على لسان زينب عليها السلام (1)
ساق المطايا بنا للشام حادينا=ولا محام لنا إلاّ أعادينا
لم يبق من إخوتي حام فيحمينا=أضحى التنائي بديلا من تدانينا
وجار حكم الليالي بعدهم فينا
فسوف نقضي الليالي بعدهم أرقا=ونملا القلب من تذكارهم حرقا
كنا جميعا فأضحى جمعنا فرقا=سرعان ما عاد ذاك الشمل مفترقا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
هل ينجلي ليل همي عن صباحهمُ=وهل لهم غدوة عقبى رواحهمُ
وكيف والارض فاضت من جراحهمُ=مَنْ مبلغُ الملبسينا بانتزاحهم
وجدا يبزُّ كرانا من مآقينا
كم من يدٍ بعدهم مُدَّتْ لتسلبنا=ستر الوجوه وضرب السوط جلببنا
وأظمأونا فعاد الدمع مشربنا=وقد خلعنا رداء الصبر أعقبنا
ثوبا من الحزن لا يبلى ويبلينا
يا من تفانوا إلى جنب الفرات ظما=وروَّوا البيض في يوم الكفاح دما
مضوا عطاشى ولكن روَّوا الخذما=ليسق عهدكم صوب الغمام فما
سقاكم النهر عذب الماء ظامينا
كنا وكنتم وكان العيش قد نعما=بكم وثغر الليالي كان مبتسما
كنا لكم يا أحباء النفوس كما=كنتم لانفسنا أنفاسهنّ وما
كنتم لارواحنا إلاّ رياحينا
فالهمُّ طول الليالي لا يبارحنا=والذكر إن لا يماسينا يصابحنا
نال الشماتة فينا اليوم كاشحنا=بنْتُمْ وبنَّا فما ابتلَّت جوانحنا
كلا ولا أورقت يوما أمانينا
كنا ولا حادثات الدهر تطرقنا=ولا لياليه بالارزاء ترمقنا
واليوم عادت سهام الخطب ترشقنا=بالامس كنّا ولا يُخشى تفرقنا
واليوم نحن ولا يرجى تلاقينا
كم أنجم منكمو فوق الثرى ركدت=وكم بدور بأبراج الرماح بدت
وقد أفلتم وفيكم كربلا سعدت=حالت لفرقتكم أيامنا فغدت
سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
1 ينسب إليه تخميس أبيات ابن زيدون وقد صاغه على لسان زينب 3.