نصرة الجواد
ديوان الحزن المعشوق - غازي الحداد البحراني
قدْ أحَسَ ذو الجَناحِ باحتِضانٍ لليدين=و دَمٌ مِنْ فَوقِهِ يَجْريْ بآهٍ و أنين
أدْرَكَ المُهْرَ بِأنَ السَهَمَ=في قَلبِ الحُسين
خَطَفَ المُهْرُ بِراعيهِ جَموحا لا يَريضْ=أشْمَسَا تَبدو عَليهِ حُمْرَةُ الَدَمِ رَحيضْ
وهْوَ في كُرْبوُسِهِ يُلْحَظُ كالصَقرِ المَهيضْ=يُستَهاجُ النَزفُ مِنء قُرحَتِهِ بالرفَتينْ
أو كَشَمسٍ حالها الكَسفُ إلى حالِ النَقيضْ=أو كَنجمٍ أشعَلَ الدَمُ بأرجاهُ وميضْ
وَلَهُ مِنْ ألَمِ السَهمِ لَحيضٌ وغَميضْ=وغِمارُ الدَمِ يجري خاضِبا نورَ الجَبينْ
وَعَليهِ مُفردا جاشَ السَفوحُ والحَضيضْ=وَهوَ ضامٍ يَنشقُ الواهِجَ مِنْ حَرِ الرَميضْ
حائِرا أيَ جَمومِ الفيضِ بالكَفِ يَغيضْ=ليسَ يدري أيَ جُرحٍ يَحتَويهِ باليدين
عَمَدَ الطِرفُ إلى تَلٍ على الوادي السَحيقْ=ثُم سَوى عِطفَهُ والسِرجُ بالتَلِ لَصيقْ
عَلَهُ يَهوي الذي مِنْ فَوقِهِ مَهواً رَفيقْ=ثًم لا يوُغِلُ فيهِ ناشِبٌ بالجنبتينْ
وَحُسينٌ فَوقَهُ بالنَزفِ يُغضي ويَفيقْ=وَلَهُ صَوتُ أثيرٍ بزفيرٍ وشهيقْ
يشبَهُ البَدَرُ ولكن في مُحاقٍ مِنْ عَقيقْ=وسنا طَلعتهِ فيهِ كَومضاتِ اللُجينْ
وَتَجلى وجهُ طِهَ بِمُحياهُ الطَليقْ=شاخِصا طَرفا بِهِ مِن جَدهِ ذاتِ البَريقْ
وهوى مُنهَدِما كالرُكنِ بالبيتِ العَتيقْ=وَاستوى طُوفانُهم جيشا عَليهِ فِرقتينْ
فإلى الطَعنِ فَريقٌ وإلى الضربِ فَريق=وبِهِ دَفْقُ جِراحاتٍ كَميزابٍ دفيقْ
وَهَوَ مِنْ حَرِ الضما في عينهِ الأُفقِ يضيقْ=ويُناديهم ألا هل مِنْ نَصيرٍ لي مُعين
مُذْ رآهُ المُهرُ مَغلوبا من الإعياءِ وانْ=وَسِنانٌ يَطعَنُ الكاشِحُ مِنْهُ بالسِنانْ
مِنْ ضَماهُ يابِسا يُخرِجُ للرِيحِ اللِسانْ=آمِلا في هبةٍ مِن روحِها يَندى الوَتينْ
والضُبا والنَصلُ في خاصِرهِ مُختَلِفانْ=كُلما يَخنُقُ جُرحٌ جَدَّ بِالطَعناتِ ثانْ
وبِهِ سَهمٌ تَعدى صَدرهُ نَحوَ الجَنْانْ=أبصرت عيناهُ مِن إيغالهِ نورَ اليقينْ
وَعليهِ تضربَ الخيلُ حِصارا مِن جُرانْ=وهو يشكو مِن أُوامٍ حاجبا عنهُ العِيانْ
وبِهِ شَّبّ رَميضَ الأرضِ في ذاكَ المكانْ=وَهوَ مِن حُرقَتِهِ يُلوي على الكَثْبِ اليدينْ
قامَ عَنهُ ذائداً يَرمَحُ بالرِجلِ الحِصانْ=ثُم يأتيهِ ويُدلي بينَ كَفيهِ العِنانْ
وَيُحني رأسهُ مِن دَمِهِ الجاري بِقانْ=وجَنوحا يَسرَحُ الظِلَّ على جِسمِ الحُسين
عَينَهُ في عينهِ يُفضي إليهِ بالحنانْ=مِثلَ مَنْ يدعوهُ قُم يا مَن إلى الخَلقِ الأمانْ
ويُخلي خَدهُ فوقَ جِراحاتِ الطِعانْ=بِنحيبٍ أفزعَ الأملاك في العَرشِ المَكينْ
وجرى دوحاً عليهِ صاهلا بالدورانْ=باحثا عن عَمَدِ الشمسِ على الوجهِ المُصانْ
