في مناقب أمير المؤمنين
أبو الحسن مهيار الديلمي البغدادي
إن كنتَ ممن يلجُ « الوادي » فسل = بين البيوت عن فؤادي : ما فعل
وهل رأيت والغريب ما ترى = واجد جسمٍ قلبه منه يضل ؟
وقل لغزلان « النقا » : مات الهوى = وطلقت بعدكم بنت الغزل
وعاد عنكنّ يخيبُ قانصٌ = مَدّ الحبالات لكنّ فاحتبل
يا من يرى قتلى السيوف حظرت = دماؤهم ، الله في قتلى المقل
ما عند سكان « مِنىً » في رجلِ = سباه ظبيٌ وهو في ألف رجل
دافع عن صفحته شوك القنا = وجرحته أعين السرب النُجل
دمٌ حرام للأخ المسلم في = أرض حرامٍ ، يال « نعم » كيف حلّ ؟!
قلت : شكا ، فأين دعوى صبره = كُرّي اللحاظ واسئلى عن الخبَل
عنّ هواك فأذل جلدي = والحب ما رقّ له الجلد وذل
مَن دلّ مسراكِ عليّ في الدجي = هيهات في وجهك بدرٌ لا يدلّ
رُمتِ الجمال فملكت عنوةً = أعناق ما دقّ من الحسن وجل
لواحظاً علّمت الضرب الظبا = على قوامٍ علّم الطعن الأسل
يا من رأى « بحاجر » مجاليا = من حيث ما استقبلها فهي قِبل
اذا مررت بالقباب من « قبا » = مرفوعةً وقد هوت شمس الأصل
فقل لأقمار السماء : اختمري = فحلبة الحسن لأقمار الكِلل
أين ليالينا على « الخيف » وهل = يردّ عيشاً بالحمى قولك : هَل ؟
ما كنّ إلا حُلًماً روّعه = الصبحُ وظِلاً كالشباب فانتقل
ما جمعت قط الشباب والغنى = يدُ امرئٍ ولا المشيبَ والجذل
يا ليت ما سوّد أيام الصبا = أعدى بياضاً في العذارين نزل
ما خلتُ سوداء بياضي نصَلت = حتى ذوى أسود رأسي فنصل
طارقة من الزمان أخذت = أواخر العيش بفرطات الأول
قد أنذرت مبيضة ان حذّرت = ونطقَ الشيب بنصحٍ لو قُبِل
ودلّ ما حط عليك من سنى = عمرك أن الحظ فيما قد رحل
كم عِبرةٍ وأنت من عظاتها = ملتفتٌ تتبع شيطان الامل
ما بين يمناك وبين أختها = إلا كما بين مناك والأجل
فاعمل من اليوم لما تلقى غدا = أو لا فقل خيراً توفّق للعمل
ورِد خفيف الظهر حول اسرةٍ = إن ثقّلوا الميزان في الخير ثَقل
اشدد يداً بحب آل « أحمد » = فإنه عقدة فوزٍ لا تُحل
وابعث لهم مراثياً ومدحاً = صفوة ما راض الضمير ونخل
عقائلا تصان بابتذالها = وشاردات وهي للسارى عُقُل
تحمل من فضلهم ما نهضت = بحمله أقوى المصاعيب الذّلل
موسومةً في جبهات الخيل أو = معلّقات فوق أعجاز الإبل
تنثو العلاء سيّدا فسيداً = عنهم وتنعى بطلا بعد بطل
الطيبون أزراً تحت الدجى = الكائنون وَزرا يوم الوجل
والمنعمون والثرى مقطّب = [ من جدبه ] والعام غضبان أزِل
خير مصلّ ملكا وبشرا = وحافيا داس الثرى ومنتعِل
هم وأبوهم شرفاً وأمهم = أكرم مَن تحوي السماء وتُظِل
لا طلقاء منَعمٌ عليهم = ولا يجارون اذا الناصر قل
يستشعرون « الله أعلى في الورى » = وغيرهم شعاره « أعلُ هُبل »
لم يتزخرف وثنُ لعابدٍ = منهم يُزيغ قلبه ولا يضل
ولا سرى عرق الإماء فيهم = خبائث ليست مريئات الأكل
يا راكباً تحمله « عيدية » = مهوية الظهر بعضّات الرحل
ليس لها من الوجا منتصر = إذا شكا غاربها حيف الإطل
تشرب خمسا وتجر رعيها = والماء عدّ والبنات مكتهل
اذا اقتضت راكبها تعريسة = سوّفها الفجر ومنّاها الطفل
عرّج بروضات « الغرى » سائفا = أزكى ثرى وواطئا أعلى محل
وأدّ عني مُبلغا تحيتي = خير « الوصيين » أخا خير الرسل
سمعا « امير المؤمنين » إنها = كناية لم تك فيها منتحل
ما « لقريش » ما ذقتك عهدها = ودا مجتك ودها على دخل
وطالبتك عن قديم غِلّها = بعد أخيك بالترات والذحل
وكيف ضموا أمرهم واجتمعوا = فاستوزروا الرأي وانت منعزل
وليس فيهم قادح بريبة = فيك ولا قاضٍ عليك بوهل
ولا تُعدّ بينهم منقبة = إلا لك التفصيل منها والجُمل
وما لقومٍ نافقوا « محمدا » = عمر الحياة وبغوا فيه الغيل !
