أنّى يجوز السفح مادح حيدر. مولد أمير المؤمنين عليه السلام. مرتضى الشراري العاملي
ميلاد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
هل إنّ أيام الزمان سواءُ = سوداؤها سيّان والبيضاءُ
وهل الفؤاد إذا تصدّع مرّة = بالحزن لم يرجع إليه هناءُ
والقلب مثل البدر يخبو في الضحى = ويشعّ إذ تجتاحه الظلماءُ
فتزيده البلواء إيمانا وقد = يُخشى عليه بدونها البلواءُ
فالله يوقظ بالبلاء قلوبنا = وتنام إنْ دامتْ لها النعماءُ
ولقد تعودنا من الأيام أنْ = تخفى بوسط سرورها الضرّاءُ
وبيوم ميلاد الوصيّ فإنّنا = قلب تداعب خفقه السرّاءُ
برحاب مولد حيدر شعري علا = نحو النجوم تقلّه الجوزاءُ
ليليق بالميلاد ميلاد التقى = ميلاد من وُلدت به الأشياءُ
يعلو ولكن لا يليق بحيدر = مهما علا . إنّ الإمام سماءُ
فيكون شعري في سماه كنجمة = طمستْ ضياها كلّه الأضواءُ
لكنّما تبقى القصائد عندما = تحكي علاه كأنّها علياءُ
يا سيّدي وجدار كعبة مكّة = لو كان ينطق فالكلام غَناءُ
يا مولدا في جوف أقدس بقعة = فرد ومالك في الدنا نظراءُ
لو كان غيرك قيل قد شرُف الفتى= إذ قد حوته الكعبة الغرّاءُ
لكنْ وأنت وليدها يا سيّدي = فهي التي شرُفتْ وفيها بهاءُ !
يا سيّدي وتجاوز الشرف البنا = ء ففاخرت كل الدنا البطحاءُ
والأرض أنّك فوقها قد فاخرتْ = كل الكواكب و اعتراها ضياءُ
ماذا أقول بمولد المولى وما = بلغ الذرى ما قالت الشعراءُ
أنّى يجوز السفحَ مادح حيدر = وسفوح حيدر قمة شمّاءُ ؟!
لكنّه إطراؤنا قشّ طفا = فوق المحيط . فما هو الإطراءُ ؟!
يا سيّدي أأقول قد ولد الهدى = لمّا ولدت أم التقى الوضّاءُ ؟
أم أنه العدل المشعّ بقوّة = وعجيب زهدك والندى اللألاءُ ؟
والعلم ذاك البحر في فيضانه = والبأس بأس الحق والهيجاءُ ؟
و ذرا الفصاحة والبلاغة والنهى = والحكم ذاك الفيض والحكماءُ ؟
هذي صفاتك كلّها قد أشرقت = مثل الشموس يمور فيها ضياءُ
دفقت وفاضت في الحياة غزيرة = وكأنها للعالمين شتاءُ !
هو حيدر باب به الله ابتلى = كل العباد لمن أتاه هناءُ
أمّا التنكب عنه فهو بلية = يوم الجزاء إذ الجحيم جزاءُ
باب إلى الفردوس أوجده العلى = للناس يوما إن أبو أو شاؤوا
لمّا الرسول المصطفى قام انبرى= والناس حوله والثرى رمضاءُ
ليبلّغ الأمر العظيم لأمّة = والجمع كلّهمُ له إصغاءُ
من كنت مولاه الأكيد فحيدر = مولى له وعن الجحيم وجاءُ
يارب فانصر من غدا له ناصرا = من في فؤاده للوصيّ ولاءُ
واخذل إلهي خاذليه فإنّهم = حسّاده وبهم له ضغناءُ
إذ ذاك أدركت الجموع مقامه = ولبيعة نصب الغداة خباءُ
لهفي على من كان يحكم كوكبا = وطعامه خبز الشعير وماءُ
ثوباه مغسول وملبوس وما = له كلّما طلع الصباح رداء
وأثاثه ذاك الحصير مؤثّر = في جنبه ووسادة هيفاءُ !
رهن المجن لكي يؤمن قمحه = ويكون في بيت الأمير غذاءُ
كي لا يكون من الرعية من به = فقر كفقر أميره و عناءُ !
حق لكم أن تعجبوا من حاكم = عجبت لشدة فقره الفقراءُ !
كتقاه إلا المرسلين تقاهمُ = وكعدله لم تشهد الأرجاءُ
ولو استقاموا تحت ظلّ لوائه = لأظلّهم طول الحياة رخاءُ
لكنهم للحق كارهة وما = بقلوبهم للطاهرين ولاءُ
ركبوا جموح العيش حين ترجلوا = عن سرج آل دربهم وضّاء
وصلاة ربي والسلام على الهدى = ما فجّ صبح أو أظلّ مساءُ