ظمئ الشعر أم جفاك الشعور=كيف يظمأ من فيه يجري الغدير
كيف تعنو للجدب أغراس فكر= لعلي بها تمت الجذور
نبتتبين (نهجه) وربيع=من بنيه غمر العطاء البذور
وسقاها نبع النبي، وهل بعد=نمير القرآن يحلو نمير؟
فزهت واحة، ورفت غصون=ونما برعم، ونمت عطور
وأعدت سلالها، للقطاف=الغض منا، قرائح وثغور
هكذا يزدهي ربيع علي=وتغني على هواه الطيور
شربت حبه قلوب القوافي=فانتشت أحرف، وجنت شطور
ظامئ الشعر، ها هنا يولد الشعر،=وتنمو نسوره وتطير
ها هنا تنشر البلاغة فرعيها،=فتستاق من شذاها الدهور
(هدرت) حوله بكوفان يوماً=(ثم قرت) .. وما يزال الهدير
وسيبقى يهز سمع الليالي=منبر من بيانه مسحور
تتلاقى الأفهام من حوله شتى:=ففهم عا، وفهم نصير
ويعودون... لا العدو قليل=الزاد منه، و لا الصديق فقير
ظامئ الشعر، هاهنا: الشعر، والفن،=وصوت سمح البيان،جهير
بدعة الشعر أن تشوب الغدير العذب=في أكؤس القصيد البحور
وعلي إشراقة الحب، لو شيب=بسود الأحقاد كادت تنير
أيها الصاعدالمغذ مع النجم=هنيئاً لك الجناح الخبير
قد بهرت(النجوم) مجداً وإشعاعا،=وإن ظن: أنك المبهور
وبلغت المرمى، وإن فل ريش=وانطوى جانح عليه كسير
وملأت الدنيا دوياً، فلا يسمع=إلا هتافها المخمور
فقلوب على هواك تغني=وأكف إلى علاك تشير
حيل للخلود،قامرفيها= لاعبيه.. والرابح المقمور!!
وسيبقى لك الخلود، وللغافين،=في ناعم الحرير، الغمور
وستبنى لك الضمائر عشاً=ولدنيا سواك تبنى القصور
وستبقى إمام كل شريد=لزه الظلم، واجتواه الغرور
وسيجري بمرج عذراء من=(حجرك) نحر.. تقفو سناه النحور
سيدي أيها الضمير المصفى=والصراط الذي عليه نسير
لك مهوى قلوبنا، وعلى زادك=نربي عقولنا، ونمير
وإذا هزت المخاوف روحاً=وارتمى خافق بها مذعور
قربتنا إلى جراحك نار=وهدانا إلى ثباتك نور
نحن عشاقك الملحون في العشق=وإن هام في هواك الكثير
باعدتنا عن (قومنا) لغة الحب=فظنوا: أن اللباب القشور
بعض ما يبتلى به الحب همس=من ظنون... وبعضه تشهير
إن أقسى ما يحمل القلب=أن يطلب منه لنبضه تفسير
نحن نهواك، لالشيء، سوى=أنك من أحمد أخ ووزير
وحسام يحمي، وروح تفدي=ولسان يدعو، وعقل يشير
ومفاتيح من علوم، حباها=لك، إذ أنت كنزها المذخور
ضرب الله بين وهجيكما حددا:=فأنت المنار وهو المنير
وإذا الشمس آذنت بمغيب=غطت الكون من سناها البدور
نحن يا قومنا ، وأنتم على درب=سواء، يلذ فيه المسير
غير أنا نسري إلى(الوحدة الكبرى)=وندري: أن الطريق عسير
في متيه تناهبته الأعاصير،=وجنت بجانبيه الصخور
وعلى دربنا إلى القمة السمحاء،=شوك يدمي، ورمل يمور
وبنو عمنا تراوح في السير،=وتدري: أن الوقوف خطير
ويقولن: إن نهراً من الفرقة=ينشق بيننا ويغور
وعلى ضفتيه يمتلئ التاريخ=حقداً .. فيستحيل العبور!
صدقوا ... غير أننا لا نحيل=الأمر ما طال حوله التفكير
بعض ما يستحال كم وحدة الرأي=قصور، وبعضه تقصير
وإذا طابت النوايا تلاقت=في هوى الضفتين منا الجسور
قاربونا نقرب إليكم، وخلوا=الحقد تغلي قلوبه وتفور
فسيصحو الطهاة يوماً، وقد=ذابت بنار الأحقاد حتى القدور
نحن، يا قومنا سراة طرق=يستوي بدؤنا به والمصير
قد صعدنا به إلى ذروة المجد،=فما عاقنا اللظى والهجير
واستشار الإسلام موتى مواضينا=فهبت .. وفي شباها النشور
ودعتنا بدر لصحوتنا الأولى=وأحد، وخيبر، والنضير
فركبنا متن الزمان، وقدنا=إلى الموت أعمى، يسير حيث نسير
وأتينا (هرقل)في ضفة(اليرموك)=شعثاً، فارتج فيه السرير
قد مزجنا أمواجه بالعقاص الشقر=فانداف طيبه والحرير
واقتمحنا (الأيوان) هوجاً فلا=(رستم) كف الردى، ولا (أردشير)
أسألوه: هل شبت (النار) فيه=مذ دخلنا، وفي ظبانا (النور)
يا لأمجادنا: أنحن بقايا=السيف أم غمده المكسور
هدنا ذعرنا وحازت سرايانا:=أغول يقودها أم أمير؟
أيها الخانعون قد أينع الذعر،=وأعطى ثماره التذعير
وملأتم أسواقنا بغلال الجبن،=حتى استكان منا الجسور
فألفنا(العويل) حين نبا في=السمع من جاثم الأسود (الزئير)
واصطنعتم للفكر سوق رقيق=سيم فيه النهى ، وبيع الضمير
فقرأنا ما دبجوا من معاذير=هروب، تخزى عليها السطور
وسمعنا صوت الهزيمة،يخفيه=على بؤسه خطاب مثير
وعلمناكما تريدون :=أن الحرب في مثل حالنا تغرير
وبأن الجيش الذي سد عين الشمس=ما رد عادياً معذور
والسلاح الذي حشدنا ، فضاقت=بضحاياه من بنينا، القبور
قد عذرنا به الأساطيل لم ترهب=سفيناً، ولم تهبها بحور
وعذرنا حتى(الأواكس)، لم تكشف=مغاراً.. وكيف يرنوا ضرير!!
حسبكم أيها المليئون نصحاً=وانهزاماً، فسعيكم مشكور!
اتركونا .. نحارب السيف أواداج،=ونردي الرمح اللئيم صدور
وأريحوا سلاحكم ، وأعدوه=لشعب، تحت الرماد يثور
ودعونا نرمي الحجارة من كف=صغير يحميه عزم كبير
فوراء (المقلاع) بأس وصدق=ووراء (الصاروخ) رعب و زور