قف حيث يثرب و استمطر بها الأسفا = ولمّ أشلاءها نجوى ومعتكفا
قف خاشع القلب واستنطق بها رسما= لا زال فيض سناها يرهب السدفا
يا قلب لملم دوي الليل كم كبد= ذابت وكم مدمع في جوفه ذرفا
يا قلب واجمع شفا ها قيه قد رسمت = فيها التراتيل واحتارت بها كلفا
وناشد الآي عن مزماره أذوى = أم غاله صخب للصم فالتحفا
وسل بها أرضها عن عذب موسقة = لقعقعات الخميس الحر إذ زحفا
هل تذكر الأرض من وقع الخيول صدى = أظن أن ثراها منه قد رجفا
ومن آذان بلال لا أزال أرى = بريق شنف بسمعيك اعتلى وطفا
و من صهيل جياد الخيل يقرعه = شحذ السيوف بأسماع السرى ألفا
ظلت تدق نواقيس الجهاد على = مغناك سلوان ما ولى وما سلفا
تاريخ أحد بأحد فيه مختبئ = سل الحصى و الثرى و السفح والشرفا
عن حمزة عن صليل السيف عن صخب = مثل الأعاصير بالكفار قد عصفا
تنبيك أن الدم القاني الذي غمر ال = أجساد ما حاد منهاجا وما انجرفا
وحصن خيبر هل ما زال متكئا =و سنان جفن شحوب الثغر مختطفا
و ضربة السيف من كف مسددة = ما أعطيت من ألاعيب الهوى نصفا
بأخمصيه فسال الماء منبعثا = تكسرت في سناه اسيف ضففا
والباب مازال يحكي قصة زخرت = حتى وان اعرض الحساد أو عزفا
انامل المرتضى ما انفك رونقها = بقبضة الباب وضاحا ومنكشفا
عرج على فدك من غير مسألة = قف حائرا لرؤى ماضي به لهفا
فأنه نحلة المختار خالصة = لا بالركاب و لا بالخيل قد وجفا
في كل شبر به جرح وحادثه = عن الذي خرق الأوراق والكتفا
والله تلمح نخلا ملؤه حرق = و بوح هم طغى فاستنطق السعفا
يصيح من مهجة حسرى لو استلمت = رباي كف بني الزهراء قلت كفى
والمح بطرفك ذا النفس الزكية لا = تخبره عن جدث أضحى ضحى كسفا
سلم عليه فأن القدس شاهده = والنور ليس الحصى المنقوش و الطرفا
وسوف تسمع اصدا هاتف جزل = بوركت يا خير من يصغي لمن هتفا
ما انفك عندي ربيع الخلد يغمرني = فلست في ما تري من معلم كنفا
بيوت آباي كانت للطغاة قذى = وللملائكة الأبرار مختلفا
تنمنم الوحي فيها حيث مصدره = أنامل الآل سهدا قوما حنفا
تشع في الكون ما شاء الإله لها = فأيقظت أمما و استقصدت هدفا
تسابق الكون حتى جد بينهما = وهج السرى حالم الآمال منكسفا
أغذت السير لا يلوي أعنتها = بأس ولكنه وسط السرى وقفا
فما هنا هاهنا إلا لها أثر = مشى عليها الردى في حقده وعفا
قف بالبقيع ولا تبرح فان به = للقدس مالا تراه العين معتكفا
يحوم حول ثراه مفعما فبه = خزانة العلم ولأنوار و الخلفا
سل يا فؤادي به للمصطفى مهج = جرت عليها الليالي الهم والشظفا
لو ينطق القبر قال القبر ها أنا ذا = جرح بروح الهدى في قلبه نزفا
ما للقباب إذا ما انهال داثرها = ضير و إن كان ذنبا في مقترفا
فالبدر صارع أحقاب الدنى أحدا = ما ضره أبدا أن غاب أو خسفا
يا دار أحمد أين الوحي أين شذا = جبريل رف على أفياك فارتشفا
غذاك أحمد من ريا حشاشته = نورا وخصبا وحبا خالصا و وفا
واستل من قلبك المقتول نابضه = غلا وحقدا وجهلا أسودا وجفا
من أحمد من سناه من صدى فمه = ومن محياه نلت العز و الشرفا
أما فرشت له صدر الحنان وقد= أتى جريحا وحيدا دامي أسفا
فاخضل طلعك وازدانت نضارته = فكاد أن يجتني غضا و يقتطفا
إما مددت له زندي حمى ورجا = فحط ثقل النوى و الجهد ثم غفا
حضنت يافع دين فاستوى و نما = واستد في بلغه الآمال محترفا
قد كان احمد في دنياك فجر هدى = وافق علم و إصلاحا و منعطفا
يا دار احمد فخرا عزة شرفا = فقلبه بهواك العذب قد شغفا
رآك لم ير في سهل و لا جبل = و لا بذات مروج عنك منصرفا
احبك المصطفى واعظم حب فتى = معناه ما حد في فكر ولا عرفا
لو يمتطي الفكر في معناه أجنحة = من الخيال لما وفى وما وصفا
يا طيبة الخير يا روضا نسائمه = أريج احمد والزهراء والشرفا
لا غر و إن عقب الأكوان منك شذا = أو رق فيك زلال للهوى وصفا
ما كان جثمان ياسين و عترته فيه = فإكسير أرواح وسر شفا
يا قدس احمد لا يحكي الهوى قدسا = إلا لمن كان قي معنى الهوى دنفا
يا دار احمد يا لحن الهوى بدمي = إذا تلوت مناجاتي به عزفا
اكاد لو أن عيني اشربتك سنا = أقرا بتربتك القرآن و الصحفا
يا من تذكرها شوق و رؤيتها = عشق و تقبيلها للمسلمين شفا
يا ليت قلب معاديك انبرى = وليته في غمار الموت قد قذفا
يا ليت قائمنا يمحي الحدود فلا = نرى بها دولا مكتظة جيفا
بل دولة كلها عدل و مرحمة = و ألفة مثلها في الكون ما ألفا
كل المدائن طرا في ظلال فتى = أحنى له الكون حبا و انتشى وهفا
حتى يؤاخي بما كنت جوى وهوى = طوسا و مصرا و ارض الشام و النجفا