أرج الأنفاس أم العنبر
الشيخ علي بن حسن الجشي
أرج الأنفاس أم العنبر=أحيى نفسا عهدا ذكر
مامر نسيم صبا سحرا=إلا هاج الوجد المضمر
وذكرت ليالي إذ سلمى=في وادي الخيف وفي المشعر
جاءت ليلاً كيما تخفي=بدرا أجلى من أن يستر
رضيت عني فدنت مني=تجلو غما عيشي كدر
ورنت نحوي تتلو تيها=إنا أعطيناك الكوثر
قدا رمحا لينا غصنا=ريحا يحكي المسك الأذفر
ثغرا درا شعرا ليلا=وجها كالصبح إذا أسفر
لطفا عطفا مراء مخبر=ريقا يحكي طعم السكر
واسمع نغمات تغني=ذا ولع بالعود وبالمزمر
واستغنى بريقي عن خمر=فيه تصحو مهما تسكر
يا للذات استمع مني=وعلى نظرائك فلتفخر
قل من ليلا شمسا أبصر=من في الدنيا ذاق الكوثر
يامن سلبت مني عقلا=أسرته بالطرف الأحور
ماذا ذنبي حتى أهجر=وهمي أذنبت الا أعذر
أدعوك ياروحي وأرى=روحي في جنبك لا تذكر
رفقا بأسير هواك=فهل حبي لك ذنب لا يغفر
إني في حبك لم أشرك=وجزى توحيدي أن أشكر
يامن قد أغرق في عذلي=ماذا ترجو فأترك أجدر
لو تبصر من أهوى أعذرت=وقلت بسرك فلتهجر
أولم تعرف ماذا ديني=ديني المعروف به منكر
قد دنت بدين هوى قاض=بالذنب لكل من استغفر
ولئن أسرفت على نفسي=فرجائي في ربي أكبر
فاعمل ذنبا و أمل ربا=خير عقبى من أن تغتر
عندي كهف فيها أرجو=أمني يوم الفزع الأكبر
بل لي حصن من يدخله=لا يخشى في الدارين الشر
هيهات بأن تسود صحيفة=إبيضت بولاية حيدر
هل تبقى الظلمة في بيت=فيه مصباح قد أزهر
مالي من سيئة تبقى=أكسير الحب لها يقهر
قسما بمقام أبي حسن=هو إذ يرقى أعلى منبر
في يوم الزلفى مع طه=وبآنها الأمر له يؤمر
لو أن أعدائه به اعتصموا=لنجى كل مما يحذر
ولما فتحت أبواب النار=إذا ولما كانت تسعر
ففريق الجنة من والى=وفريق النار من استكبر
بولاه يمتاز الناجي=والهالك في يوم المحشر
مهلا يامن عنه أدبر=وولايته الكبرى أنكر
فلواء الحمد لمن يعطى=ومن الساقي ماء الكوثر
وبعين القلب أنظر خما=مرآت الحق لمن أبصر
إنظر فيه تبصر حقا=ضاها فيه طه حيدر
فمقام ولايته الكبرى=عن أمر الله له صير
لم يجعله الباري أولى=إلا إذ كان لهم انظر
وإليه الأمرة من طه=وسواه له من ذا أمر
بل من قاس الليل الداجي=ياهذا بالبدر الأزهر
عن كل فلتسئل خيبر=من كر هناك ومن أدبر
وليوم الأحزاب السامي=مابين الأمة لا ينكر
هل وازن ضربته عمر=عمل الثقلين الى المحشر
لولاها لم تسمع أذن=لفظ الإسلام ولم يذكر
عرش الإسلام قوائمه=قد قامت في ماضي حيدر
دع عنك العد فلا فتح=إلا عن ماضيه يؤثر
قرنت بالفتح لعمر الله=محامد ماكانت تنكر
روح الإخلاص به قامت=فامتاز الفضل إذا أصدر
مامن فعل إلا فيه=آي تتلى حتى المحشر
فسل القرآن فكم أوحى=فيه مدح ليست تحصر
سل يوم تصدق إذ صلى=سل ليلة بات وقد آثر
ما أوحى في كل في الذكر=من التعظيم وما أظهر
جعلت عنوان ولايته=وذه كشفت عما اضمر
سرا وعلانية ليلا=ونهارا أنفق ما استيسر
في كل درهم قد أعطى=ولها الإخلاص لقد كثر
سماها الباري أموالا=ولتلك الروح قد استكثر
يا نفس المختار الأكبر=لم تبق لمفتخر مفخر
من ذا لمدينته باب=يا باب الله والمظهر
فهو الهادي الملأ الأعلى=ولعلم الرسل هو المصدر
بل عن أملاك مافي اللوح=من قلم الأعلى يسطر
وبآثار قد أبداها=فشت الخيرات وفاز البر
يا غيب الغيب وكم معنا=لك لم تدركه قوى مشعر
عن درك عوالمك العليا=ينحط الوهم ويستحقر
لو طار الوهم الى المحشر=أدنى درجاتك ما أبصر
باينت الخلق فلا ند=لك في ذات أو في مظهر
لو لم تلبس شكل الناسوت=على اللاهوت غلا الأكثر
فجلالك لم يدرك كنها=وجمالك أعلى أن يبصر
يا علة إيجاد الأشياء=أين الأعراض وما الجوهر
لم تبصر أقوام غالوا=لسوى نور الستر الأنور
أغشى الأبصار من الأنوار=فلم تدركه وإن أسفر
إن ضلوا فيك فلا بدع=قد ضلوا في عيسى أكثر
ولولا سر سار منه=فيه ما أبرأ ما أنشر
ضل الغالي مثل القالي=لكن الغالي قد يعذر
عذر الغالي إلا شبه=ماذا عذر القالي الأبتر
ولعمري أبدا في الأكوان=عجائب ماكانت تحصر
والشمس له ردت طوعا=وأعاد العصر وقد أدبر
أعطاه الباري مهما شاء=وله الأشيا طرا سخر
عذرا مولاي فما مدحي=في جنب علاك ومن يقدر
كيف الأوهام تحيط بما=في رتبته ليست تذكر
وقت أين عما أوتيت=لقد ضاقا آنا تحصر
وانظرني نظرة تدبير=لطفا يا ألطف من دبر
إن كنت بذنبي في رق=فاعتق يا أكرم من حرر
أو هل أخشى سوء الرجعى=ولك الرجعى يوم المحشر
صلى الجبار عليكم يا أهل=البيت السامي الأكبر