البعد الأسود
ديوان الحسين لغة ثانية - جواد جميل
لا لشيء، إلاّ لكي أحصدَ الريحَ=وأجني مِنَ الغيومِ البروقا
لا لشيء إلاّ لأنثرَ أشلائي=رماداً مفتَّتاً محروقا
حملتني خطايَ اَقتطعُ الشمسَ=واَغتالُ في يَدَيها الشروقا
جئتُ والرملُ مثلُ قيثارة=يولدُ فيهِ الظِّلالُ والموسيقى
جئتُ والماءُ ألفُ نافورة،=والنهرُ سربٌ من الغيومِ أُريقا
كانَ لونُ الفراتِ لونَ المرايا=والعصافيرِ، مخمليّاً.. رقيقا
ثمّ ماذا؟ أضعتُ وجهيَ في الصحراءِ=في لحظة، أضعتُ الطريقا
عابراً مرّةً على جسدِ الخوفِ،=وأخرى أرى السرابَ حريقا
متعباً تهزأُ الرمالُ بأقدامي=وقد راوَدَتْ مكاناً سحيقا
كلَّما قلتُ ها وصلتُ رأيتُ الصخرَ=غطّى المدى وسدَّ المضيقا
ثمّ ماذا؟ قتلتهُ فرأيتُ الارضَ=تبكي ربيعَها المخنوقا
ورأيتُ السماءَ تهوي الى القاعِ=جنوناً، والأفقَ شلواً غريقا
وبكاءً لم أدرِ من أين يأتي؟=يجلدُ القلبَ، أو يخضُّ العروقا
وصهيلَ الخيولِ يحفرُ كالإعصارِ=في جثّةِ الظلامِ شقوقا
وأنا الآن حفنةٌ من غبار=كفَّنَ العارُ خدَّها المعروقا
والحسينُ، الحسينُ يكتشفُ الماءَ=ويهدي إليهِ جرحاً عميقا
يتبعُ الموجُ خطوَهُ، والفراتُ امتدَّ=في ثوبِهِ وصارَ صديقا!
لا لشيء، إلاّ لكي تحملَ الأشياءُ=من جبهةِ الحسينِ بريقا!