مع الإمام علي عليه السلام
كلما مرَّ في سماك طماحي=تاه في زحمةِ النجوم جناحي
غمر النورُ كلَّ معناك حتى=ضاع دربُ الخُطى على اللماحِ
ليس في الكون غير شمسٍ و في=معناك كونٌ من الشموس الضواحي
فإذا حارت الخُطى فعذيري=أنَّ دربَ الشموس كلٌَ النواحي
لمعانيكَ ألفُ بابٍ و بابٌ=يا تُرى أين ينتهي مفتاحي
قد يَزين الخميلَ بضعُ ورودٍ=كيف لو كان كلّه من اُقاحِ
فإذا عبَّ من رؤاك يراعي=فتغنّى و غرَّدت ألواحي
فلِأن النُفوسَ من بعضِ راحٍ=تنتشي كيف لو حست كلَّ راحِ
إنّني و القصيد يجلوك ما جئت=ليضفي عليك شيئاً صداحي
هل تزيد الشُموسَ فيما عليها=من شعاع ذبالةُ المصباحِ
لا ولا جئت للمديح فما=أنت فقيرٌ لمدحةِ المدّاحِ
إنّما يطلبُ المدائِح عارٍ=من وشاحٍ و أنت ألفُ وشاحِ
و قصيدي ما جا يُكمل نقصاً=أو يُغطّي على فعالٍ قِباحِ
فزاياكَ يعرف الدّهر فيها=أنّها ذروةُ الكمالِ المُتاحِ
و سجاياكَ مفعماتٌ بطهرٍ=في وضوحٍ ما احتاج للإيضاحِ
و إذا قلتُ أنت كبش السَّرايا=لم أرد أن أعدهُ للنطاحِ
أو أزكي ادّعاءَ أنَّك فخر=لفريقٍ يريده للتَّلاحي
أنت للمسلمين طرّاً رصيدٌ=يتساوون فيهِ بالأرباحِ
إنّما جئتُ أنفض التُرب عن=وجهٍ أرادوه غائماً و هو صاحي
و اُجلِّي مبادئاً رسموها=فشلاً و هي قمة في النَّجاحِ
عشقتك الجراح حيّاً و ميتاً=فرأيناكَ مُثخناً بالجراحِ
بين جرح الأقلام تصميك زوراً=و جراح السّهام وسط السّاحِ
حرص الحقدُ أن يسمِّي قبيحاً=ما بمعناك من حسانٍ ملاحِ
فإذا ما رققت أو بشَ وجهُ=قيل تلعابة كثير المزاحِ
و استزادوا فقيل لا رأي في=الحرب له رغم أنّه ابن كفاحِ
و غريبٌ أن يعوز الرأي قرماً=عاش بين القنا و بيض الصفاحِ
عركته الزحوف و هو ابن عشر=و تفرى أديمه بالسلاحِ
و حناناً أبا الحسين على الحقد=فأهل الأحقاد في أتراحِ
أعليٌ يؤذيه رأي رقيعٌ=لابن عاصٍ أو كذبة من سجاحِ
و الوجوه المشوَّهات بديه=لصقها العيب بالوجوه الصباحِ
فليزذ ما لديك من كل مجدٍ=و ليزد كذبهم من الإلحاحِ
لا ألوم الزمان إن ضاق عمّا=أنت فيه من الحجوم الفساحِ
فمحالٌ أن تلبس الشمس ثوباً=أو تصب البحار في أقداحِ
و حريٌ لو أنكرتك نفوسً=حجمها حجم ما لها من براحِ
و تنادت بأنَّ نهجك قولٌ=نسبوه و ما بهِ من صِحاحِ
و بأنَّ الذي رووا لك شيء=فوق حجم العقول و الأرواحِ
و بأنَّ الغلوّ، و الغبن إذ=نالك قد أركباك متن الضّراحِ
لا فما أنصفتك والله يدري=صفحات التاريخ بالإفصاحِ
و لقد لاحقت سفينك بالأنواءِ=و الموج عاتياتُ الرِّياحِ
و ألحت فراعها أنَّ أعتى=موجها لم يضر بالسبَّاحِ
و لقد فاتهم بأنَّ المزايا=فلتةٌ لا استجابة لاقتراحِ
يجمح العبقري فيما حباه=الله و الناس دونهُ في الجماحِ
فإذا ما أبى عليك التجلِّي=منطق العجز في النّفوس الشّحاح
إمتطي النَّجم مغرقاً في صعودٍ=و دع الأرجلَ التي في كساحِ
أسرف الدّهر في عدائِك حتى=ليس بين الإثنين من إصلاحِ
و تصدّى لأن يساويك بالأدنى=و يُدني شُمَّ الذّرى للبطاحِ
إنّها نكبة المقاييس فينا=أن يقاس الخرنوب، بالتفاحِ
ليس بين الإثنين وحدة سنخٍ=بين ليلٍ معتم و صباحِ
و تجنّى على مواليكَ بالتكفير=و الظلم و الدعاوى الوقاحِ
حزّ أوداجهم و أسرف حتى=ملّت الذبح شفرة الذبّاحِ
و أخاف النفوس و اصطلمَ الأجساد=و افتنَّ في أذىً و اجتياحِ
و حداه الطّغيان أن يمنع الأفواه=حتّى عن الكلام المباحِ
غير أنَّ اللهيب مهما تلظّى=محرقٌ للجسومِ لا الأرواحِ
قد عرفنا أنَّ المبادئ تسقى=بلظى النار لا بماءٍ قراحِ
إلصقي يا خطى بدرب عليًّ=فسينهيك دربه للفلاحِ
أيّها الممسكون حجزة مروان=هنيئاً بنشره الفوّاحِ
نسب بين كل متنٍ و شرحٍ=و رواه المتون و الشرّاحِ
نَصَفٌ بيننا لكلٍ جناه=و يُرد الختامُ للإفتتاحِ
ربّنا لو دعوتَ كلَّ اناسٍ=بإمامٍ لهم فهذا مراحي
يا أليفي في موطني و دياري=و أنيسي بغربتي و انتزاحي
يا شعاعاً أجلوه عند غدوِّي=و سكوناً أغشاه عند رواحي
هائمٌ فيك غبت عن هذه=الدُّنيا بما في رؤاكَ من أشباحِ
كلّ همسٍ بخاطري يتغنّى=بمعانيكَ في قوافٍ رداحِ
خذ بكفي أبا تراب فإنِّي=مُغرَمٌ في ترابكَ النّفّاحِ