في رثاء الحسين بن علي (ع) يوم عاشوراء
الشريف الرضي - نقيب النقباء
هذي المنازل بالغميم فنادها=واسكب سخيّ العين بعد جمادها
إن كان دين للمعالم فاقضه=أو مهجة عند الطلول ففادها
ولقد حبست على الديار عصابة=مضمونة الايدي الى أكبادها
حسرى تجاوب بالبكاء عيونها=وتعط للزفرات في أبرادها(1)
وقفوا بها حتى كأن مطيهم=كانت قوائمهن من أوتادها
ثم انثنت والدمع ماء مزادها=ولواعج الأشجان من أزوادها
هل تطلبون من النواظر بعدكم=شيئاً سوى عبراتها وسهادها
لم يبق ذخر للمدامع عنكم=كلا ولا عين جرى لرقادها
شغل الدموع عن الديار بكاؤنا=لبكاء فاطمة على أولادها
لم يخلفوها في الشهيد وقد رأى=دفع الفرات تذاد عن ورادها
أترى درت أن الحسين طريدة=لقنا بني الطرداء عند ولادها
كانت مآتم بالعراق تعدّها=أموية بالشام من أعيادها
ماراقبت غضب النبي وقد غدا=زرع النبي مظنّة لحصادها
باعت بصائر دينها بضلالها=وشرت معاطب غيّها برشادها
جعلت رسول الله من خصمائها=فلبئس ما ذخرت ليوم معادها
نسل النبي على صعاب مطيها=ودم النبي على رؤوس صعادها
وا لهفتاه لعصبة علوية=تبعت أمية بعد عز قيادها
جعلت عران الذل في آنافها=وعلاط وسم الضيم في أجيادها(2)
زعمت بأن الدين سوّغ قتلها=أوليس هذا الدين عن أجدادها
طلبت ترات الجاهلية عندها=وشفت قديم الغِل من أحقادها
واستأثرت بالأمر عن غيّابها=وقضت بما شاءت على أشهادها
الله سابقكم الى أرواحها=وكسبتم الآثام في أجسادها(3)
إن قوّضت تلك القباب فانما=خرّت عماد الدين قبل عمادها
إن الخلافة أصبحت مزوية=عن شعبها ببياضها وسوادها
طمست منابرها علوج امية=تنزو ذئابهم على أعوادها
هي صفوة الله التي أوحى لها=وقضى أوامره الى أمجادها
أخذت بأطراف الفخار فعاذرٌ=أن يصبح الثقلان من حُسّادها
عصب تقمّط بالنجاد وليدها=ومهود صبيتها ظهور جيادها
تروي مناقب فضلها أعداؤها=أبداً وتسنده الى أضدادها
يا غيرة الله اغضبي لنبيه=وتزحزحي بالبيض عن أغمادها
من عصبة ضاعت دماء محمد=وبنيه بين يزيدها وزيادها
صفدات مال الله ملء أكفها=وأكف آل الله في أصفادها
ضربوا بسيف محمد أبناءه=ضرب الغرائب عدن بعد ذيادها
قف بي ولو لوث الإزار فإنما=هي مهجة علق الجوى بفؤادها
بالطف حيث غدا مراق دمائها=ومناخ اينقها ليوم جلادها
تجري لها حبب الدموع وإنما=حَبّ القلوب يكنّ من إمدادها
يا يوم عاشوراء كم لك لوعة=تترقص الأحشاء من إيقادها
ما عدتَ إلا عاد قلبي غلّةً=حرّى ولو بالغت في إبرادها
مثل السليم مضيضة آناؤه=خزر العيون تعوده بعدادها
يا جد لا زالت كتائب جسرة=تغشى الضمير بكرّها وطرادها
أبداً عليك وأدمع مسفوحة=إن لم يُراوحها البكاء يغادها
أأقول جادكم الربيع وأنتم=في كل منزلة ربيع بلادها
أم أستزيد لكم علاً بمدائحي=أين الجبال من الربى ووهادها
كيف الثناء على النجوم إذا سمت=فوق العيون الى مدى أبعادها
أغنى طلوع الشمس عن أوصافها=بجلالها وضيائها وبعادها