إلـــــــــى الـــكــعــبــة الـــــغــــرّاء
حــمـلـت لـبـانـاتـي و كـــل
رجــائـي إلـــى بـابـك الـحـاني عـلـى
الـفـقراءِ
إلـــى ســائـغ مــن رحـمـةٍ و
مـصـرد مـــن الـنـبـع غــمـرٍ دافـــقٍ
بـعـطـاءِ
يـفيض لـمحض الـفيض مـن دون
مِنةٍ و لا خـــــوف ذمٍ و انــتـظـار
جــــزاءِ
مــلامـح مـــا غـامـت بـوجـه
مـؤمـلٍ و لا أعــرضـت عـــن مـلـحفٍ
بـدعـاءِ
و لا رحـبـت فــي مـقـبلٍ دون
مـدبـرٍ و لا فــرّقـت فــي الأهــل و
الـغـرباءِ
و لا اسـتـتـرتَ دون الـعـفاةِ
بـحـاجبٍ غــلـيـظٍ ولا فــــدمٍ مــــن
الـخـفـراءِ
يــعــبِّـس لـلـمـسـتـضعفين
بــوجـهـه و يــبـسـم نــحــو الــسـادة
الـكـبـراءِ
تـساوى لديه القصر و الكوخ و
احتفى بــمــرتـفـع الأنـــســاب و
الــهـجـنـاءِ
و أيـن يرجى اللطفُ و العدلُ و
الندى بـــغــيــر رحـــــــابِ الله
لــلــنــزلاءِ
دلفت إلى الوادي و في النفس صورةٌ تـــلــوح و لــكــن لا تــبـيـن
لــرائــي
فـآنـست فــوق الـرَّمل خـطو
مـحمدٍ و فــي الأفــق أطـيـافاً و سـحـر رواءِ
و سـيماء وجهٍ ترسم الطهر و
الشذى عــلـى كـــل وجــهٍ بـالـحمى و
فـنـاءِ
غـــــداة تــخـطّـاهـا الــنـبـي
مــهـلـلاً لـيـتـاف نــفـح الــوحـي عــنـد حــراءِ
و عـــاد و عـــاد الـوحـيـبين
شـفـاهـهِ مــقــاطــع آيـــــاتٍ و جـــــرس
أداءِ
و فـيـض مـن الـنعمى تـنظره
الـسما و تــمـنـح فــقــر الأرض كـــلّ غــنـاءِ
فـهـوّمـت الـصـحراء تـسـمع
هـمـسهُ و تـنـعـم مـــن ســحـرٍ بـــهِ و
بــهـاءِ
و تـشـتار مــن نـوريـن وجــه
مـحـمدٍ و وحــــي تــغـشـاه، فــــأيَ
ثــنـائـي
و لـمـا تـخـطيت الـحجون و
أصـبحت خـطـاي عـلـى شــوقٍ و قــرب
لـقاءِ
طــرحــت و آمــالـي طـــواح
جــمـةٌ ثِــقـال فــمـا أكّـــدت بــبـاب
كـــداءِ
و أغــرى سـؤالـي أن جــودك
صـائـحٌ هــلـمـوا فــعـنـدي مـنـهـلٌ
لـظـلـماءِ
و أنّـــك أوجـــدت الـضـيـاء
لـمـظـلمٍ و لـــو لا ظـــلام لـــم تــجـئ
بـضـياءِ
و أنّـــك غـــوثٌ مـــا تــشَـوَق
رفــدهُ أخــــو مــحـنـةٍ و ارتـــد دون
جـــداءِ
فـــإذ حـــط إبـراهـيم هـاجـر و
ابـنـها عــلـى وجــلٍ فــي وحـشـةٍ و
عــراءِ
وسـعـتـهما مـــن رحــمـةٍ و
كــرامـةٍ و نـبـعين مــن مـهوى الـقلوب و
مـاءِ
و مـــا كــنـت ربــاً لـلـنبيين
وحـدهـم فـــإنــك رب الـــنــاس و
الـضـعـفـاءِ
فـيـا رب عـنـدي ألــف هـاجر و
ابـنها و أهــــلٌ و شــعـبٌ غـــارقٌ
بـشـقـاءِ
تـمـطّى بــه فــرط الـبـلاء فـمـر بـأن يُـخـلّـص مـــن ســـوءٍ و فــرطِ
بــلاءِ
عـكـفت عـلـى حـزنـي ألــوذ
بـجمرهِ و أغــــرق فــيــهِ إنَّ فــيـهِ
شِـفـائـي
و مـــن خـبـر الأحــزان يـعـرف
أنّـهـا هـي الـمن و الـسلوى عـلى
نـظرائي
فـلو لا الـشجى مـا نـغُم الأيـك
صادحٌ ولا امـتـاز أهـل الـحزن فـي الـشعراءِ
