في ذكرى مولد الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله السيد رضا الهندي
في ذكرى مولد الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله*
أرى الكونَ أضحى نوره يتوقَّد=لاَمرٍ به نيرانُ فارسَ تخمُدُ
واِيوان كسرى انشقَّ أعلاه مؤذنا=بأن بنأَ الدين عاد يُشَيَّدُ
أرى أنَّ أمَّ الشِّرك أَضحت عقيمةً=فهل حان من خير النبيين مولد؟
نعم كاد يستولي الضلالُ على الورى=فأقبل يهدي العالمين محمد
نبيُّ براهُ الله نورا بعرشه=وما كان شيٌ في الخليقة يوجد
وأودعه من بعدُ في صُلب آدم=ليسترشد الضُّلالُ فيه ويهتدوا
ولو لم يكن في صُلب آدمَ مُودَعا=لما قال قِدْما للملائكة: اسجدوا
له الصدر بين الانبياء وقبلهم=على رأسه تاج النبوة يعقد
لئن سبقوه بالمجيء فإنَّما=أتوا ليبثُّوا أمره ويمهدوا
رسولٌ له قد سخَّر الكونَ ربُّه=وأيَّدَهُ فهو الرسول المؤيّد
ووحَّدَهُ بالعزِّ بين عباده=ليجروا على منهاجه ويُوحِّدوا
وقارن ما بين اسمه واسم أحمد=فجاحده، لا شكَّ، لله يجحد
ومن كان بالتوحيد لله شاهدا=فذاك لطه بالرسالة يشهد
ولولاه ما قلنا ولا قال قائل=لمالك يوم الدين: إيّاك نعبدُ
ولا أصبحت أوثانهم وهيَ التي=لها سجدوا تهوي خشوعا وتسجد
لامنةَ البشرى مدى الدهر إذْ غَدتْ=وفي حجرها خير النبيين يولد
به بشَّرَ الانجيل والصُّحْفُ قبلَهُ=وإن حاول الاخفاء للحقّ ملحد
((سينا) دعا موسى و(ساعير) مبعث=لعيسى ومن (فاران) جاء محمد
فسلْ سِفْرَ شعيا ما هتافهم الذي=به أُمروا أن يهتفوا ويمجدوا
ومن وَعَدَ الرحمن موسى ببعثه=وهيهات للرحمن يُخْلَفُ موعد
وسلْ من عنى عيسى المسيح بقوله=سأُنزله نحو الورى حين اصعد
لعمرك إن الحق أبيضُ ناصحٌ=ولكنما حظُّ المعاند أسود
أيخلدُ نحو الارض متّبع الهوى=وعمَّا قليل في جهنّم يخلد
ولولا الهوى المغوي لما مال عاقل=عن الحقّ يوما، كيف والعقل مرشد؟
ولا كان أصناف النصارى تنصّروا=حديثا ولا كان اليهود تهوّدوا
أبا القاسم أصدع بالرسالة منذرا=فسيفك عن هام العدى ليس يغمدُ
ولا تخش من كيد الاعادي وبأسهم=فإن عليّا بالحسام مُقلَّد
وهل يختشي كيدَ المضلّين من له=أبو طالب حام وحيدر مسعدُ
عليُّ يدُ الهادي يصول بها وكم=لوالده الزاكي على أحمد يدُ
وهاجرْ أبا الزهراء عن أرض مكّة=وخلِّ عليّا في فراشك يرقدُ
عليك سلام الله يا خير مرسل=إليه حديث العزّ والمجد يسندُ
حباك إله العرش منه بمعجز=تبيد الليالي وهو باقٍ مؤبّد
دعوتَ قريشا أن يجيئوا بمثله=فما نطقوا والصمت بالعيِّ يشهدُ
وكم قد وعاه منهمُ ذو بلاغة=فأصبح مبهوتا يقوم ويقعدُ
وجئت إلى أهل الحجى بشريعة=صفا لهمُ من مائها العذب موردُ
شريعة حق إن تقادم عهدها=فما زال فينا حُسْنُها يتجدّد
عليك سلام الله ما قام عابد=بجنح الدّجى يدعو وما دام معبد
* ألقاها نيابة عنه الاديب السيد خضر القزويني في احتفال جمعية الرابطة الادبية في النجف ليلة السابع عشر من ربيع الاول سنة 1353 ه