البداية
ديوان الحسين لغة ثانية - جواد جميل
يبدو الحسينُ يُغطّي سيفَهُ بورودِ النّهرِ ثمَّ يرشُّ الماءَ فوقَ دم القتلى، فتظهرُ خلفَ الأفْقِ عاصفةٌ.
ما زلتُ أحملُ أكفاناً.. ممزَّقةً=وحفنةً من رمال خبّأت وجَعي
أمشي وخلفيَ تمشي ألفُ عاصفة=كأنّها وُلِدت في كربلاءَ معي!
صوتٌ يجيءُ: رأينا غيمةً هبَطت ليلا تُفَتِّشُ بينَ الرملِ عن دمهِ الضمآنِ، ثمَّ توارتْ وهيَ حائرةٌ..
وَجهي ووجهُكَ شيءٌ واحدٌ ولنا=ظلُّ فَمَن أنتَ، هل أنتَ الذي قُتِلا؟
بالأمسِ أَغلَقَني يأسي، وغادرني=لوني، فهلْ جئتَ ضوءً تفتحُ الأملا؟
تركتُ قلبيَ عندَ النهرِ نورسةً=ظمأى تشظّى لَدَيها الماءُ واشتعلا
خطوي يطاردُ صحرائي، وقد تعبت=أشلاؤُهُ وانتهى المسرى وما وصلا
فكيفَ جئت ربيعاً، رملُ واحتِهِ=تلوّنَ النجمُ من رؤياهُ، واكتحلا؟
«السيفُ ينزفُ ماءً» قلتَ، وارتجفتْ=كفُّ الزمانِ، فهل أنتَ الذي قُتِلا؟
صوتٌ يجيءُ: هيَ الأشياءُ تُولدُ في كفَّيِه، والرّيحُ طفلٌ خلفَ قامتهِ يبكي، وللشَّمِس خيطٌ من توهّجهِ...
لِجثّتي أمسُها نهراً وسنبلةً=وسوفَ يحملُ أعراسَ الحصادِ غدُ
وفي ارتجافِة موتي غَيمةٌ، وبأشلائي=مخاضاتُ صبح لَمَّها جَسدُ
عيناي صمتٌ غريبٌ، خلفهُ لغةٌ=أُخرى.. وأشرعةٌ تنأى وتبتعدُ
صوتٌ يجيءُ: رأينا الشَّمسَ تحملُهُ=في لحظة قد توارى عندها الأَبدُ!