أقلع الصبح منذ الصباحِ .. وأبحرت الشمس فجراً إليكِ
وبات الحبيب يصوغ أماني الوصالِ
ويطلي بلون النهار جفونَه ..
قد ضممناه بين الحنايا .. رجاءً فريداً .. وعشنا نهدهده في القلوبِ
ونمسح بالاقحوان جبينَه
قد عشقناه قبل الوصولِ .. وبتنا على عتبات ( الرضا )
نرقب القادمين إلى الأرضِ .. فوجاً .. ففوجاً
وهم يحملون خزائن أُمّ الكتابِ
وذخرَ الكنوزِ الدفينَه
إنّه الله أبدع وجهاً جميلاً .. وسمّاه باسم النبيّ الكريمِ .. وصلّى عليهِ
وكحّل بالمعجزاتِ عيونَه
فان لم يكنه ( الجوادُ ) ..
فمن ذا يحقّ له في الورى .. أن يكونَه ..
مكّةٌ أرهفت سمعها للنشيد المذهّبِ
.. والموج .. والوحي
.. والمستحيلْ
أيّ هذا الصبيّ المتوج بالعلم والحُكمِ .. يحمل في راحتيه النجومَ
ويخطو كما الحلم بين النخيلْ
أيّ هذا الموشح بالمخمل اليثربيِّ .. يزقزق كالعندليب على الغصنِ
في دوحة المصطفى
أيّ هذا الصبيّ الجميلْ ..
يا ابن سبع سما .. فوق عرش الملوكِ
وخبّأ في مقلتيه الإمامةَ .. ثمّ تولّى ليدفن بين ضلوع الثريّا
أباه القتيلْ ..
من سيمتار قمحاً وماءاً .. ويقصد باب قريش
ويمنح تلك المراعي صباها .. ويرسم فوق خدود الخيامِ
اشتعال الشروقِ وزهو المرايا
ووهج الحقولْ ..
قد تناءى عن البيت وجه القبيلةِ .. في رحلة الموتِ
ثمّ استراحت قوافلنا عند طوس .. وسوّت على العشب مهداً طريّاً
لتسجد بين يديه الفصولْ
ما الذي يحدث الآن لو أنّ جبريلَ يأتي
ويمثل بشراً سوياً نراهُ .. وينفخ من روحه في قرانا .. صدىً عبقريّاً
فتنهض بعد الثبات الطويلْ
مزّقتنا حراب البوادي .. وشقّت بطونَ الحواملِ .. حتّى استحمت بدمنا الحرامِ
رمالُ السهولْ ..
أيّ هذا الوليد هلالاً .. يحلق في جنبات المساءِ
ويلمع فوق رموش الأصيلْ
كانت الخيل جمحت .. على شاطئ الصمتِ .. ثم ولدتَ
فعاد الحجيج إلى كعبة الوجدِ .. من كل فج عميق .. وعادت لنا قبلتانا
وعادت إلينا الخيولْ
أيّ هذا ( الجواد ) المجنحُ
في عرصات الكرامِ .. غمرت الوجود بفيض نداكَ
فلم تُبق في الكون شيئاً بخيلْ ..
كانت الأرض تطوي مدار السرابِ .. فلما أتيتَ .. رأت فيك عيناً تفور ..
حليباً وكوثر عسل ودلتا ونيلْ ..
يا ابن مارية حسبُ مصرَ افتخاراً
بأن شايعتك حفيداً
وحسب الكنانة أن صاهرت .. جدّك المصطفى ..
يا حفيد الرسولْ ..