وهج القباب أم المصير المُتعبُ = ذاك الذي لكِ شدّني يا يثربُ
فأتيت أرفل في الشقاء يزفّني = ما بين أشباح المتاهة موكب
تتسكع الآهات بين جوانحي = والأبجدية في دمائي تنحب
وأجنّة الأحلام حين تهزّها = نجواك يرعش روحها المتكهرِب
أترى النخيل اليثربية لم تزل = تلك التي تلد الشموخ وتُنجب
أم شكَّها سهم الزمان فأينعت = جرحاً به المستضعفون تخضَّبوا
وأتوكِ من حيث الرجولة لم يزل = تأريخها بدم الكرامة يشخب
يتلمسون ثمالة الأمل الذي = كانت على يده الجراحة تُخصِب
يا طيبة النصر المنوَّر ما لوى = أبطاله عبر المجاهل غيهب
فإذا السماء تصبُّ في خلجاتهم = حُلُم النبوة جامحاً يتلَهَّب
حتى إذا صقلوا تُرابك وازدهت = ممّا تناثر من سناه الأحقب
وقفوا على حدّ الرماح منائراً = تمتدّ في اُفق الحياة فيُعشب
يا طيبة النصر الذي في شوطه = أفنى فُتوته النضال الأشيب
وتنفَّست عبق الفتوح رسالة = فيها تصاهرت السماء ويعربُ
وافتْكِ يرتجل الصلابة ساعد = منها ويبتكر العزيمة منكبُ
ومُذ اقتحمت بها الحياةَ على خطى = طه يشدُّكِ للفلاح ويجذب
شحذ الفداء يراعَهُ بكِ وانبرى = يسقيه من حبر الخلود ويكتبُ
حتى إذا يوم الاخاء تفصَّمت = حلقاته وسطت عليه العقرب
نسيَتْ جوامحك العتاق نفيرها = وانهار في دمكِ الصهيل الأشهب
وبقيت للأجيال نبعَ صبابة = ما عاد كوثره يفور ويغضب
ورَنت تطالعُك الدهور فراعها = فتح بماضيك المجيد مُعلَّب
هرّبتهِ طيفاً بذاكرة المُنى = يزهو وهيهات الفتوح تُهَرَّب
نسل الغبار عليه ألفَ قبيلة = راحت تنازعه البريق وتسلب
ويداك لا شمس تغالب فيهما = عصف الشتاء الجاهلي فتغلب
مُدِّيهما نحو الوراء وسلسلي = يومَ الاخاء ولملمي ما يسكب
وتحضّني أرواحنا بصفائه = يهتزّ نبض حياتنا المُتَخَشِّب
فسنصهر الاُفق البعيد على لظى = عزماتنا حتى يذوب الكوكب
وسنكنس التاريخ ممّا اسندت = فيه الذئاب وما رواه الثعلب
ونُقشِّر الحق المُغَلَّف بالدجى = حتى يشعّ لُبابه المُتَلَهِّب
ونعود نفترع النجوم وحسبنا = فيما نؤمل ان متنك مركب