الإفتخار بأهل البيت عليهم السلام و ذكر قبورهم
الشريف الرضي - نقيب النقباء
ألا لله بادرة الطلاب=وعزم لا يروّع بالعتاب
وكل مشمر البردين يهوي=هوي المصلتات الى الرقاب(1)
أعاتبه على بعد التنائي=ويعذلني على قرب الاياب
رأيت العجز يخضع لليالي=ويرضى عن نوائبها الغضاب
ولولا صولة الايام دوني=هجمت على العلى من كل باب
ومن شيم الفتى العربي فينا=وصال البيض والخيل العراب
له كذب الوعيد من الاعادي=ومن عاداته صدق الضراب
سأدرّع الصوارم والعوالي=وما عرّيت من خلع الشباب
واشتمل الدجى والركب يمضي=مضاء السيف شذّ عن القراب
وكم ليل عبأت له المطايا=ونار الحي حائرة الشهاب
لقيت الارض شاحبة المحيا=تلاعب بالضراغم والذئاب
فزعت الى الشحوب وكنت طلقا=كما فزع المشيب الى الخضاب
ولم نرَ مثل مبيض النواحي=تعذبه بمسوّد الإهاب
أبيت مضاجعاً أملي وإني=أرى الآمال أشقى للركاب
إذا ما اليأس خيّبنا رجونا=فشجعنا الرجاء على الطلاب
أقول اذا استطار من السواري=زفون القطر رقاص الحباب(2)
كأن الجو غصّ به فأومى=ليقذفه على قمم الشعاب
جدير أن تصافحه الفيافي=ويسحب فوقها عذب الرباب
اذا هتم (3) التلاع رأيت منه=رضاباً في ثنيّات الهضاب
سقى الله المدينة من محلٍ=لباب الماء والنطف العذاب
وجاد على البقيع وساكنيه=رخيّ الذيل ملآن الوطاب
وأعلام الغري وما استباحت=معالمها من الحسب اللباب
وقبراً بالطفوف يضم شلواً=قضى ظمأ الى بَرد الشراب
وسامراً وبغداداً وطوساً=هطول الودق منخرق العباب
قبور تنطف العبرات فيها=كما نطف الصبير (4) على الروابي
فلو بخل السحاب على ثراها=لذابت فوقها قطع السراب
سقاك فكم ظمئت اليك شوقاً=على عُدواء داري واقترابي
تجافي يا جنوب الريح عني=وصوني فضل بردك عن جنابي
ولا تسري إليّ مع الليالي=وما استحقبت من ذاك التراب
قليل أن تقاد له الغوادي=وتنحر فيه أعناق السحاب
أما شَرق التراب بساكنيه=فيلفظهم الى النعم الرغاب
فكم غدت الضغائن وهي سكرى=تدير عليهم كاس المصاب
صلاة الله تخفق كل يوم=على تلك المعالم والقباب
وإني لا أزال اكرّ عزمي=وإن قلّت مساعدة الصحاب
واخترق الرياح الى نسيم=تطلع من تراب أبي تراب
بودي ان تطاوعني الليالي=وينشب في المنى ظفري ونابي
فارمي العيس نحوكم سهاماً=تغلغل بين أحشاء الروابي
ترامى باللغام على طلاها=كما انحدر الغثاء عن العُقاب (5)
وأجنَب بينها خرق المذاكي=فأملي باللغام على اللغاب
لعلي أن ابلّ بكم غليلاً=تغلغل بين قلبي والحجاب
فما لقياكم إلا دليل=على كنز الغنيمة والثواب
ولي قبران بالزوراء أشفي=بقربهما نزاعي واكتئابي
أقود اليهما نفسي واهدي=سلاماً لا يحيد عن الجواب
لقائهما يطهر من جناني=ويدرأ عن ردائي كل عاب
قسيم النار جدي يوم يلقى=به باب النجاة من العذاب
وساقي الخلق والمهجات حرّى=وفاتحة الصراط الى الحساب
ومن سمحت بخاتمه يمين=تضن بكل عالية الكعاب
اما في باب خيبر معجزات=تصدق أو مناجاة الحُباب
ارادت كيده والله يأبى=فجاء النصر من قبل الغراب
أهذا البدر يكسف بالدياجي=وهذي الشمس تطمس بالضباب
وكان إذا استطال عليه جانٍ=يرى ترك العقاب من العقاب
أرى شعبان يذكرني اشتياقي=فمن لي أن يذكركم ثوابي
بكم في الشعر فخري لا بشعري=وعنكم طال باعي في الخطاب
اجلّ عن القبائح غير أني=لكم أرمي وأرمى بالسباب
فأجهر بالولاء ولا أورّي=وأنطق بالبراء ولا أحابي
ومَن أولى بكم مني وليّاً=وفي أيديكم طرف انتسابي
محبكم ولو بغضت حياتي=وزائركم ولو عقرت ركابي
تباعد بيننا غِيَرُ الليالي=ومرجعنا الى النسب القراب (6)