أبا الشهداء
ذكراك، تنطفئ السنين وتغرب=ولها على كف الخلود تلهب
لا الظلم يلوي من طماح ضرامها=أبدا، ولا حقد الضمائر يحجب
ذكرى البطولة، ليلها كنهارها=ضاح تؤج به الدماء وتلهب
ذكرى العقيدة ,لم ينؤ متن لها=بالحادثات، ولم يخنها منكب
ذكرى الاباء، يرى المنية ماؤها=أصفى من النبع الذليل وأعذب
ذكراك مدرسة الذين تعرضوا=للسوط، يحكم في الشعوب، فأرعبوا
ومحجة الشهداء يخشاهم – وهم=صرعى به السيف اللئيم ويرهب
مولاي.. درب الخالدين منور=بالذكريات الغر، سمح، مخصب
تهفو لورعته المنى، لكنه=مما يحيط به الفجائع – متعب
ايها أبا الأحرار أي كريمة=تبني الخلود، وليس منك لها أب
أنت الذي أعطيت ما أعيا الورى=تصديقه، ووهبت مالا يوهب
ووقفت حيث أراح غيرك نفسه=والحق بينكما يهيب ويرغب
فصمدت للتيار تشمخ هادرا :=سيان أغلب موجه أو يغلب
في حين مر بك المرفه جيفة=شنعاء تطفو في العباب وترسب
حتى إذا التاريخ أرهف سمعه=ليعيد من صنعوه فيما يكتب
دوى بآذان الزمان هديرك الصافي،=وضاءت من سناه الأحقب
ومشت، على وهج سعرت، قوافل=الأحرار تكرع من لظاه، وتطرب
وتركت للأجيال حين يلزها=عنت السرى ويضيق فيها المهرب
بجئت الضحايا من بنيك تريهم=أن الحقوق بمثل ذلك تطلب
مولاي أنت لكل جيل صاعد=قبس ينير له السرى ويحبب
ولأنت إن زلت به قدم الهوى=صوت الضمير يرده ويؤنب
ولنا بيومك، وهو في أقصى المدى،=كف ملوحة، وعين ترقب
فعلا م يرجم بالظنون مخاتل ؟!=ويعيش في وهم الخيال مخرب ؟
وعلا م نيأس من هداية فتية=تخذتك وائدها الذي لا يكذب
أنا لست شيعيا لأن على فمي=ذكرى الحسين، أعيد وفيه وأطنب
ولأن قلبي عصارة لوعة=لأساه تذكرها العيون فتكسب
ولأن أمي أرضعتني حبه=ولأنه لأبي وجدي مذهب
لكنني أهوى الحسين، لأنه=لساكنين طريق خير أرحب
وأحبه لعقيدة يفنى لها=إن ديس جانبها، دين يغضب
ودم يريق، لأنه يغذو به=جوع الضمائر، إذا تجف فتجذب
أأكون شيعته، وقد أخذ الهوى=قلبي بغير طريقه يتنكب
وأكون شيعته، إذا لاقيته=وأنا لروح (يزيد) منه أقرب
مولاي . يومك لا يزال كأمسه=في الدهر ريان الضحى يتلهب
يزهو بغرته الأصيل، وينتشي=بجلال ما وهب الشروق المغرب
فدم أرقت، كأنه من جدة=الآن يعطر في الثرى ويخضب
وكأن حقا قد نصرت، وباطلا=يهوي..وأحقاد عليك تألب....
صور من الأمس الجديد نعيشها=حقدا، ونصلاها هواء يتعذب
وكأن قوما أسلموك بليلة=عسرى، وانقلبوا عليك فكذبوا
عادت بقيتهم، تبارك ما جنى=جان، وتصقل ما افترى وتهذب
من كل نهاز هوايته التقى=ورقيق ظاهره الصلاح المعجب
ويكاد من قدس، وطول براعة=في النسك، بين لداته يترهب
لكنه إذ جد جد وانطوى=لعب، واصحر للهجير ملعب
ألقى (تنكره) وفاض بسره=عريان، يهدر في العباب ويصخب
والحمد للكرب الشداد فقد جلت=عهرا يكاد من الخديعة ينجب
أما الذين خبرتهم يوم التقى=من حولكم رهج القنا يتأشب
فوجدت فيهم كل (أشوس) يزدهي=أن الرماح لنهبه تترقب
فهم الذين توارثوك رسالة=تجري على جذب السنين فتخصب
وهم الذين جريت فيهم ثورة=بيضاء، تثبت للرياح وتصلب
وعقيدة تزهو بأن معينها=هيهات يفتر نبعه أو ينضب
وهم الذين سيقتفونك، لا الهدى كاب=، ولا خذ السرا متهيب