جلى بآفاق السديم الأبعدِ = في ليلة الإسراء نور محمدِ
جاب العوالم لحظة المعراج إذ = حطت له الدنيا بعين أو يد
للمنتهى بلغ النبي بجسمه = وأتى ودفء فراشه لم يبرد
يا قدرة الله التي بلغت مدى = في مدرك الأفهام غير محدد
أحنت له الدنيا تسنم هامها = من هيبة في شأنه المتفرد
أم أنه العملاق مهما رام أن = يعلو سماء المنتهى لم يصعد
أم أنه وأحار في كنه الذي = بوجوده الدنيا تروح وتغتدي
ماذا يخط بمدح أكرم سيد = لا شيء إلا الله قبل محمد
قد شع قي أفق البصائر نوره = شعلاً تألق للعلا والسؤدد
وتر يهيم الفكر فيه ولا يرى = نداً لمعناه الفريد الأوحد
إكسير هذي الكائنات وسرُّها = وتمام نور الخالق المتوحد
حلو الشمائل لا نظير لحسنه = سجد الجمال لحسنه المتفرد
هيهات أن تجد العقول حدوده = هيهات فهو بعالم متجرد
لما أراد الله خلق محمد = جمع الفضائل ثم قال تجسدي
إني لأطريه وأدري أنني = أرنو لسر فارع متمدد
لكنني قدمته لي مورداً = فظفرت لما كان أحمد موردي
والشعر ما سطرته في ذكره = إلا بفيض عطائه المتجدد
سيظل في أفق الخلود نشيدة = يسمو بها أبداً لسان المنشد
ويظل رغم الدهر رغم صروفه = أسمى نشيد في الخلود مردد
عذب به تحلو الثغور وطيبها = ذكر الصلاة على النبي محمد
لو أن أمته اقتفت آثاره = سادت على الدنيا ولم تتردد
و تسنمت هام الزعامة سرمدا = ولما استكانت عند كف الأبعد
لكنهم زلوا فبانت عنهم = لتكون للمستنصر المتهود
لازال فيض نداه يغمر عيشنا = فهو الكريم لسائل مسترفد
غمر الخلائق كلهم إحسانه = فلكم له نحو البرايا من يد
ما غاض من ساوى مياه بحيرة = إلا حيا والله من كفٍ ندي
والمبعث النبوي أكرم حادث = يا أمة في ذكره فتوحدي
لا يذكر الإسراء أكبر قصة = جاب الفضاء على البراق الأمجد
بل كلنا قلب له متوحد = كل يقول بقلبه يا سيدي
قلب تحدى الكائنات بأسرها = في حبكم يا سيدي كالجلمد
أعجوبة الكون الرسول محمد = ما الكون كيف يكون إن لم يولد
الكون مولود بيوم بزوغه = وحياة هذا الكون يوم المولد
عقمت نساء العالمين فلم تكن = منهن من تأتي بمثل محمد
يا مهجة الألباب أنت حبيبنا = بالأمس واليوم المدمى والغد
لم نرض غيرك قائداً نشدو به = ونسير مهما سار رغم المعتدي
يا سيدي ذقنا لذيذ ولائكم = أحلى من الماء الزلال إلى الصدي
متمسكين بحبل آلك عنداً = من عهد أطلال ببرقة ثهمد
القلب يشدو هائماً بولائهم = وكذاك يبدو باللسان وباليد
لم يلونا عن حبهم متنصب = والموت أولى من حياة مصفد
إنا لزمنا حبهم وولاءهم = لزم الغطارفة الحماة العند
إنا على ما نحن ذلك خلقنا = نحيى نموت محتم أن نقتدي
ذاتية منا المحبة خلقة = ماتت نموت وان تخلَّدْ نخلد