ذكراك تحفرُ في الوجدانِ أسرارا = كم فجَّرت لِعيونِ العزِ أنهارا
قد بارك اللهُ درباً أنت رائدهُ = كان مثلكَ في الدنيا ولا صارا
يممَّتُ شطرك والأشواق تسبقني = أمشي على وجعي والدمعُ قد حارا
هيا أبا المجدِ فابعثني ملائكةً = تُسبَّحُ الله إجلالاً وإكبارا
حسينُ يا سورةٌ في العرشِ قد كُتبت = بأحرفِ النورِ نوراً ضمَّ أنوارا
ماذا أقولُ وفي لقياك أشرعتي = مكسورةُ الشوقِ تحكي البعدَ أسوارا
في مهجتي عالمٌ بالويلِ يخنقني = يدورُ بي كلما قُطبُ الأسى دارا
هيا فثبَّتني على وجه العلا وتداً = يبقى بعينِ المدى يتلوكَ إصرارا
أنا الذي من دَمِ الأحرارِ مُرتسمٌ = في بحرِ نجواكَ مرجاناً ومحَّارا
إن أخفقَ الشعر في معناكَ مُنبهراً = فاعذرهُ يا سيدي إن تاه أو حارا
أنىَّ إلى قلبيَ الوجعان مُلتمس = وجيشُ بؤسيَ يطوي العمرَ جرارا
مازال في رئتي شوقٌ إلى نفسٍ = يُجلي الهمومَ ويُحي العزم إن ثارا
هو النسيمُ الذي في خافقي أملٌ = بملء عينِ السما قد زفَّ أقمارا
من عاشرٍ خُلقوا في عاشرٍ صدقوا = باللهِ قد نطقوا وعياً و إيثارا
عباسُ وجه الضُحى إن كنتَ رامِقهُ = بسيفِ حيدرَ يفني الجيش كرارا
بالعلقميَّ أزدهت أثارُ طلتهِ = يمناهُ إن قُطعتْ لا تقبلُ العارا
هذا الذي صبغ الدنيا بمنحرهِ = وكاد من كفه يصطادُ أقدارا
والأكبر الجوهرُ المكنونُ إن وضحت = أطيافهُ صعقت شانيهِ
من شابهَ المصطفى خلقاً تلى خُلقاً = لاضير لو حطَّ بالإشعاعِ أقمارا
وقاسمٌ معرسُ الثوارِ ما فتأت = راياتهُ تعبرُ التأريخ أقطارا
هذي ملاحمُ آلِ المصطفى أنبجست = رؤىً تسيلُ بخد المجد تذكارا
حُسينُ في خُلدها وحيٌ تجُسدهُ = مازال يشخبُ في أحشائيَ موّارا
حسينُ هبنيْ ولو نفحاتِ مغتربٍ = ونجنيْ سيدي جنبنْيَ النارا
لا يصطلي قلبيَ المحزون من لهبٍ = وأنت في عمقهِ تسقيهِ أذكارا
ودمعةٍ غسلت أجفان مُهرقها = سالت لتكتُبَ إسماً للعلا طارا
فإن عمريَ نعشٌ صار يحملهُ = كفُ الزمانِ يدقُ الموت مسمارا
وحَيرتي لا أرى في بوحها جملاً = أعطينَ صاحبها نُطقاً وإبصارا
حتامَ أشقى بمر العيش يا سندي = وأنت شريانُ حقٍ ينزفُ الثارا
أضحى يُحاورني جرحي فأدفعهُ = نحو السكوت بحزنٍ بالدما غارا
الحزنُ يعصرني والبؤسُ يقتلني=والدمعُ يُغرقني إن سال مدرارا
أبا سُكينةَ مالي غيرك موطناً = أشيدُ في صرحهِ سُكناً وإعمارا
بلطمة الصدرِ أُحي الروحَ من نُوَب = أشابت العمر والأيامَ والدارا
فأقرأ على قلبيَ الهموم بسملةً = وأنثر بطهرك يبن الطهر أزهارا
فأنت كنزٌ ثمينُ صرتُ أملكه = فهو الغنى سيدي كم ضمَّ أسرارا
دعني لإبحرَ في معناك يا عُمري= ولو بمعناكَ أقضي العمرَ إبحارا
كم رائعٌ أنت في جُل الصفاتِ ولا = أسطيعُ وصفاً لما تحويهِ أشعارا
لكنني أكتفي الإيجاز في صُوري = مات الخيالُ على معناك مذ سارا