و لا كــانـت الـخـنـساء لـحـناً
مُـخَـلداً و لا فـجّـرت فــي صـخـرٍ نـبـع
إخــاءِ
و بـعض الـظما قد ينشد الورد
بالظما و رُب دواءٍ تـــرتـــجــيــهِ
بــــــــــداءِ
و مـا كـنت شـادي الـليل دون
صباحهِ و بـالـصـبح رأد فـــي شـفـيف
سـنـاءِ
و لـكـن عـشقت الـليل نـجماً و
هـدأةً و عـمـقاً يــواري الـحـزن عــن رقـباءِ
و مـنـطـلقاً أرقــى بــه كــل
شـاهـقٍ و أجـعـل فـيـه الـنـجم مـن
سـفرائي
و ارســـل أحــزانـي وضّـــاءً
طـلـيقةً تــحـررن مـــن قـيـدٍ و ضـيـق
وعــاءِ
تــعــوّدنَ يــشـربـن الإبـــاء
مـدامـعـاً و مــا اعـتـدنَ غـير الـنجم مـن قـرناءِ
عـلـى الـكـعبة الـغرّاء مـرت
جـحافلٌ مــلـبـيـةٌ فـــــي خــشــعـةٍ و
بــكــاءِ
تـعـادل فــي آمـالها الـخوف و
الـرجا و زال عــــن الـعـيـنين كـــلّ
غــشـاءِ
فـبـانـت لـهـا الـدّنـيا غــروراً و بـاطـلاً و نــتــنـاً يــغـطـي ريــحــه
بــغـطـاءِ
و قـد نـكشف الأسـرار للنفس
ومضةً تـــمــر بـــهــا أو لــحــظـةً
لــصـفـاءِ
و لـمـا دخـلـت الـبـيت و الـموج
رائـحٌ يــرنـح خــطـوي بـالـطـواف
رجـائـي
تــحـررت مــن تـلـك الـحـواجز
كـلـها و لـــم يــبـق مـنـهـا واحـــدٌ
بــإزائـي
فــمـا مــن زمــان أو مـكـانٍ أو الأنــا و لا كـــلّ تـعـريـفٍ لـــدى
الـحـكـماءِ
و ألـفـيت وجـهـاً هـمـت فـيـه
ولـجـةً سـبـحـت بــهـا مــن روعــةٍ و
سـنـاءِ
و أمـلـت أن يـفـنى الـمـكان و
يـنتهي الـزمـان و مــا بـالـبين مــن
وسـطاءِ
و يــرجـع قــطـر مــن بـحـارٍ
لأصـلـهِ و لـلـوطـن الـمـنـشود يــرجـع نــائـي
سـلام رحـاب الـوحي مـن بـطن
مكةٍ و مـهـبـطـهُ فــــي غـــدوةٍ و مــسـاءِ
عـلى الـبيت فـيما ضـمه مـن
مشاعرٍ يــحِـن إلـيـهـا الــشـوق فــي
بـرحـاءِ
عـلى الـطائفين الـعاكفين و
أصـحرت مــشــاعـرهـم لـــلـــه دون
خـــفــاءِ
عـلـى هــزة مـن خـشية الله
عـندهم عــلـى الـصـلـوات الــغـر و
الـحـنفاءِ
عـلـى ضـعـف أبـنـاء الـثمانين
ارمـلوا بـسـعـيـهـم مــــن مــــروة
لــصـفـاءِ
رأوا أنَّ وجــــه الله أبــقــى
ذخــيـرةً مــــن الــمــال و الأولاد و
الــرفـقـاءِ
فــثـابـوا يـحـطـون الـجـبـاه
بـخـشـيةٍ عــلـى الـحِـجر أو بـالـخيف أو
بـقـباءِ
و بـالـبيت لـمح مـنك ربـي و لـوحظوا بـأكـثـر ذابـــوا فـــي جــوى
الـعـرفاءِ
و يـــا رب روحـــي اثـقـلـتها
ذنـوبـهـا و ارهــقـهـا حــــزن و طـــول
عــنـاءِ
و أوحـشـهـا فــقـد الأحــبـة
فـانـتهت إلـــى مــنـزل قــفـر الـفـنـاء
خـــواءِ
و أنــــت عــطـاءٌ لا حـــدود
لـفـيـضهِ و قُـــربٌ مــن الـداعـين لـيـس
بـنـاءِ
و قـد لاذ فـقري فـي غِـناكَ و
غُـربتي بــأنّــك يــــا ذا الــمـجـد و
الـنـعـمـاءِ
و ارسـلـت تـوحـيدي لـذاتـك
مُـخـلصاً و ورد خــفـي الـصـوت غـيـر
