البعد الثابت
ديوان الحسين لغة ثانية - جواد جميل
واحةٌ من جراحِنا كانتِ البدءَ=اكتشفنا بها المدى المجهولا
وَطوَينا وجهَ الصحارى، حَمَلنا=لهبَ الأمسِ والزمانَ القتيلا
لم يعدْ غيرُ خطوِنا، والمسافاتِ،=وحُلْم يُخبِّىءُ المستحيلا
ونثار من الدمِ المرِّ، شدَّ الغَيمَ=في خيطهِ، وشدَّ الفصولا
فَرُؤانا تمرُّدٌ أشعلَ الصخرَ=وردَّ الطوفانَ همساً خجولا
كيفَ لا ينحني النهارُ وخلفَ الشمسِ=عصفورةٌ تُفدّي الخيولا؟
والنجومُ ارتعاشةٌ في مآقينا=وأحداقُنا المرايا الأولى
نحنُ وعدُ الماءِ الأسيرِ الذي يطلعُ=من شفرة تحزُّ الذبولا
في يَدينا أشياءُ من صخبِ البحرِ=رَجَمنا بها السكوتَ الطويلا
سافري يا رماحُ في ظلمةِ الأضلاعِ=منّا، وأوقدي القنديلا
أوقديهِ، نريدُ أنْ يتوارى الدربُ=في لحظة، نريدُ الوصولا!
كانَ صوتُ الحسينِ مرفأنا الموعودَ=والدفءَ، والهروبَ الجميلا
حيثُ ننسى ضياعَنا، وانكساراتِ=رؤانا، وخَطْوَنا، والرّحيلا
ونغطّي أسماءَنا.. ونعودُ الصلبَ=والشوكَ، والقرى، والرسولا
فاصرخي يا قبورَنا، علّمي الريحَ=سُراها، وعلِّميها الصهيلا
واحصدي الضوءَ، واتركي غبشَ=الطفِّ وسيّافَهُ يَلُمُّ النصولا
وابدئي، فالحسينُ قد أيقظَ الموتى،=وناغى الأسى، ومسَّ الذهولا!