بين البقيع وكربلاء
عدي حسن آل كرماشة
قف بالبقيع متيماَ تتضرعُ = وانشقْ رحيقَ نبوةٍ يتضوعُ
قف حيث ودّع فلذتيه محمد = وتقاطرت من ناظريه الأدمعُ
والمس نفوسَ الراقدين بتربها = حرّى بها قبسُ الشهادةِ مودَعُ
قف حيث زينُ العابدين وباقرٌ = والجعفران والزكيُ الأروعُ
درست قبورُهم وصرن معالما = في قلب كل متيّم يتشفعُ
ياثلة َمن آلِ هاشم أودعت = روضاً وإنْ هو صفصفٌ أو بلقعُ
فارسلْ خيالَك في بعيد زمانها = وأطعْ فؤادَك تلقَ طيفاً يرجعُ
طيفٌ تضمّخ بالرسالة رائقا = هو صورةُ الفردوس أو هو أبدعُ
وتأمّلِ الحٌقبَ العظامَ بأنفسٍ = أبَت الصَّغارَ وموتها تتجرعُ
ياتربةً هي كربلاءُ وإن نأت = صلة ُالقداسةِ ما تضمُّ وتُهجِعُ
فاخلعْ بها نعليك إن ترابها = عبقٌ بأجساد تئن وتخشعُ
ماشانَها عَوزُ القبابِ مكانة ً= حسبُ السماء لها الغطاءُ الأرفعُ
ونجومُها والبدرُ في ليلاتها = أبداً تنير فناءها إذ تطلعُ
والشمسُ ذائبة ٌعلى عرصاتها = ولها من الذهبِ المنوَّرُ برقعُ
ياسيدي ( السَجَّادُ ) جئتك والهاً = حرُ الضميرِ بما شقيتم مفجعُ
أنا في عِدادِ الناصرين لحقكم = من بعدِ ألفٍ مخلصٌ متشيعُ
أومى إليكَ القلبُ حباً مثلما = أومَت إلى توحيدِ ربٍ إصبعُ
للهِ قلبكَ في الطفوف مودَّعا = ثقلَ الرسالةِ والكرامَ توِّدعُ
وشهدتَ كيف أباك ُيقتلُ غِيلة ً= قتلَ السيوفَ وإنْ غدا يتقطعُ
أو عمَّك العباسَ يُقحمُ صدَره = جيشاً لتشربَ من فراتٍ مرضعُ
وأبى على العطشِ الحريق ِ أخوةً = أن لا يبلَّ الريقَ وهو ملوَّعُ
نزفت على النهر النمير عروقُه = كفاه تشهدُ صدقَه والأذرعُ
هذا الدمُ النبويُ أكرمُ موردا = ًمن أنْ يضيَّعُ أو يغيضُ المنبعُ
ياسيدَ الصبرِ الجميلِ مشقةً = لو صُبَّ فوقَ الطودِ قد يتصدَّعُ
ماحزنُ يعقوبٍ بغيبةِ يوسفٍ = كمريرِ حزنِك بل أشدُّ وأفظعُ
ياسيدَ الصبرِ الجميلِ بمحنةٍ = أنت الشديدُ بها الهزبر الأشجعُ
خسئَ الحديدُ بمعصميك وإن تُردْ = لانَ الحديدُ لما تشاءُ وتصنعُ
ُصنتَ الرسالة والإمامةَ والهدى = والبيتَ أركاناً يقُمنَ الأربعُ
قد شاء ربك أن يردَّك سالما = من هول عاشوراء كيما تُسمِعُ
وتعلمَ الأجيالَ نصرَ شهادةٍ = وصحائفَ الدعواتِ إذ نتضرَّعُ