حتى متى الرجعى إلى الغفار
السيد أبو بكر بن شهاب الحضرمي
حتى متى الرجعى إلى الغفار=وإلى متى التسويف بالأعذار
وعلام تحجم أن تتوب فينمحي=درن الذنوب بماء الاستغفار
يا هل لنفس السوء عن إيغالها=في مهمة العصيان من زجار
حادت عن السنن القويم وقصرت=عن واجبات أوامر الجبار
في الغي مرسلة العنان كأنها=مرتابة بجزاء تلك الدار
فتنت بجمع الفانيات وحبها=ولهت بزخرف وشيها الغرار
تنساب في شهواتها من غير ما=نظر إلى النفاع والضرار
واستبدلت بتلاوة القرآن نقر=الطار والأوتار في الأسمار
لم يثنها عن سوء عاداتها مشيب=الرأس بل ركنت إلى الإصرار
وإذا استقامت للفروض تكاسلت=عمّا يناط بها من الأذكار
وإذا أتت عملاً حميداً مرة=بالعجب تفسده والاستكبار
أين التضرّع والتذلّل والخضوع=وأين دمع الخاشعين الجاري
كيف الخلاص وما الوسيلة للنجاة=سوى الحبيب المصطفى المختار
نور الإله نجيه في عرشه=غوث الخليقة غيثها المدرار
نعم الملاذ بسيد الكون العريض=الجاه ثم بحضرة المحضار
عمر الذي بجنابه يستنجد الغرقى=فينقذهم بإذن الباري
ان يستجر بحماه من عصفت به=ريح الخطوب وزعزع الأخطار
يدركه أسرع ما يكون ممزقا=سحب الكروب وعاصف الأعصار
أوتاه حيران ولاذ به اهتدى=بضياء ذاك الكوكب السيّار
مبدي العجائب في جهاد النفس=من صمت ومن جوع ومن إيثار
صوم الهواجر دابه والجد في=سهر الدجى وتبتّل الأسحار
الواسع العلم اللدني المحيط=بمضمرات الأطلس الدوار
الراسخ القدمين وهو القائد الحزبين=أهل القرب والأبرار
وعليه برد جلالة ومهابة=يعنو لها متمرد الكفار
وله الخوارق والكرامات التي=فصمت عرى الرهبان والأحبار
ظهرت ظهور الشمس رابعة النهار=منيرة في شاسع الأقطار
أنّى تعد وكيف تحصى كثرة=أيعد طش هواطل الأمطار
فله التصرف في الوجود منفذا=ما شاءه بمشية القهّار
أله نواميس الطبيعة سخرت=أم طاوعته سوابق الأقدار
وبلا يزال العبد أعدل شاهد=بالحق يخرس ألسن الانكار
وبرب أشعث تضمحل وتنمحي=شبه الجحود ووقفة المحتار
والحس يشهد أن للمحضار آيات=يراها الناس بالأبصار
الوارث القطبية الكبرى عن=المختار ثم وصيّه الكرّار
وعن الشهيدين اللذين تكفل الباري=لجدّهما بأخذ الثار
وعن الأئمة فالأئمة والنجوم=الزهر من آبائه الأطهار
من كل طود أو خضم زاخر=أو كوكب في الأفق سام ساري
حتى انتهت أحوالهم وعلومهم=وجميع ما حملوا من الأسرار
كسباً وإرثاً للخليفة بعدهم=عمر الشْجاع الفارس المغوار
حمّال أثقال الأمانة كافل=بوظيفة التبشير والإنذار
فاضت على الجم الغفير هباته=ومن البحار مشارع الأنهار
وبسرّه المكنون أسرى في جبين=العيدروس سواطع الأنوار
ورقى به الشيخ العليّ ذرى العلا=وبأوجها ألقى عصا التسيار
ولنا به آل الشهاب تعلق=ورعاية محمودة الآثار
وعناية الآباء يالأبناء لا=تنفك عند تقلب الأطوار
يا رافع الأعلام يا من جاهه=عند المهيمن شامخ المقدار
أدرك حماك مدينة الأجداد من=مرض سرى في الدار والديار
فتريم أضحت غير ما غادرتها=بتكاثر الأغرار والأغيار
وطريقة الأسلاف فيها أصبحت=مهجورة الإيراد والإصدار
وتكاد تعزب عن ربها دولة=العلم الشريف بصولة الدينار
طمعت بمنصبها الضرائر إذ رأت=ما نابها والنور غير النار
وإلى اجتماع سراتها لصلاحها=لم يلف من داع ولا أمّار
فاضرع لربك أن يعيد لها الذي=فقدت فتصبح مطمح الأنظار
قم يا شجاع الدين واجبر صدعها=عار عليك وقوعها في العار
حرمتها وضمنت أمن ربوعها=يا كعبة الحجاج والزوار
فرض حمايتها عليك كما وعدت=وأنت سلطان الحماة الجار
فاهزم بخيل الله خيل من اعتدى=واحم الذمار بمجرك الجرار
وارفع أذى متمردي جيرانها=الغاوين واقطع شأفة الأشرار
وعليك بعد المصطفى وأخيه=والزهراء والحسنين صلّى الباري
والعترة الأطهار أقمار السرى=ومهاجري الأصحاب والأنصار