وتابعوه بقلوبٍ نزل « ال = فرقان » فيها ناطقاً بما نزل
مات فلم تنعق على صاحبه = ناعقة منهم ولم يرغِ جمل
ولا شكا القائم في مكانه = منهم ولا عنفهم ولا عذل
فهل ترى مات النفاق معه = أم خلصت أديانهم لما نُقل
لا والذي أيّده بوحيه = وشده منك بركن لم يزل
ما ذاك إلا ان نياتُهُم = في الكفر كانت تلتوى وتعتدل
وأن وَدّاً بينهم دل على = صفائه رضاهم بما فعل
وهبهم تخرصا قد ادعوا = أن النفاق كان فيهم وبطل
فما لهم عادوا وقد وليتهم = فذكروا تلك الحزازات الأول !
وبايعوك عن خداع ، كلهم = باسط كفٍ تحتها قلبٌ نغِل
ضرورة ذاك كما عاهد مَن = عاهد منهم « أحمدا » ثم نكل
وصاحب الشورى لما ذاك ترى = عنك وقد ضايقه الموت عدل
« والأمويُ » ما له أخرّكم = وخص قوماً بالعطاء والنفل
وردها عجماء « كسرويّةً » = يضاع فيها الدين حفظا للدول
كذاك حتى أنكروا مكانه = وهم عليك قدّموه فقبل
ثم قسمتَ بالسواء بينهم = فعظم الخطب عليهم وثقل
فشحذت تلك الظبا وحفرت = تلك الزبى وأضرمت تلك الشعل
مواقف في الغدر يكفي سُبةً = منها وعاراً لهم « يوم الجمل »
( وإن تكن ذات الغبيط أقلعت = بزعم من اكدّ ذاك ونقل )
( فما لها تمنع من دفن ابنه = لولا هناة جرحها لم يندمل )
يا ليت شعري عن أكف أرهفت = لك المواضي وانتحتك بالذبُل
واحتطبت تبغيك بالشر ، على = أي اعتذار في المعاد تتكل ؟!
أنسيت صفقتها أمسِ على = يديك ألا غيرٌ ولا بدل ؟
وعن حصان أبرزت يكشف باس = تخراجها ستر النبي المنسدل
تطلب امراً لم يكن ينصره = بمثلها في الحرب إلا من خذل
يا للرجال و « لتيم » تدّعي = ثأر « بني امية » وتنتحل
وللقتيل يلزمون دمه = وفيهم القاتل غير مَن قتل
حتى اذا دارت رحى بغيهم = عليهم وسبق السيف العذل
وانجز النكث العذاب فيهم = بعد اعتزال منهم بما مطل
عاذوا بعفو ماجدٍ معوّدٍ = للصبر حمالٍ لهم على العلل
فنحت البقيا عليهم مَن نجا = وأكل الحديد منهم مَن أكل
فاحتجّ قومٌ بعد ذاك لهم = بفاضحات ربها يوم الجدَل
فقلّ منهم من لوى ندامة = عنانه عن المصاع فاعتزل
وانتزع العامل من قناته = فردّ بالكره فشد فحمل
والحال تُنبي أن ذاك لم يكن = عن توبةٍ وإنما كان فشل
ومنهم مَن تاب بعد موته = وليس بعد الموت للمرء عمل
وما الخبيثين « ابن هندٍ » وابنه = وإن طغى خطبهما بعد وجل
بمبدعين في الذي جاءا به = وإنما تقفيا تلك السبل
إن يحسدوك فلفرط عجزهم = في المشكلات ولما فيك كمل
الصنو أنت والوصي دونهم = ووارث العلم وصاحب الرسل
وآكل الطائر والطارد = للصلّ ومن كلّمه قبلك صِلّ ؟!
وخاصف النعل وذو الخاتم وال = منهل في يوم القليب والمُعِل
وفاصل القضية العسراء في = « يوم الحنين » وهو حكم ما فَصَل
ورجعة الشمس عليك نبأ = تشعب الالباب فيه وتضل
فما ألوم حاسداً عنك انزوى = غيظا ولاذا قَدَمٍ فيك تزل
ياصاحب الحوض غداً لا حُلّئت = نفس تواليك عن العذب النهل
ولا تسلّط قبضة النار على = عنقٍ اليك بالوداد ينفتل
عاديت فيك الناس لم احفل بهم = حتى رموني عن يدٍ إلا الأقل
تفرّغوا يعترقون غيبةً = لحمي وفي مدحك عنهم لي شغل
عدلتُ أن ترضى بأن يسخط مَن = تقلّه الارضُ عليّ فاعتدل
ولو يشقّ البحر ثم يلتقي = فلقاه فوقي في هواك لم أبَل
علاقة بي لكم سابقة = لمجد « سلمان » اليكم تتصل
ضاربة في حبكم عروقها = ضرب فحول الشول في النوق البزل
تضمني من طرفي في حبلكم = مودّةٌ شاخت ودينٌ مقتبل
فضلت آبائي الملوك بكم = فضيلة الاسلام أسلافَ الملل
لذاكم أرسلها نوافذاً = لأمّ مَن لا يتقيهن الهبل
يمرقن زُرقاً من يهدي حدائدا = تنحى أعاديكم بها وتنتبل
صوائبا إما رميت عنكم = وربما أخطأ رامٍ من « ثعل »