مـــع كـــلّ تـسـبـيحٍ نـعـانـقُ هـديَـه
(مـرثية الإمام الصادق عليه السلام)
أدمــوعــنـا؟ بــــل إنــهــا
لــجـمـارُ وتــفــجّـع؟ بــــل ثــــورةٌ
وقــــرارُ
لا لـلـرحيل وحـسْبُ تـلتعج
الـحشى لا بــل لـشـمس ٍ لـم يـصنْها نـهارُ
!
لـسـحـابةٍ جــحـدوا عـطـاها
بـعـدما مـنـهـا جـــرتْ بـقـفـارهم أنــهـارُ
!
لـمـنـارةٍ عــقّـوا ضِـيـاها وهــي
لــمْ تــبـخـلْ بــنـورٍ والــظـلامُ سُــعـارُ
!
لا لـلـرحيلِ وحـسْبُ تـلتعجُ
الـحشى بــــلْ لـلـكـريمِ جـــزاؤُه الإنــكـارُ
!
يــاسـيّـدي، مــالــمْ تُــعـنّـي
إنّــنـي قــلــمٌ ضــئـيـلٌ مــــا بــــه
أحــبـارُ
امـنـحْ فـمـي بـعضَ الـبيان
لـذكرِكم فــفـمـي بــــدون بـيـانِـكـم
إقْــفـارُ
أنّـــى سـيُـرثـى مـــن بـــه
إحـيـاؤُنا مــا مــات مَــنْ تـحـيا بــه
الأحــرارُ
مــا مـاتَ، لـكنْ قـد فـقدنا
شـخصَه فــبــه تُــعـزّى الـعـيـنُ لا
الإضــمـارُ
ونــراه فــي وجــه الـعـبادة
والـتقى نـــــوراً تــغــيـبُ بـجـنـبـه
الأنــــوارُ
مـــع كـــلّ تـسـبـيحٍ نـعـانـقُ
هـديَـه إنّــــا الــتــرابُ وهــديُـهُ
الأشــجـارُ
دانــــتْ ثــمــارٌ لـلـغـصـونِ،
وإنّـــه لــلـجـذرِ أولــــى أن تــديـنَ
ثــمـارُ
عـجـباً وقــد قـنـعوا بـضحلِ
جـداولٍ والــنـبـعُ فــيـهـم حــاضــرٌ فـــوّارُ
!
يـاسـيّدي، ورحـلـتَ، لـو رحـلتْ
إذن كـــلّ الـبـسـيطةِ مـــا
هـواسـتـكثارُ
فـبكَ اسـتقرّتْ، لـيتَ أنفسَهم
وعتْ أنّ الأئــــمّـــة لــلــحــيـاة
قــــــرارُ
فــــاقَ الــتـألّـمَ لـلـرحـيل
تـعـجّـبٌ أنّ الـــورى عـــن مـثـلِـكم فُــرّارُ
!
لـم تـمضِ يـا ابن المصطفى إلاّ
وقد أمــضـى الــولايـة عـلـمُـكَ
الـسـيّارُ
ورحـلـتَ إذْ مــا عــاد يـجـدي
ضـدّنا لـنـعـافـكـم قــتــلٌ لــنــا
وحــصــارُ
ربّـيـتَ جـيـلاً لـيـس مــن فــردٍ
بــه إلاّ وفــيــه مــــن الــنـضـارِ
نُــضـارُ
ووضُحتَ مثل الشمس رغم غمامهم وانــشـق رغـــم الـظـالـمين
سـتـارُ
وقــدرتَ أنْ تـفـني الـجموعَ
بـقدرةٍ لـلـعـرشِ كـــان بـبـعضها إحـضـارُ
!
لـــولا الـمـشـيئة لـلـورى أن
يُـبـتَلوْا لــجـرتْ لــكـم بــالأعـرشِ
الأقــدارُ
مــهـمـا عــددنـا فـالـقـليلَ
نـصـيـبُه مـنـكـم، وأكـثـرُ فـضـلِكم أســرارُ
!
سُــــمٌّ بــــه قُــتـل الإمـــامُ
وإنَـــهُ بـضـلـوعِـنـا تــبــقـى لـــــه
آثـــــارُ
لـهـفـي لــصَـدْرٍ ظـــلّ داراً
لـلـهدى وإذا بــــــه لــنـقـيـع سُـــــمٍّ دارُ
!!
غـيّـبـتـمُ شــخــصَ الإمــــامِ
وإنّـــه مــهـمـا فـعـلـتـم فــالإمــام
مــنــارُ
يـاسـيّدي الـمـسمومَ، هــذا
شـأنُكم أنّ الــشــهـادةَ عــنـدكـم
مــضـمـارُ
لــكـنّـه الــحـزن الألــيـم
لـفـقـدِكم حـــزنَ الـسـواحـلِ إذْ تـغـيبُ
بـحـارُ
نـبـكي، ومـهـما قــد بـكـتْ
أحـداقنا فــهـو الـقـليلُ وإنْ هــو الأمـطـارُ
!
إنّــــي بـطـيـبةَ والــسـوادُ
رداؤُهـــا يــــومَ الـفـجـيعة، والـهـمـومُ
دثـــارُ
وشـروقُـها مـثلُ الـغروب،
وشـهدُها هـــو عـلـقـمٌ، وهــواؤُهـا
الإعــصـارُ
وإذا الـدمـوعُ وقــد عَــدَتْ
وجـنـاتِها بـالـفـيضِ فـابـتـلتْ بــهـا الأنـحـارُ
!
وإذا الــصــدورُ زفـيـرُهـا
كـمـراجـلٍ وإذا الـقـلـوبُ وجـيـبُـها الأشــفـارُ
!
مـنّـا الـسـلامُ عـلـيكَ سـاكـنَ
يـثربٍ حــتّـامَ تـصـفـعُ قـبـرَكَ الأحـجـارُ
؟!
حـتـى مـتـى تـعـوي هـنـاك
ذئـابُـهم ويـظـلّ يُـخـنقُ بـالـدجى الــزوّارُ
؟!
أدركْ جـــدودَك، ســيّـدي يــا
قـائـمٌ إنّ الـدجـى لــم يـبـقَ مـعـه نـهـارُ
!
لــم يُـبـقِ أشـرارُ الـورى مـن
بـقعةٍ يـحـظـى بـسـعـدٍ عـنـدها الأخـيـارُ
!