في الحائر الحسيني - كربلا لا زلت كربلا و بلا
الشريف الرضي - نقيب النقباء
ما قاله و هو بالحائر الحسيني:
كربلا لا زلتِ كرباً و بلا=ما لقي عندكِ آل المصطفى
كم على تُربكِ لما صُرعوا=من دمٍ سالَ و من دمعٍ جرى
كم حصان الذيل يروى دمعها=خدها عند قتيل بالظما
تمسح الترب على أعجالها=عن طلا نحرٍ زميل بالدما
و ضيوفٌ لفلاةٍ قفرةٍ=نزلوا فيها على غير قُرى
لم يذوقوا الماءَ حتى اجتمعوا=بحدي السيف على ورد الردى
تكسف الشمسَ شموسٌ منهم=لا تدانيها علواً و ضيا
و تنوشُ الوحشُ من أجسادهم=أرجل السبق و أيمان الندى
و وجوهاً كالمصابيح فمن=قمرٍ غابَ و من نجمٍ هوى
غيّرتهن الليالي و غدا=جائرُ الحكم عليهم بالبلى
يا رسول الله لو عاينتهم=و هم ما بين قتلٍ و سبى
من رميضٍ يمنع الظل و من=عاطشٍ يسقى أنابيب القنا
و مسوقٍ عاثرٍ يُسعى بهِ=خلفَ محمولٍ على غيرِ وطا
متعب يشكو أذى السير على=نقَب المنسم مهزول المطا
لرأت عيناك منهم منظراً=للحشا شجواً وللعين قذى
ليس هذا لرسول الله يا=امّة الطغيان والغي جزى
غارس لم يأل في الغرس لهم=فأذاقوا اهله مرّ الجنا
جزروا جزرَ الأضاحي نَسلهُ=ثم ساقوا أهله سوقَ الإما
معجلات لا يوارين ضحى=سَنن الأوجه أو أبيض الطلا
هاتفات برسول الله في=بُهر السير وعثرات الخطا
يوم لا كسر حجاب مانع=بذلة العين ولا ظل خبا
أدرك الكفر بهم ثاراته=وأدل الغي منهم فاشتفى
يا قتيلا قوّض الدهر به=عمد الدين وأعلام الهدى
قتلوه بعدَ علمٍ منهمُ=أنه خامسُ أصحاب الكسا
واصريعا عالج الموت بلا=شدّ لحيينِ ولا مدّ ردى
غسّلوه بدم الطعن وما=كفنّوه غير بوغاء الثرى
مرهقاً يدعو ولا غوث له=بأبٍ برٍ وجدٍّ مصطفى
وبأمٍ رفع الله لها=علماً ما بين نسوان الورى
ايّ جدٍ وأبٍ يدعوهما=جدّ يا جدّ أغثني يا أبا
يا رسول الله يا فاطمة=يا امير المؤمنين المرتضى
كيف لم يستعجل الله لهم=بانقلاب الأرض أو رجم السما
لو بسبطي قيصر أو هرقل=فعلوا فعل يزيد ما عدا
كم رقاب لبني فاطمة=عَرقت بينهم عرق المدى
حملوا رأساً يصلّون على=جده الأكرم طوعاً وإبا
يتهادى بينهم لم ينقضوا=عمم الهام ولا حلوا الحبا
ميتٌ تبكي له فاطمةٌ=و أبوها و عليٌ ذو العلا
لو رسول الله يحيى بعده=قعد اليوم عليه للعزى
معشر فيهم رسول الله وال=كاشف الكرب اذا الكرب عرى
صهره الباذل عنه نفسه=وحسام الله في يوم الوغى
أول الناس الى الداعي الذي=لم يقدّم غيره لما دعا
ثم سبطاه الشهيدان فذا=بحسى السم وهذا بالضبا
وعلي وابنه الباقر والص=ادق القول وموسى والرضا
وعلي وابوه وابنه=والذي ينتظر القوم غدا
يا جبال الأرض عزاً وعُلا=وبدور الأرض نوراً وسنا
جعل الرزء الذي=نالكم بيننا الوجد طويلا والبكا
لا أرى حزنكم ينسى ولا=رزؤكم يسلى وان طال المدى
قد مضى الدهر ويمضي بعدكم=لا الجوى باخ ولا الدمع رقى(1)
أنتم الشافون من داء العمى=وغدا الساقون من حوض الروى
نزل الذكر عليكم بيتكم=تخطى الناس طراً وطوى
أين عنكم لمضلّ طالب=وضَح السبل وأقمار الدجا
أين عنكم للذي يبغي بكم=ظل عدن دونها حر لظى
أين عنكم للذي يرجو بكم=مع رسول الله فوزاً ونجى
يوم يغدو وجهه عن معشر=معرضاً ممتنعاً عند اللقا
شاكياً منهم الى الله وهل=يفلح الجيل الذي منهم شكا
رب ما آووا ولا حاموا ولا=نصروا أهلي ولا إغنوا غنا
بدّلوا ديني ونالوا أُسرتي=بالعظيمات ولم يرعوا الولا
لو ولي ما قد ولو من عترتي=قائم الشرك لأبقى ورعى
نقضوا عهدي وقد ابرمته=وعُرى الدين فما ابقوا عرى
حرمي مسترفدات ونبو=بنتي الادنون ذبح للعدى
أترى لست لديهم كامرئ=خلفوه بجميل اذ مضى
رب إني اليوم خصم لهم=جئت مظلوماً وذا يوم القضا