أصبحوا يفرقون
أبو محمد عبد المحسن ابن غلبون الصوري
أصبحوا يفرقون من افراقي = فاستغاثوا في نكستي بالفراق
ما صبرتم لقد بخلتم على المدنف = حقا حتى بطول السياق
راحة ما اعتمدتموها بقتلي = رب خير أتى بغير اتفاق
سوف أمضي وتلحقون ولا علم = لكم ما يكون بعد اللحاق
حيث لا يجمع القضية من يجمع = بين الخصمين ماض وباق
ما لهم لا خلقت فيهم فما أغفل = قومي عن الدم المهراق؟!
رب ظهر قلبته مثل ما يقلب = ظهر المجن للإرشاق
بعد ما قادني فلم أدر حتى = صرت ما بين ملتقى الأحداق
وأراني أسير عينيك منهن = فماذا تراه في إطلاقي؟!
مسة من هواك بي لا من الجن = فهل من مغرم أو راق؟!
غير أن يبرد احتراقي بوصل = أو بوعد أو أن يبل اشتياقي
أو يعيد الكرى علي كما كان = لا موحشي من خيالك الطراق
ما لنومي كأنه كان في = أول دمعي جرى من الآماق؟!
غير مسترجع فيرجى وهل يرجع = للعين أدمع في سباق؟!
بأبي شادن توثقت بالإيمان = منه قبل شد وثاقي
فهو إلا يكن لحرب فحرب = علمته خيانة الميثاق
نفر من أمية نفر الاسلام= من بينهم نفور إباق
أنفقوا في النفاق ما غصبوه = فاستقام النفاق بالانفاق
وهي دار الغرور قصر باللوم = فيها تطاول العشاق
وأراها لا تستقيم لذي الزهد = إذ المال مال بالأعناق
فلهذا أبناء أحمد أبناء علي = طرايد الآفاق
فقراء الحجاز بعد الغنى الأكبر = أسرى الشام قتلى العراق
جانبتهم جوانب الأرض حتى = خلت أن السماء ذات انطباق
إن اقصر يا آل أحمد أو أغرق = كان التقصير كالإغراق
لست في وصفكم بهذا وهذا = لا حقا غير أن تروا إلحاقي
إن أهل السماء فيكم وأهل الأرض = ما دامتا لأهل افتراق
عرفت فضلكم ملائكة الله = فدانت وقومكم في شقاق
يستحقون حقكم زعموا ذلك = سحقا لهم من استحقاق
وأرى بعضهم يبايع بعضا = بانتظام من ظلمكم واتساق
واستثاروا السيوف فيكم فقمنا = نستثير الأقلام في الأوراق
أي عين؟ لولا القيامة والمرجو = فيها من قدرة الخلاق
فكأني بهم يودون لو أن الخوالي = من الليالي البواقي
ليتوبوا إذا يذادون عن أكرم = حوض عليه أكرم ساق
وإذا ما التقوا تقاسمت النار = عليا بالعدل يوم التلاق
قيل: هذا بما كفرتم فذوقوا = ما كسبتم يا بؤس ذاك المذاق