في المولد النبوي الشريف 1429 ه مرتضى الشراري العاملي
في المولد النبوي الشريف 1429 ه
أنعمْ بيومٍ يوم مولدِ أحمدا=أنعمْ به يوماً عظيماً أمجدا
مولودُه هو للبريّة سيّد ٌ=و لكلّ يومٍ قد غدا هو سيّدا
في كلّ يومٍ نحن نحيا المولدا=و نرى دمانا في الوريد محمّدا
هو خفقُ أفئدةٍ لنا ما أصبحتْ=أو أليلتْ إلاّ و غنّتْ أحمدا
هو طيبُ ألسنةٍ زكتْ في ذكره=حتى غدتْ من طول ذكرٍ مسجدا
هو نورُ أحداقٍ تحنّ لموعدٍ=لترى الحبيبَ و قد أنارَ الموعدا
نهواه أحمدَ، إنّه ليستْ بنا=من ذرة ٍ إلا وتعشقُ أحمدا
وُلد الحبيبُ بمولدٍ ما شاهدتْ=مِثلاً له كلُ الخلائق مولدا
حيث الفضائل ُ قد تفجّرَ نبعُها=و غدتْ له كلُ المعالي سُجّدا
حيث المكارمُ طوّقتْ جيدَ الدنا=و سما العلا حتّى تجاوزَ فرقدا
وجهُ العدالة تاقَ لليوم الذي=تأتيه شمسُ الحق كي يتورّدا
و دم الفضيلة ِ حنّ للقلب الذي=يعطي الحياة له لكي يتجدّدا
و يدُ الصلاحِ تحرّرتْ من قيدِها=بمجيء أحمدَ ثمّ لن تتقيّدا
وُلدَ الحبيبُ المصطفى وتنزّلتْ=خيرُ الملائك كي تعيشَ المشهدا
لتهزّ مهدا أو تناغي أعينا=و تشمّ رغم عبيرها تلك اليدا
هو سيد الكونين جاء إليهما=يتنافسان: فأيّ كون أسعدا ؟
هو سيّد الثقلين شرّف نورُه=أبناءَ آدمَ في الوجود و مجّدا
و له الورودُ تفتّحتْ مُذ خلقِها=و الطيرُ شوقاً للهدى قد غرّدا
والشمسُ ضاءتْ للحياةِ و ضوؤها=ما كان لولا الطاهرونَ توقّدا
و الآنَ شِعري زاحفٌ متوسّلٌ=في باب مولدِ سيّدي كي يُنشدا
فامسحْ –فديتُك – ثغره يا سيّدي=ليصيرَ ما بينَ القصائد سيّدا
و اقبلْه عندكَ خالصا ومخلَّصا=ألقاهُ في يوم القيامة شاهدا
ألقاهُ في صفحاتِ سِفري أسطراً=و يكونُ لي فوق الصراط القائدا
يحتارُ هذا الشِعر أيّ فضيلة ٍ=للمصطفى يختارُ كيما يقصدا
فهو المحيطُ يحارُ من يرتادُه=و هو الفضاءُ أحارَ فيه الرائدا
و هو الكمالُ و كلّ ما فيه ارتقى=نحو الكمالِ إلى النهاية صاعدا
لكنّ شِعراً في الحبيب ِ و إنْ هوى=ببيانِه، فالطهرُ زان وأصعدا
إنّ البيانَ يموجُ داخلَ فكرتي=هيمانَ يحضنُ شوقيَ المتوقّدا
متنقّلا في روض أحمدَ آخذا ً=من كلّ وردٍ عبقريّ موردا
يأتي إلى ورد الندى متعجّبا=فهنا الندى يعلو على كلّ الندى
و الزهدُ وردٌ مذهلٌ في عطره=كمحمّد ٍ لن نلقَ يوما زاهدا
و سماحة ٌ وأمانة ٌ و شجاعة ٌ=في الروض تنسجُ حسنَه المتأبدا
و تواضع رغم الجلالة والعلى=و عبادةُ أبكتْ جبالاً صُلّدا
و فصاحة ٌ فوقَ الفصاحة أذهلتْ=أهلَ الفصاحة سامعاً و مردّدا
و قيادة ٌ ليس الوعيدُ ركابَها=بل سيرة ٌ طابتْ فكانتْ مُقتَدى
و عدالة ٌ نُقشتْ بنور ٍ خالد ٍ=لتظلّ نورا في الخليقة ِ خالدا
وهناك رحمة ُ أحمد ٍ بحرٌ طمى=عجبا لها مِن رحمة ٍ تحوي العِدا!
