اما في بياض الشيب حلم لاحمق
العلويات
اما في بياض الشيب حلم لاحمق=به يتلافى من لياليه ما بقي
وما بالالى بانوا نذير لسامعٍ=فان مناديهم ينادي الحق الحق
وان امرأ سرن الليالي بظعنه=لاسرع ممن سار من فوق أينق
وسيان عند الموت من كان مصحراً=ومن كان من خلف الخباء المسردق
وهل تؤمن الدنيا التي هي انزلت=(سليمان) من فوق البناء المحلق
ولا سدَّ فيها (السد) عمن اقامه=طريق الردى يوماً ولا ردّ ما لقي
وأعظم ما يلقى من الدهر فادح=رمى شمل آل المصطفى بالتفرق
فمن بين مسموم وبين مشرد=وبين قتيل بالدماء مخلّق
غداة بني عبد المناف أنوفهم=ابت ان يساف الضيم منها بمنشق
سرت لم تنكب عن طريق لغيره=حذار العدى بل بالطريق المطرق
ولا دخلت تحت الذمام ولا اتقت=بغير القنا اعداءها يوم تتقي
الى أن أتت ارض الطفوف فخيمت=باعلى سنام للعلاء ومفرق
واخلفها من قد دعاها فلم تجد=سوى السيف مهما يعطها الوعد يصدق
فمالت الى أرماحها وسيوفها=وأكرم بها أنصار صدق وأخلق
تعاطت على الجرد العتاق دم الطلا=ولا كمعاطات المدام المعتق
فما برحت تلقى الحديد بمثله=قلوباً فتثني فيلقا فوق فيلق
الى أن تكسرن العواسل والضبا=ومزقت الادراع كل ممزق
وتاقت الى لقيا الاله نفوسها=ففارقن منها كل جسم مفرق
وما فارقت أيمانها بيض قضبها=وما سقطت إلا بكف ومرفق
وما ربحت منها العدى بعد قتلها=من السلب إلا بالدلاص المخرق
الا (متهم) ينحو المدينة مسرعاً=ليوصلها عني رسالة (معرق)
اذا حلَّ منها مهبط الوحي فلينخ=ويعول كأعوال الولود المطرّق
اهاشم هبي للكفاح فلم اخل=على الضيم يوماً أن تقري وتخفقي
فان دم الانجاب من آل غالب=اريق على كف ابن ضبع مُلفَّق
فليس بمجد بعد غبنك فيهم=بان تقرعي سناً عليهم وتصفقي
مضى من قصى من غدت لمضيَّه=كوجه قصير شانه جدع منشق(30)
وكم من صبي لم يشبَّ ترفعاً=عن الطوق ذي جيد بسيف مطوق
وطفل على الغبراء تنظر وجهه=كشقة بدر بالثريا مقرطق(31)
اذاقوهم حرّ الحديد عواطشاً=ومن عذب ماء قطرة لم تذوّق
لو ان رسول اللّه يرسل نظرة=لردت الى انسان عين مؤرق
وهان عليه يوم (حمزة) عمه=بيوم حسين وهو أعظم ما لقي(32)
ونال شجى من زينب لم ينله من=صفية إذ جاءت بدمع مدفق
فكم بين من للخدر عادت كريمة=ومن سيروها في السبايا لجلّق
وليت الذي احنى على ولد (جعفر)=برقة احشاء ودمع مرقرق(33)
رأى بين أيدي القوم أيتام سبطه=سبايا تهادى من شقي الى شقي
وريانة الاجفان حرانة الحشى=ففي محرق قامت تنوح ومغرق(34)
فلا حر احشاها مجفف دمعها=ولا الدمع ماض عن حشاها بمحرق
فقل للنجوم المشرقات ألا اغربي=ولا ترغبي بعد الحسين بمشرق
فقد غاب منها في ثرى القبر نير=متى هي تستقبل محياه تشرق
وقل للبحار الزاخرات ألا انضبي=مضى من نداه مدّها بالتدفق