الدم الثائر
أ نواحٌ في الطفِ أم تغريدُ=و لظىً سال أم دمٌ و صديدُ
و دم الثائرين و هو دوّى=يُرهب الظالمين فيهِ وعيدُ
إن صوت الأحزان دمعٌ و لكنَ=للدماء صوتها المرن الحديدُ
إنها لا تراق كي يكثرَ الدمع=لها أو لخصمها التنديدُ
فإذا ابتز بعضها الدمع يبقى=للعُلا و الشموخ فيها المزيدُ
هو بالحرب موقفٌ و حسامُ=و هو للحزن دمعةٌ و قصيدُ
حملتها الدنيا دموعاً و سيفاً=و لكلٍ في أفقهِ ما يريدُ
يا دماً كلما تشيب الليالي=يجتليهِ الزمان و هو جديدُ
ماردٌ يحمل الحُسين حساماً=كُلما مرَّ بالوجود يزيدُ
و إذا عرَّش الخنوع بجيلٍ=و انحنى منه للمذلّة جيدُ
دبّ من روحه إلى الوهن عزمٌ=فإذا الوهن فارسٌ صنديدُ
هكذا أنت كلما افقتر الدهر=لعزمٍ فمن دماك الرصيدُ
مشعلٌ لم يزل يضيء و إن=حاول اخماده الظلام الشديدُ
و نزوع حرَّ و كم ساومت كي=تحتوي نزعة النفوس العبيدُ
انها عزمة النبوات تمشي=و لو الدرب فيه جهدٌ جهيدُ
من مقاييسها بأن الورى الموتى=و ان الحي الوحيد الشهيدُ
و وريدٌ تخال تلك المدى=أن قطعته لكنه ممدودُ
اُفُقٌ من حياتهِ يرفد الدنيا=فيا للعطاء كيف يجودُ
لم تنله الطٌغاة بل نال منها=رُبّ فعلٍ أشدٌّ منهٌ الردودُ
و جنود البغي الكثر قليلٌ=و دم الحق و هو فردٌ جنودُ
انه نبض أمة ادّها الطغيانُ=و ما اهتز فيهِ عِرقٌ عنودُ
و هو إذ تلتقي الشعور عليهِ=كعبة تلتقي عليها الوفودُ
و هو من بعد كل هذا كتابٌ=حمل الحق و الضحايا شهودُ
أ وريدٌ حملت أم هو تيار ؟=غني بالثائرين ولودُ
جرف المرجفين و افترع الصعب=و ما اوقفت خطاه السدودُ
مشرأب فما وهى النزع في جنحيهِ=بل يتبع الصعود صعودُ
اريحي ما جاء يأخذ بل يعطي=فمنه اجتدى الخلود الخلودُ
و نبيلٌ في نبعهِ فسواءٌ=شاكرٌ عبّ صفوهُ أم جحودُ
و شجاعٌ ما ثار للبغي لكن=عن ذِمار الدين الحنيف يذودُ
فهو اطروحة السماء إلى الأرض=إذا زاحم القيام القعودُ
يا (أبا الثائرين) اكبر معناكَ=بأن يحتويهِ ثوبٌ زهيدُ
فمجاليك لم تكن ذات يوم=رغبات ينالها مستفيدُ
أو طبول بها دوي و ايقاع=و رصف المديح و التمجيدُ
فدم الثائرين أقصى مناهُ=أن يحاذي أهدافه التجسيدُ
ان كل الوجود دون دم حر=كيان محقر رعديدُ
فتألق يا شعلة تهزم الظلماء=حتى يبين نهج سديدُ
يصنع الخصب موقف دونه الدنيا=على وسعها سهوب و بيدُ
سيدي ان تكن جراحك شظّت=منك جسماً فالجسم شلو قديدُ
هونتها جراح ما صنع السبي=و لفح السياط و التقييدُ
بنساء كرائم ربهن الوحي=و الدين و الكتاب المجيدُ
خفرات دنيا (محمد) غذّتها=و دنيا (محمد) تسديدُ
من جذور محلّقات و بيتٌ=هو عن كل ما يشين بعيدُ
فوراء الخدود سنخٌ من الزهراء=يروي نشيجها و يجيدُ
هكذا رفّت الغصون على=جذرٍ كريمٍ فطارفٌ و تليدُ
أوتدري ما شان بيض وجوه=أطبقت حولها الخطوب السودُ ؟
أفعمت روحها الرزايا فما للوجدِ=و الدموع و الشجون حدودُ
و لوتها السياط و هي رعابيب=فضجّت من السياط زنودُ
في اسار تروي فواجعهُ ال=رمضاء و الشمس و الرُبى و النجودُ
خلفها من ربوا بحجر رسول الله=صرعى على الرماد رقودُ
و إلى جنبها عليلٌ على الشارف=شدّت بساعديهِ قيودُ
و رؤوسٌ لأهلها نصب عينها=لواها الهجير فهي جلودُ
فمضت تُطبِق الجفون ففي بعض=الذي حولها تذوبُ الكُبودُ
و صِغارٌ براعم وجههم للأم=يبدو به المنى و العيدُ
يطفح البشر بالسِماتِ و يزهو=بالخدود البريق و التوريدُ
مسحتهم كف النبي بنورٍ=فمن الجَد ما رواه الحفيدُ
هصر اليتم عودهم فألحّو=يسأل الأم عن أبيه الوليد
سأل القيد هل أولاء صغار=أم هم في الأغلال درٌّ نضيد
أيُّها الأمهات قد فرغ المهد= فما الهدهدات و الترديد
ليس عن هذه الأغاريد للأطفال=إلا البكاء و التسهيد