في الظباء الغادين
أبو الحسن مهيار الديلمي البغدادي
في الظِباء الغادين أمس غزالُ = قال عنه ما لا يقول الخيال
طارق يزعم الفراقَ عتابا = ويرينا أن الملالَ دلالُ
لم يزل يخدع البصيرة حتى = سرّنا ما يقول هو محالُ
لا عدمتُ الأحلامَ كم نوّلتني = من منيعٍ صعبٍ عليه النوال
لم تنغّص وعداً بمطل ولو يو = جب له مِنّةً عليّ الوصال
فلليلي الطويل شكري ودينُ ال = عشق أن تُكره الليالي الطوال
لمن الظُّعُن غاصبتنا جمالا ؟ = حبذا ما مشت به الأجمالُ !
كانفاتٍ بيضاءَ دلّ عليها = أنها الشمس أنها لا تنالُ
جمع الشوق بالخليع فأهلاً = بحليمٍ له السلوّ عقال
كنتُ منه أيامَ مرتعُ لذّا = تي خصيبٌ وماء عيشي زلال
حيث ضلعي مع الشباب وسمعي = غَرضٌ لا تصيبه العُذّال
يا نديميّ كنتما فافترقنا = فاسلواني ، لكل شيء زوال
ليَ في الشيب صارف ومن الحز = ن على « آل أحمد » إشغال
معشر الرشد والهدى حَكَم البغ = ي عليهم سفاهةً والضلال
ودعاة الله استجابت رجالُ = لهم ثم بُدّلوا فاستحالوا
حملوها يوم « السقيفة » أوزا = را تخفّ الجبال وهي ثقال
ثم جاؤوا من بعدها يستقيلو = ن وهيهات عثرةٌ لا تُقال
يا لها سوءة إذا « أحمد » قا = م غداً بينهم فقال وقالوا
ربع هميّ عليهم طلَلٌ با = ق وتبلى الهموم والأطلال
يا لقومٍ إذ يقتلون « علياً » = وهو للمحل فيهم قتّال
وتحالُ الأخبار والله يدري = كيف كانت يوم « الغدير » الحال
ولسبطين تابعَيه فمسمو = مٌ عليه ثرى « البقيع » يُهال
درسوا قبره ليخفى عن الزوّار = هيهات ! كيف يخفى الهلال !
وشهيدٍ « بالطف » أبكى السموا = تِ وكادت له تزول الجبال
يا غليلي له وقد حُرّم الما = ء عليه وهو الشراب الحلال
قطعت وصلة « النبي » بأن تق = طع من آل بيته الأوصال
لم تنجّ الكهولَ سنّ ولا = الشبان زهد ولا نجا الأطفال
لهفَ نفسي يا آل « طه » عليكم = لهفةً كسبها جوىً وخَبال
وقليل لكم ضلوعي تهت = زّ مع الوجد أو دموعي تذال
كان هذا كذا وودّي لكم حس = ب وما لي في الدين بعدُ اتصال
وطروسي سود فكيف بي الآ = ن ومنكم بياضها والصّقال
حبكم كان فكّ أسرى من الشر = ك وفي منكبي له أغلال
كم تزمّلتُ بالمذلة حتى = قُمت في ثوب عزّكم أختالُ
بركات لكم محت من فؤادي = ما مَلّ الضلالَ عمّ وخال
ولقد كنت عالماً أن إقبا = لي بمدحي عليكم إقبال
لكم من ثنايَ ما ساعَدَ العم = رُ فمنه الإبطاء والاعجال
وعليكم في الحشر رجحانُ ميزا = ني بخيرٍ لو يُحصَر المثقال
ويقيني أن سوف تصدُق آما = لي بكم يومَ تكذب الآمال