مـوائـي
و مِـثـلك لا يـعـنيهِ مـثـلي فـلـم
تـكـن تــضـيـق رِحــــابٌ مِــنـكَ
بـالـبـؤساءِ
و مـــا جـعـلـت مـــا بـيـننا اي
نـسـبة و مـــا ذرة فـــي الـكـون غـيـر
هـبـاءِ
لـمن كـل هـذا الـعفو ان لـم تـفز
بـهِ مـمـالـيـك امــثـالـي مــــن
الـعـتـقاءِ
عـلـى تـلـعات بـالـمحصب مــن مِـنى و فـــي عــرفـات الله كـــان
ثـوائـي
شـممت الـثرى طـيباً و عـانقت
عفرة و اضـجـعت خــدي فــوق خـير
وطـاءِ
و عـايـنت وجــه الله فــي كــل
تـلعةٍ و فـــي كـــل افــق حـولـها و فـضـاءِ
و ادركـــت لـلإسـلام بـالـحج
حـرصـهُ عــلــى وحـــدة لـلـمـسلمين
ســـواءِ
يــذوب بـهـا الاعـلـى بـادنى و
يـلتقي بـمـنـظـورهـا الاتـــبــاع
بــالــرؤسـاءِ
فـابقيت و كـفا من دموعي على
منى لـيـحسب يـوم الـحشر مـن
شـفعائي
و لـو كـان قـلبي يـعدل الـهدي
سقته إلــــى الله هــديــاً دون كـــل
فـــداءِ
فـيـا رب ضّـيِـف فـي فـناك
حـوائجي بــمــأدبــةٌ مـــــلأى بـــكــل
غـــــذاءِ
تــضـلـع مِــنـهـا كـــل بـــرٍ و
فــاجـرٍ و اضـفـت عـلـى الـجـهال و
الـفضلاءِ
و مـــا حـرمـت حـتـى الـكـفور
بـربـهِ و تــلـك سـجـايـا الــسـادة
الـكـرمـاءِ
و يــا رب نـقـصي عـن كـمالِكَ
عـاجزٌ ثــنـاهُ و ان يـسـمـى مــن
الـفـصحاءِ
و مـنـك إلـيـك الـفضل و الـحمد
كـله فــإنــي و ان اثــنـيـت مِــنـكَ
ثـنـائـي
أيـــا رب حـالـت دون حـجـي حـوائـلٌ فـارسـلـت دمــعـي داعــيـاً و
نِـدائـي
و لـلـضّـر أصــواتٌ إذا امــت
الـسـما يــفــك لــهــا لــلـتـو بــــاب
ســمـاءِ
فــأنـت حــضـور عــنـد كـــل
تــوجـهٍ و أنــــت بــقــاءٌ بــعــد كــــل
فــنـاءِ
و مــا كــان حــجٌ قــد امــرت
بـفعلهِ ســوى مـظـهر الإذعــان مـن
صُـلَحاءِ
و إلا فــأنــت الله لا أيــــن أو
مــتــى و لا نـــعـــتٌ قِــــــدامُ لـــــهُ و
وراءِ
و عـنـدك مــا يُـطفي اوار
حـشاشتي و يـمـسـح احـزانـي و فــرط
اسـائـي
أيــا واحــداً فــي كــل نـعتٍ و
قـدرةٍ تـــنــزّه مــعــنـاه عــــن
الــشـركـاءِ
و تـسـبيحةٌ فـي كـل شـيءٍ، و حـكمةٌ عــلـى الــكـون يـبـدو سـرهـا
بـجـلاءِ
و يــا امــلاً فــي كــل قـلـبٍ
مُـعّـذب و يـــا بـسـمـة فــي اعـيـن
الـتـعساءِ
الـسـت خـلـقت الـحـب و الـخير كـله و شـــائـــجٌ لــلأدنَــيــن و
الــبُــعَــداءِ
و لـــي وطـــنٌ فــيـه اذوب و
صـبـيةٍ بـنـيـتـهم مــــن ادمــعــي و
دمــائـي
و كـلـهـم قـــد مـسـه الـضـر و
الأذى و بـــات عــلـى قــيـدٍ مــع
الـسـجناءِ
بــكـفِـكَ يــــا رب الـمـفـاتـيح كــلـهـا و نــاصــيـة الأشـــــرار و
الــشُـرَفـاءِ
و أنـت ولـي فـاكشف الـضر و
الاسى فــمـا ضـــر لـــو أكـرمـتـني
لـولائـي
و مــا ضــر لــو ارسـلـت مـنك
إرادةً لـتـنـهـي احـتـكـام الـقـيـد
بــالاسـراءِ