هيهاتَ ندركُ شمسَه وضياءَه=هيهاتَ ندركُ مجدَه المتفرّدا
فزهورُه لا كالزهور ِ و روضُه=يضفي على الدنيا العبيرَ الأجودا
و حضورُه لا كالحضور و أرضُنا=به فاخرتْ كلّ َ الكواكبِ في المدى
مَنْ ذا يعدّدُ للحبيب مكارما ً=لن ينتهي، لو طول َ دهر ٍ عدّدا
تتوثّبُ الكلماتُ في قلمي الذي=ليكادُ يغدو بلبلا ً كي يُنشدا
و تحنّ أسطرُ أضلعي لقصيدة ٍ=كالشهد ِ فيها أضلعي لن تشهدا
فبأحمد يرقى النشيد، وإنّه=يهبُ النشيدَ كرامة ً و المُنشدا
عُذراً أبا الزهراء ِ فينا عصبة ُ=خلطتْ صباحَكَ بالدجى فتلبّدا
زعموا بأنّ كؤوسَهم قد أترِعتْ=من حوضِكم و رَوَوا بها عطشَ الردى !!
جعلوا الكتابَ كحقل ألغام ٍ به=نسفوا سلاماً بالكتاب ِ تشيّدا !!
كتبوكَ فوقَ سيوفِهم و صفوفهم=و طراكَ فاسدُهم إذا ما أفسدا !
حتى استرابَ الناسُ فيكَ وشكّكوا=و غدوتَ عند الناس ذاك المُفسِدا !!
و رأوْكَ فيهم صورةً ممجوجةً=للقتل والعدوان ظُنّتْ رافدا !
نالتْ عِدانا مِن مقامِكَ سيّدي=لمّا الخوارجُ جرّؤوا تلكَ العِدا
لمّا الخوارجُ قدّموكَ كقاتل ٍ=في كلّ عمرِكَ قد شهرتَ مهنّدا
عُذراً أبا الزهراء قصّرنا بأنْ=لُذنا بصمتٍ إذْ لهم جذرٌ بدا
و لقد تحتّم أن يظلَ ظلامُهم=بضحاكَ –لو عشنا ضحاكَ – مبدّدا
و لقد توجّبَ أن يظلّ فسادُهم=بقيود وعي المسلمينَ مصفّدا
لكنْ دجاهم قد نما حتى غدا=معه النهارُ مطارداً و مشرّدا !!
صبغوا شريعة َ أحمدٍ بظلامهم=فغدتْ شعوبُ الأرض تبغضُ أحمدا !!
و لو انّهم ذاقوا حلاوة نبعِه=و دوائه لأتَوا إليه ِ توافُدا
لو أنّنا لنبيّنا مرآتُه=لرأى الورى فينا النبيَّ محمّدا
لكنْ نأينا عن هداه و جُلّنا=أضحى على شمس الهدى متمرّدا !!
غَيّ ٌ أطاحَ برشدِنا لمّا الهوى=غلبَ النهى فينا و أصبحَ قائدا !!
لما تشتتنا و عدنا لا نرى=نورَ النبي لدى الشتاتِ مُوحّدا !
لما رمانا السيل ُ عن قمم الهدى=سيْل ٌ عتيّ بالضلالة أزبدا
فتشبّث الجهلاءُ بالزبد الذي=ظنّوه حبلا ً للنجاة مؤكّدا!!
و المؤمنونَ تمسّكوا بنبيّهم=و بآلهِ الأطهار ِ و اتبعوا الهدى
لم يبقَ للقرآن إلا رسمُه=فمرتّلا يُتلى لنا ومُجوّدا
و الثغرُ يتلو والعقولُ ظواعنٌ=و من الخشوع ِ القلبُ صارَ مجرّدا !!
هذا الكتابُ، وعِدْلُه أهل ُ التقى=مِن ماجد خَلَفٍ و خلّف ماجدا
أفهل نعرّجُ للرياض لنرتوي=شهدَ الأئمة هادياً لمن اهتدى ؟!
هل نرتقي نحو الكمال كما ارتَقوا؟=هل مثلَ طاعتهم نطيعُ الواحِدا ؟
أفنكتفي مِن حبّ آل محمّد ٍ=إذ ْ قد بكينا أو أتينا المرقدا ؟!
و هم الذين لأجلنا ولرشدِنا=بذلوا النفيس، بل النفيسَ الأوحدا !!
ذاتُ الخوارج شوّهوا ذا المولدا=و هم الذين يبدّعون المولدا !!
أوَ بدعة ٌ فرَحُ العَطاشى في الفلا=لما يروا من بعد لأي ٍ مَوردا ؟!
أوَ بدعة إحياء ذكرى مولد ٍ=أضحى لعدل ِ الله ِ فينا مولدا ؟!
أوَ لا نردّ ُ لأحمد ٍ بعضَ الذي=له في الرقاب ِ فضائلا و روافدا ؟!
غشّاه ُ ربّه بالحفاوة ِ حينما=أمر الملائكَ كلّها أنْ تسجدا
سجدوا لآدمَ خشّعا ً إذْ قد حوى=في صُلبه خيرَ الخلائق أحمدا
هذي الحفاوة ُ كيف صارتْ بعدما=نورُ الحبيب بخير شخْص جُسّدا ؟!
ليس الوفاءُ لأحمدٍ هو بِدعة ٌ=بل إنّ أكبرَ بدعة ٍ أن يُجحدا !
يا ربّ صلّ على الحبيب محمّد ٍ=و الآل ِ ما ذكرَ اللسانُ محمّدا