الحق مهتضم والدين مخترم
الامير ابو فراس الحمداني
الحق مهتضم والدين مخترم= وفيء آل رسول الله مقتسم
والناس عندك لاناس فيحفظهم=سوم الرعاة ولا شاء ولا نعم
إني أبيت قليل النوم أدقني= قلب تصارع فيه الهم والهمم
وعزمه لا ينام الليل صاحبها= إلا على ظفر في طيّه كرم
يُصان مهري لأمر لا أبوح به= والدرع والرمح والصمصامة الحذم
وكل مائرة الضبعين مسرحها= رمث الجزيرة والخذراف والعتم
وفتية قلبهم قلب إذا ركبوا= وليس رأيهم رأيا اذا عزموا
يا للرجال أما لله منتصر= من الطغاة ؟ أما لله منتقم
بنو عليّ رعايا في ديارهم= والأمر تملكه النسوان والخدم
محلّئون فأصفى شربهم وشل= عند الورود وأوافى ودّهم لمم
فالأرض إلا على ملاكها سعة= والمال إلا على أربابه ديم
فما السعيد بها إلا الذي ظلموا= وما الشقي بها إلا الذي ظلموا
للمتقين من الدنيا عواقبها= وإن تعجّل منها الظالم الاثم
أتفخرون عليهم لا أبا لكم= حتى كأن رسول الله جدّكم
ولا توازن فيما بينكم شرف= ولا تساوت لكم في موطن قدم
ولا لكم مثلهم في المجد متصل= ولا لجدّكم معشار جدّهم
ولا لعرقكم من عرقهم شَبَه= ولا نتثيلتكم من أمهم أمم
قام النبي بها «يوم الغدير» لهم= والله يشهد والأملاك والأمم
حتى إذا أصبحت في غير صاحبها= باتت تنازعها الذؤبان والرخم
وصيّروا أمرهم شورى كأنهم= لا يعرفون ولاة الحق أيّهم
تالله ما جهل الأقوام موضعها= لكنّهم ستروا وجه الذي علموا
ثم ادّعاها بنو العباس ملكهم= ولا لهم قدم فيها ولا قدم
لا يذكرون إذا ما معشر ذكروا= ولا يحكّم في أمر لهم حكم
ولا رآهم أبو بكر وصاحبه= أهلا لما طلبوا منها وما زعموا
فهل هم مدّعوها غير واجبة ؟= أم هل أئمتهم في أخذها ظلموا ؟
أمّا عليّ فأدنى من قرابتكم= عند الولاية إن لم تكفر النعم
أينكر الحبر عبد الله نعمته ؟= أبوكم أم عبيد الله أم قثم ؟
بئس الجزاء جزيتم في بني حسن= أباهم العلم الهادي وأمهم
لا بيعة ردّعتكم عن دمائهم= ولا يمين ولا قربى ولا ذمم
هلا صفحتم عن الأسرى بلا سبب= للصافحين ببدر عن أسيركم ؟!
هلا كففتم عن الديباج سوطكم= وعن بنات رسول الله شتمكم ؟
ما نزّهت لرسول الله مهجته= عن السياط فهلاّ نزّه الحرم ؟
ما نال منهم بنوحرب وإن عظمت= تلك الجرائر إلا دون نيلكم
كم غدرة لكم في الدين واضحة= وكم دم لرسول الله عندكم
أنتم له شيعة فيما ترون وفي= أظفاركم من بنيه الطاهرين دم
هيهات لا قرّبت قربى ولا رحم= يوما إذا أقصت الأخلاق والشيم
كانت مودّة سلمان له رحما= ولم يكن بين نوح وابنه رحم
يا جاهدا في مساويهم يُكتّمها= غدر الرشيد بيحيى كيف ينكتم ؟
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا= مأمونكم كالرضى لو أنصف الحكم
ذاق الزبيري غب الحنث وانكشفت= عن ابن فاطمة الأقوال والتهم
باؤوا بقتل الرضا من بعد بيعته= وأبصروا بعض يوم رشدهم وعموا
يا عصبة شقيت من بعدما سعدت= ومعشرا هلكوا من بعد ما سلموا
لبئسما لقيت منهم وإن بليت= بجانب الطف تلك الأعظم الرمم(1)
لا عن أبي مسلم في نصحه صفحوا= ولا الهبيري نجا الحلف والقسم(2)
ولا الأمان لأهل الموصل اعتمدوا= فيه الوفاء ولا عن غيّهم حلموا(3)
أبلغ لديك بني العباس مالكة= لا يدّعوا ملكها ملاكها العجم
أي المفاخر أرست في منازلكم= وغيركم آمر فيها ومحتكم ؟
أنى يزيدكم في مفخر علم ؟= وفي الخلاف عليكم يخفق العَلم
يا باعة الخمر كفّوا عن مفاخركم= لمعشر بيعهم يوم الهياج دم
خلّوا الفخار لعلامين ان سئلوا= يوم السؤال وعمّالين إن عملوا
لا يغضبون لغير الله إن غضبوا= ولا يضيعون حكم الله إن حكموا
تنشى التلاوة في أبياتهم سحرا= وفي بيوتكم الأوتار والنغم
منكم عُليّة أم منهم ؟ وكان لكم= شيخ المغنّين إبراهيم أم لهم ؟
إذا تلوا سورة غنّى إمامكم= قف بالطلول التي لم يعفها القدم
ما في بيوتهم للخمر معتصر= ولا بيوتكم للسوء معتصم
ولا تبيت لهم خنثى تنادمهم= ولا يُرى لهم قرد ولا حشم
الركن والبيت والأستار منزلهم=وزمزم والصفى والحجر والحرم
وليس من قَسَم في الذكر نعرفه=إلا وهم غير شك ذلك القسم