دموع خلف إبتسام
عبود الأحمد النجفي
توارتْ خلف بسمتي الدموعُ = وخلف صداي يختبئُ الخشوعُ
وما ضحكي أمامَ الناس إلاّ = مداراةٌ وأحشائي تلوع
يُعمّقُ في جراح القلب نزفاً = بكاءٌ صامتٌ وأسىً مروع
فيخفي لحنَ اُغنيتي نشيجي = ولكنّ الأنينَ به يذيع
تكاد من العذاب تذوب روحٌ = محمّلة بما لا تستطيع
أنام على لظىً بين الحنايا = وأصحو والهموم هي الضجيع
شببتُ على الجراح فكلّ عمري = جراحٌ والمسيلُ دمٌ نجيع
تطوف على شغاف القلب وجداً = فتحضنه المواجع والضلوع
وشابت كلّ آمالي وماتت = وجُرحي في تأجّجه رضيع
ويغمرني إلى الأعماق حزنٌ = تفيضُ على جوانبه الدموع
فخذ يا حزن ما ابقيت منّي = كياناً قد تولاه الخضوع
أنا السهرُ المؤرّق في المنافي = ويأبى أن يمرّ به الهجوع
أنا الوجد المضيّع عن بلادي = وقد أودى به الزمن الوضيع
بأرض الرافدين له قبابٌ = وأضرحةٌ معطرة تضوع
وما أحلامه إلاّ سرابٌ = يراود شوقها أملٌ خدوع
لأنّ فراته ما عاد عذباً = وخالط ماءه السم النقيع
وقد غدت النخيل بلا حياةٍ = تعرَّت عن ظفائرها الجذوع
الا يا قاصد الزهراء شوقاً = تعطّركَ المدينة والبقيع
فطأطئ عند مرأى القبر جيداً = ففي أحشائه الطهر الوديع
وقبّل تربةَ الزهراء وابثُث = رزايا قد تناستها الجموع
وقل بنت النبي إليكِ نشكو = عذاباً ماله يوماً نزوع
فيا زهراء هل عاينتِ شعباً = وأبناءً له ظلماً اريعوا
وبلّغها سلاماً عن بقايا = نفوسٍ في محبّتها تضيع
تولّتْها يدُّ ما كان منها = سوى ظلمٍ يشيبُ له الرضيع
سلامُ يا ابنةَ الطهر المفدّى = سلامٌ أيّها المجد الرفيع
تودّع فيكِ سرُّ الله حقاً = وفي ميلادك السرُّ الودوع
فيا اُمّ الحسين فدتكِ دنيا = وما ضمّت عوالمنا الجميع
أيا قدساً أفاضته سماءٌ = تكلّله المهابةُ والخشوع
ويا غصناً تفرّع من سموٍ = لطه أثمرت منه الفروع
ويا نبعاً من الإيمان محضاً = تدفّق واليقين له تبوع
وجوهرةً تشع بها الليالي = ونور الله مزدهرٌ نصوع
تجلّت قدرة الباري بخلقٍ = وجلَّ الله بارئكِ البديع
ويا حصناً أحاط بنا أماناً = إذا ما يُفقد الحصن المنيع
سأسألكِ الشفاعة رغم ذنبي = يؤرّقني به فزع مروع
إذا ما ضمّني قبرٌ ولحدٌ = وأوحدني به العمل المضيع
واُغلقَ دون أحبابي رتاجٌ = وضاق بقبري الكون الوسيع
وانّي إن دعوتِكِ يوم حشري = فأنتِ لي المُطَمْئنُ والشفيع
فإنّ شفَّعتِ في عبدٍ ذليلٍ = تولاني برحمته السميع