ذكـــــــــــــــرى الـــــــوصَـــــــيْ
ذكـرى: وهـل تـنفع الأحداث
والذكرُ إن لـم يـكن لـلورى فـي طـيّها
عبرُ
ذكرى: وما ذِكَر الماضي سوى صور بـيـضاء، يـكـمن فـيها الـثأر
والـحذرُ
تـبـدو لـتـبعث مــن تـاريـخنا
عـظـةً يـسـمو بـهـا غـدنـا الآتــي
ويـزدهـرُ
وتـلـهم الـجـيل مــن آيـاتـها
ســوراً تـشـيـع فـيـهـا لــنـا الآراء
والـفـكـرُ
والـذكـريات: مـثار الـوعي..
تـلهمنا مــن هـديـها مـا بـه نـسمو
ونـفتخرُ
وقـبسة الـحق فـي شـعبٍ
تقاسمه حـكّـامـه، وأضــلّـت عـقـلـه
الـنـذرُ
ويـقـظة الـروح فـي دنـيا
مـساومةٍ يـسـود فـيـها عـلـينا الـخائن
الأشـرُ
ووثـبـة الـعـدل والـتحرير، فـي
بـلد طـغى بـه الـجور حـتى كـاد
يـنفجرُ
صـونوا بـها (غـدكم) كـيما تـرون
به جـيـلا يــرفّ عـليه الـبأس
والـظفرُ
فـمـا (غــدٌ) غـيـر زرع قــد
تـعـهّده (مـاض) فـازهر فـيه الـخير
والـثمرُ
ذكــرى الـوصـي: وكـم قـمنا
نـشيد بـها دهـراً تـوالت به الأحداث
والغيرُ
وكــم سـبكنا الـقوافي فـي
مـآثرها مـدحـاً تـفـيض عـلـى أوزانــه
الـدرُ
كـأنـما هــي مـلهاةٌ، نـسخّرها
لـلّهو إمَّــــــا دعـــانـــا اللهو
والــســمـرُ
ونـحـن والـجـور والـطغيان
يـحرقنا بــنـاره، ولـهـيـب الـظـلـم
يـسـتعرُ
نــمـرُّ فـيـهـا ســراعـاً.. لا
تـحـرِّكنا أحـداثـها، أو تـقـوّي عـزمـنا
الـذكـرُ
نـزجي لـها الـنغم الـمذبوح
مـرتجفاً يـــذوب مــنـه عـلـى أنّـاتـه
الـوتـرُ
مـا قـيمة الشعر إن لم يبنِ
مجتمعا حــرّا تـسـير عـلى مـنهاجه
الـعُصُرُ
ســرّ الــولادة.. دنـيـا فــي
جـوانبها يـسمو الـخيال، ويغفو الظل
والثمرُ
دنــيـا، يـصـوّرهـا الـتـاريخ
مـعـجزةً تـهـوي عـلى جـانبيها الأنـجم
الـزهرُ
ويـبصر الـفكر فـيها مـن دقـائقه
ما لـيـس يـدركـه فــي نــوره
الـبـصرُ
اشـعـاعةً مـن وراء الـغيب
يـسكبها وحـــيٌ تـشـع بــه الـدنـيا
وتـزدهـرُ
تـحوطها هالةٌ قدسية رفعت غشاوةً عـــــن ولـــيــد ســــوف
يـنـتـصـرُ
وشـام فـيه (عـلياً) فـي تـألّقه
رمزاً مــن الـعـدل تَـجـلى عـنـده
الـصورُ
ســرّ الــولادة دنـيـا رفَّ فـي
غـدها هـدى الـكتاب، فـلا خـوفٌ ولا
حـذرُ
دنـيـا مــن الـحق مـرساةٌ
قـواعدها يـحـوطها الأبـلـجان الـعـز
والـظـفرُ
تـمـخضت عــن حـيـاةً حـرّة
بـعثت روح الـجـهاد، فــلا ضـعفٌ ولا
خـورُ
تـسـير والـديـن والـقـرآن
يـغـمرها بـوحـيه، وجـيـوش الـشـرك
تـندحرُ
وحـيـدرٌ يـتـلقاها، وفـي يـده
سـيفٌ مــن الـحـق يـطـغى عـنده
الـخطرُ
يــرمـي فـيـحـصد أرواحـــاً
مـلـوّثةً بـالـمـوبقات فـــلا يـبـقـي ولا
يــذرُ
وهـكذا سـار ركـب الـدين: في دعةٍ روحـيـةٍ لـيس يـغشى صـفوها كـدرُ
والـوحـي يـبـعث مـن قـرآنه
نـظما لـلكون، يـعجز عـن إدراكـها
الـبشرُ
قـرآن حـق، وكم من حكمةٍ
ظهرت فـيـه، وكــم مــن مـجالي آيـه
عـبرُ
يـمـهّـد الــدرب لـلأجـيال،
يـغـرسه زهــراً، تـمـوج بــه الـنّعمى
وتـنهمرُ
والـديـن أنـشـودة الأرواح مـاج
بـها سـمع الـحياة، وشـعّت عندها
الفكرُ
يُـلـقي بـأعـماقنا مـن وحـيها
صـورا لـلـحـادثات، لـيـبـقى بـعـدها
الأثــرُ
(وأحـمـدٌ) (وعـليٌ) يـبعثان بـها
مـن ثـــورة الـحـق مــا يـعـلو
ويـشـتهرُ
هــــدىً دعـامـتـه حـــقٌ
وتـضـحـية ودعـــوةٌ يـتـهـاوى عـنـدهـا
الــقـدرُ
يـا سـيّدي، يـا إمـام الـعدل
مـعذرة فــقـد تـبـدّل مـنـا الــرأي
والـنـظرُ
بـعـثته مـثـلاً أعـلى يـنير لـنا
طـرق الــهــدايـة إمَّــــا خــانـنـا
الــبـصـرُ
وقـلـت هــذا سـبـيل الـعدل
مـنبلج أمـامـكـم، ومـعـين الـحـق
مـنـهمرُ
حتى مضى الفجر لم نحفل
بطلعته ولــم يـقـم فـي مـجالي أفـقه
نـذرُ
وأصـبـح الـديـن فــي أفـواهنا
كَـلِماً نـقـولها، ثــم تـمضي وهـي
تـستعرُ
يـمـدُّنـا الـغـرب بـالـنجوى،
فـنـتبعه عُــمـي الـبـصـائر، لا رأيٌ ولا
فِـكَـرُ
ويـبـعث الــرأي مـسـموماً فـتـلقفه أرواحــنـا بـخـشوع وهــي
تـحـتضرُ
كـأننا لـم تـقم فـي أفقنا فِكَرٌ
تهدي الـصـواب، ولــم تـنـصب لـنا
سـررُ
ولـم نشيّد من الأيمان مملكةً
يهوي لــهــا الــمـلـك إعــظـامـاً
ويـنـدثـرُ
مـاضٍ لـمس بـه أقصى السماء
عُلاً مـضى، ولـم يـبق إلاّ الحزن
والذكرُ
فـابـعث لـنـا قـبس الأيـمان
مـؤتلقاً عـسـى يـعود لـنا الـماضي
فـتزدهرُ