رسالة للحسين (ع)
دأبتُ أزورك في كل عام=و ألثم تربك يا ابن النبي
و يا ابن علي و يا ابن البتول=و يا ابن ذرى المجد في يثربِ
أترب خدي بعفر الثرى=بحيث دماؤك لم تنضبِ
بحيث يلعلع ثغر أبى=بأن يحتسي الذل في مشربِ
وهام أبى للطغاة الركوع=وإن فلقوا منه بالمضربِ
يخبرنا أن دنيا الشموخ=بغير الأسنة لم تطلبِ
فأنت الصلابة والاعتداد=إذا افتقر الساح للأصلبِ
وأنت إذا ما استبد الظلام=شمس مدى الدهر لم تغربِ
وأنت السداد وأنت الرشاد=وأنت النزوع إلى الأصوبِ
سمو وهم في مهاوي الحضيض=وعز وهم عند عيش وبي
فيا لك يا لعطاء الدماء=يحيل الفلا لثرى معشبِ
ومرت سنين ولم أجتلي=سمائك في روضك المخصبِ
بعيد ضريحك عن راحتي=ولست بعيدا على مطلبيِ
وحين نأى الطف زرت الشآم=وحدت لرواية مركبي
إلى جدث فيه منك المثال=تحدر من جذرك المنجبِ
فأنت هناك بكل علاك=كيان تجسد في زينبِ
مثال الكفاح التي آزرتك=على عبء نهضتك المصعبِ
ومن وقفت تكشف السر عن=جهادك في منطق معربِ
ومن هي في السبي لكنها=تمرغ من جبهة المستبي
تقول له إسع مهما سعيت=وناصب بمالك من منصبِ
وتنذره من غرور الهوى=وحكم سوى العار لم يعقبِ
أجل سوف تعرف بعد المدى=من الفائزين إلى الخيبِ
ستفنى ويقنى دوي النفير=وما حشد الزيف من موكبِ
ويهدم صرح وأي الصروح=بنى الظالمون فلم يخربِ
وتبقى ضرائحنا هاهنا=مزار القلوب مدى الأحقبِ
مضمخة بالولاء الصميم=ودمع على الغير لم يسكب
ويمطرها الله في وابل=من اللطف عذب لمستعذبِ
أجل تلك عاقبة المتقين=وعقباك في بارق خلبِ
ربى (قاسيون) أقامت عليك=شواهد بيضاء لم تكذبِ
لو انَّك أبصرت في لا بتيك=ضرائِح للصبية الزُغّبِ
تغسِّلها أدمع الزائرين=و في أذرعٍ منهم تحتبي
لأدركت أن دماء الطفوف=معينٌ إلى الآن لم ينضبِ
فيا لدماءٍ بأهدافها=تضم البعيد إلى الأقربِ
و يا كربلا يا هدير الجراح=و زهو الدَّم العلوي الأبي
و يا سفر ملحمة الخالدين=بغير البطولة لم يكتبِ
و يا شفةً بنشيد الدما=تغرد عبر المدى الأرحبِ
و يا عبقاً في ثرى العلقمي=يشد الأنوف إلى الأطيبِ
و يا صرح مجدٍ بناه الحسين=و أبدع في رصفهِ المعجبِ
يشيّد من جبهةٍ ادميت=و خدًّ بعفر الثرى متربِ
سيبقى الحسين شعاراً على=اصيلك و الشفق المذهبِ