الهائمون مع الجرح
أمل الفرج
أبصرتُ وجهك فالأشياءُ تنطفئُ = ونورُ وجهكَ في عينيَّ يختبئُ
والأفقُ يحمل في جنبيه زنبقةً = من مائها سيصلّي حولنا الظمأ
وبارتحالِ وجوه التيهِ في زمنٍ = إلى ملامحكَ الأحلى ستلتجئُ
لا يصدق الوعد إلا حين يرحلُ بي = يجتازُ مني طقوساً شفها الصدأ
والحلمُ يأخذُ بحري في جزيرتهِ = والقطرةُ المنتهى تنمو وتبتدئُ
وعند كل منافي الروح أوردة = تصطفُّ جذلى وميلاد الهوى نبأُ
***
أدمنتُ ذكرك في كل الحروف وذا = مرج البراعةِ في ذكراكَ ينكفئ
فصفحة الروح لو باتت على أرقٍ = لسالَ قلبي جمالاً منكَ يهتنئُ
وبتلةُ الكون ما اعتادت على زمنٍ = إلا وأنت على الأكوانِ تتكئُ
بدا الجفافُ على وجه الفصولِ وها = أنتَ اخضرارُ الندى والماءُ والكلأُ
خطَّ المدارُ بوجه اليم ملمسهُ = ودفءُ تربكَ لازال الندى يطأ
وأنتَ تسكنُ فينا ، في ملامحنا = نهيمُ فيكَ كما هامتْ بكَ الملأُ
***
يا سيدَ الدمِ إنَّ الذكرَ فيك نما = وكلُّ تاليهِ في حضنِ السما نشئوا
تلتفُّ ظامئة العشاقِ حبَّهمُ = وفي جنونِ الهوى الأخاذِ ما فتئوا
ويقرءوك دماً للهِ يشعلهُ = وجهُ النبوةِ ، يا نعمَ الذي قرؤوا
وجه النبوة آمالٌ معلّقةٌ = وخصلة الوحيِ بالآياتِ تنتشئُ
هي المجرةُ تصبو في تلفتها = كفاً حسينيةَ الألطافِ تمتلئُ
وشعلةً تسدلُ الأنوار مشرقةً = كلَّ المسافاتِ حتى حين تنطفئ
كأنما الأفق يأتي نحو شاطئهِ = موّزعاً بين أستارٍ لها رفأُ
تحفّزُ الرملَ في ميلادِ صانعها = أنْ يفترشهُ جمالٌ منه مختبئ
فالهائمون مع الجرحِ الذي فتحتْ = عروقُهُ وطناً والنصرُ مبتدئُ
والهانئون مع الأوطانِ ذاكرةٌ = طابتْ وطابَ مداهمْ حينما هنئوا