبب الأسقامِ
واشفع لمرء غارق في ذنبه=يوم المعاد ودهشة الأقوامِ
فمنحتُ سؤلي والدعاء قبلته=وغمرتني بالعفو والأنعامِ
وهناك في أُمّ القرى رافقتني=عند الطواف وكنت ثَمّ أمامي
حين التزمتُ الركن واستلمت يدي=حجراً حفا بالسعد والأعظام
طهّرتني ورويتني من زمزم=فاخضرّ قلبي بعد عمر ظامي
ومن الصفا حتّى الوصول لمروة=باركتَ سعيي مثلما إحرامي
وعلى الحجون وقفت استجلي مدىً=تلك العهود وسالف الأيّامِ
عانقتُ ذاك وذاك أعطاني يداً=فالتَامَ جرحي إذ وَجدت أُوامي
ومتى وصلت إلى الجمار وجدتُني=أسترجع التاريخ مذ إبرامِ
فرميت إبليس اللعين مجسَّداً=وفديتُ إسماعيل بالأنعامِ
أهلاً بمولدك الشريف ومرحباً=بالذكريات وعاطر الأنسامِ
يا جامع القوم الذين بحولِه=ألّفت بين قلوبهم بوئامِ
ألّفتَ بينهمُ ولولا ربّنا=ما كان لو انفقت كلّ أدامِ
هم صدّقوك وآمنوا فعصمتهم=بالحبل حبل الله خير عصامِ
هم ناصروك فاصبحوا بك أُمّةً=من بعد غبراء وطعن حسامِ
ونسُوا بفضلك داحساً ونوازلاً=شاب الرضيع بهنّ دون فطامِ
واليومَ ها نحن الذين جمعتَهم=متفرّقون مقطعو الأرحامِ
لولا المذاهب والطوائف والهوى=وتعددُ الأحزابِ والأحزامِ
لولا الدناءة والتصاغر والخنا=وسفاهة الآراء والأحلامِ
لولا قبائلنا التي في نومها=قنعت ومر الوقت دون قيامِ
لتوحّد الشمل الذي من أعصر=قد شتتته دسائس الحكّامِ
يا داعياً للهِ ربّاً واحداً=ومحطّمَ الأوثانِ والأصنامِ
يا من أقمت حكومة شرعية=أنْعم بها من سلطة ونظامِ
العرشُ منبعها ورافدُهها الذي=ممّا يضمّ يجود بالأحكامِ
وكتابها القرآن نور ساطع=لا ريبَ فيه هدىً لكلّ مرامِ
أنشأْتَها والعدلُ كان عمادَها=أكرم به من قائم ودعامِ
ومن الحقيقة صغتها وعلى النُّهى=أسّستها فخلت من الأوهامِ
ومن التساوي والآخاء صنعتها=فالكلّ راع دونما أغنامِ
ومشيت فيها بالرشاد وبالتقى=لا بالحديد ورهبة الصَّمصامِ
يا ليت أُمّتك التي كادوا لها=فَغَدَت مقسمة إلى أقسامِ
تدع التعصّب والتشرذم جانباً=وتفرُّقَ الرايات والأعلامِ
فالمسلمون وإن تناسوا أُمّة=رغم الجراح وشدّةِ الآلامِ
والمسلمون وان تناءوا أخوة=لا فرق بين الفارسي والشامي