البعد المتغير
ديوان الحسين لغة ثانية - جواد جميل
يوقظُ الصبحَ صوتُهُ، يشربُ الوردُ=حكاياهُ، ترتديهِ الجداولْ
يتمشّى على مدارجِهِ النجمُ=وتغفو على صداهُ القوافلْ
هو للريحِ هدأةٌ، ولصمتِ الصخرِ=همسٌ، وللغيومِ جدائلْ
رافقتهُ الأشجارُ في رحلةِ الذبحِ،=ومرّت على خطاهُ السنابلْ
فاعبري بركةَ الخطيِئةِ يا روحي=ومسّي ظلالَهُ يا أناملْ
أنا حاصرتُهُ زرعتُ الصحارى=بالمساميرِ، بالمُدى، بالسلاسلْ
أنا حاصرتُ في يديهِ السواقي=والينابيعَ، واعتصرتُ السواحلْ
كانَ يبكي فينطوي الخصبُ في=الدمعِ وأبكي معَ الذبولِ القاحلْ
أنا بعضي يحاولُ الموتَ، والآخرُ=يطوي غموضَهُ، ويحاولْ
كلَّما لمّني احتضارٌ تمزّقتُ=على خنجرِ احتضار قاتلْ!
ويحَ أُمّي ماذا يخبّىء جلدي=ذئبَ يأس، أم نورساً متفائلْ؟
كلُّ شيء منّي يفتّشُ عن وجهيَ=سرّاً، يدورُ حولي، يسأئلْ:
هل أنا ذلكَ الذي شبّتِ «الكوفةُ»=فيه، أم رُمحُها المتخاذلْ؟
هل أنا الجمرُ؟ أم أنا القصبُ=الخاوي دخاناً، أمِ الرمادُ الفاشلْ؟
ليسَ وهماً.. ففي عروقيَ موتٌ=وهدوءٌ، ومولدٌ، وزلازلْ!
الحسينُ، الحسينُ سدَّ عليَّ الأفْقَ=في كلِّ وُجهة هوَ ماثلْ
لم يعدْ غيرُهُ أمامي، دعيني=أبدأ الموتَ يا سيوفَ القبائلْ
هكذا قالَ، ثمّ جرَّ على الرملِ=خطاهُ.. وظلَّهُ المتثاقلْ
ليجيءَ الصباحُ يحملُ من كفّيهِ=ورداً، ومن رؤاهُ مشاعلْ!