أنناجيك - في مولد الحجة (عج) السيد محمد حسين فضل الله
طهران 30 رجب 1392 ه - في ذكرى مولد الإمام المهدي (عج)
أننَاجيك في مولد الحجة (عج)
أنناجيك، والنجاوى تطولُ=حسبها منها أنك المأمولُ
لوعةٌ نحن، ها هنا، وجراحٌ=تتنزَّى في وعينا، وتسيلُ(1)
كلما امتدّت الحياة وطال الدر=ب، واشتدّ بالسؤال، السؤول
وأطالوا الحديث في السِّرِّ والإعلا=ن، ماذا قالوا؟ وماذا نقولُ
وحكينا لهم أحاديث من عا=شوا طويلا.. إن قيل عمر طويلُ
ردّنا للحقيقة البكر وحيٌ=خالد، شدّ آية التنزيلُ
أنت كالشَّمس في هدانا وإن=ضلَّت بمعناك، في الدَّياجي، العقولُ
أنناجيك، كيف يسمو بنا القو=لُ، وماذا؟ إذا دهانا المُحولُ(2)
أيًّ لفظٍ لم يُبتذل(3)، أيًّ معنىً=لم يتاجر به خؤون جهولُ
أيًّ دمعٍ في الأعين الحمر لم=يُس فح رياءً، إن أعوزتنا الحلولُ
أيُّ فكرٍ لم نهدر الطَّاقة الكُب=رى به للطُّغاة حين يجولُ
أنُنَاجيك للشّكاوى التي تل=تاعُ فينا وترتجي، وتميلُ
بين يكوى تهزّنا بحديث الظلم،=طوراً يخبو، وطوراً يصولُ
وشكاوى تنعى لك الدِّين والدُّن=يا، ويشتدُّ بالنَّعي العويلُ
أيّ شكوى لم تصطنعها خطايا=نا، لم تجر في مداها الخيولُ
أيّ ظلم لم تنتصر فيه للظا=لم منّا، أسنّةٌ ونصولُ
من هم الظالمون؟ من أين جاؤا=أين كانوا؟ ومن هو المسؤولُ
نحن سوط الطغيان، نحن سيوف=البغي، يستلُّها الدَّعيُّ الدَّخيلُ(4)
كان فرداً وجاء زيد وعمرو=حوله، ثم عامر وعقيلُ
ثم أغرى بالمال كل ضعيف=حلمه في المدى، عطاء جزيلُ
ثمَّ مدَّ السِّماط(5)، وامتدَّت الأي=دي، فهذا هو الجوادُ المنيلُ
ثم أهوى بالسوط يلسع فيه=كل حرٍّ لا ينحني أو يزولُ
فإذا بالنِّفاق، في مهرجان الشِّع=ر، يزهو بمدحه ويطولُ
هوذا المصلح الكبير فمن ذا=يتحدّى الإصلاح، أين العذولُ؟
وتعود السياط تهوي عليه فهي=تدري أن النفاق ذليلُ
وتدور الدُّنيا، فهذا الذي صفَّق=للظُّلم، وهو غرٌّ(6) عليلُ
هو ذا في السُّجون يغضي(7) ع=لى الذلّة، وهو المعذَّب المغلولُ
وينادي: عجِّل لنا الفرج الأك=بر، إنَّ الحياة عبءُ ثقيلُ
هو عبء الحياة أثقل دنيا=ها فعاشت، بالزيف، هذي الفلولُ
نحن نرجوك من جديد، لكي=تظهر فينا، ليستريح القبيلُ
لترينا أنَّ العقيدة لم تش=رق ليقتادها جبانٌ دخيلُ(8)
أو ليلهو بها دعيٌّ يعيش ال=عمر جهلاً، كما يعيش الكسولُ
أو ليستام وحيها تاجرٌ يل=هث في السُّوق حلمه المعسولُ
أو لتحيا لها جلالاً وجاهاً=يلتقينا به الصراع الطويل ُ
فإذا بالذين يحتضنون ال=حقَّ وحياً يسمو به جبريلُ
عادت الأمنيات تلعب فيهم=فهي دينٌ لهم ودنيا تدولُ
أيّهم يمسك الذرى بيديه فهو=ذاك العظيم، وهو الأصيلُ
أيُّهم ينشر اسمه كلَّما ام=تدَّ به العمر، فهو ذكرٌ جميلُ
أيَّ شيءٍ نرجو، أنرجوك لل=حقِّ، فها نحن جيشه المخذولُ
أيُّ حلمٍ نهفو إليه؟ ألم يق=تل لدينا حلم الحياة النَّبيلُ
ربَّما نرتجيك أن تقهر الزَّي=فَ، فهذا شعارنا المحمولُ
من ترى زيّف الحقيقة فينا=انه عندنا العظيم الجليلُ
دمعه يملأ الجفون، وان شا=ء اصطياداً، فبسمةٌ تستميلُ
حسبُهُ من سذاجة النَّاس أن يج=ري لديه التَّكبير والتَّهليلُ
ويعيش المزّيفون على اسم ال=حقِّ، الحقُّ بينهم مقتولُ
نحن نرجوك من جديد، لكي=تظهر فينا، فقد أُضيع السبيلُ
إنَّها حكمة الإله، فلا تب=لغ أسرارها لدينا العقولُ
غير أنّا نهفو إليك وفي الرو=ح حنين، وفي الحياة ذهولُ
نحن في وحشة الطريق حيارى=ولديك الهدى وأنت الدليلُ
****
Testing
(1) تتنزى: تسيل وتخرج بعض الإفرازات.
(2) المحول: جمع المحل، الشدة، الجدْب، انقطاع المطر ويبس الأرض.
(3) يبتذل: يفقد طرافته وقيمته.
(4) الدعي: المتهم في نسبه.
(5) السماط: جمعها سمط ما يبسط ليوضع عليه الطعام.
(6) غر: جاهل وغافل عن أموره.
(7) دخيل: الغريب المستعمر.
(8) يستام: يقطف.