وارتِصادا لِمُغيرٍ لأذى راعيهِ دانْ=فرسٌ ألحقهُ الطبعُ بأنصارِ الحُسين
عندها لم يبلغُ السِبطُ لما شاءَ مَرام=لا يُطِقْ أن يتمدى مُسدلا كيفَ القِيام
ليسَ يقوى أن يُميلَ الخدَّ عن حرِ الرُغام=في جلالٍ مِن مهابٍ بالمدالي سِركين
واقدُ الهيم لضيَ القلبِ مِن نارِ الأوام=و أنبجاسٌ بحشاهُ لينابيعِ السِهام
وعلى غُرتهِ البيضاءِ وبالدم وِسام=كاحلا من سيلهِ الجاري سوادَ الناضرين
أبلغَ الطُرفَ بهِ ما إن لأهليهِ السلام=فعدى يجمعُ رَحْبَ الأرضِ طياً للخِيام
قائمَ الذيلِ لضوحَ العَصْمِ قد عَضَّ اللِجام=خاليَ السِرجِ جموحَ الروضِ شَبَّ الحاجبين
خاطفا بالنقعِ كالبَرقِ إذا شَقَّ الغَمام=وعلى صَهوتهِ من راشِقِ السَهمِ حِجام
ويُنادي بصهيلٍ الظُلامُ الظُلام=قَتَلَتْ أُمةُ طِهَ سِبطَها البَّر الأمين
جِئتُ عن مَصرَعِهِ يَجثوا عَليهِ ابنُ اللئام=مُوغِلا في وَدَجيهِ بالثرى حَدَّ الحُسام
فَتطالعنَ مِن الأستارِ أعراضَ الكِرام=وَتَجارينّ وَراءَ الطُرفِ شَذواً بالحَنين
وَهوَ كالبُرنوقِ قَد طارَ لَهُ سِربُ حَمْام=كُلما حاطَن عليهِ راغَ مِن بينٍ وحام
ما سِوى زَينَبَ يَبغي لِيوليها الزِمام=وَيُعَزيها على ما كانَ مِن أمرِ الحُسين
وأتى زينَبَ واستحرم جاثٍ كالكلي=ناكِسٍ هامَتَهُ خَجلانَ مِن بِنتِ علي
قادي العينينِ مَلويا بِسِرجٍ مائِلِ=لابِسا مِن عَلَقِ الدَمِ وِشاحا لليَدين
خاطبَتهُ بأفتجاعٍ أينَ خَلَّفتَ الولي=أينَ خَلَّفت الذي في يَومِ كَربي موئلي
لا تَقُل لي خُتِمَ الذَبحُ بِذَبحِ الكامِلِ=وَارتَمى بين صهيرٍ وهَجيرٍ واقِدين
صاديَ الأحشاءِ مَفصولا بطَعنٍ فيصلي=خَاضِبا مِن حُمْرَةِ الهَامش بيَاضَ المِسحَلِ
عافِرا تَحتَ ظِلالِ مِن وَشيجِ الذابلِ=صَوبَ النَبلُ بِهِ حَتى مِشاشَ الراحَتينْ
لا تَقُل لي نَتَفَ العُصفورَ ريشَ الأجدلِ=أو تَوارت بِلُهاةِ الحوتِ شَمسُ الأملِ
وانطفى بينَ الضُبى نُورِ الأغَّرِ الأجملِ=لا تَقُل صَدَّهُ عني مُشرأبٌ مِن رُدين
قال قَد داهَمَكِ الرُزءَ فَصَبرا حوقلي=وأستعدي لِسِباءِ القَومِ بَعدَ الكافِلِ
وأجمعي شَملَ اليتامى بِالبِدارِ العاجِلِ=قٌبلَ أن يُصبِحَ مِنكِ الصَونُ للقومِ رهين
شَبكت مِن فزعٍ بالرأسِ عَشر الأنمُلِ=وارتخى مِن هَجمةِ الحُزنِ سَواءَ الكاهِلِ
ثُم نادت بِنداءٍ هَدَّ رُكنَ الرُسُلِ=واقشَّعرت غُلَةُ العَرشِ حَبيبي يا حُسين
هَجَمت ثائِرةُ الخَيلِ على آلِ الوَقار=وأهالتْ شُعَّلَ النارِ عَليها بِالسِتار
فَتصارخنَ نِساءٌ حاضِناتٌ للصِغار=مَلجأي يا زينبٌ قولي مِن النيرانِ أين
نَهَضت ذاهِلةُ القَلبِ وفي الأذيالِ نار=نَحو خِدرِ العابِدِ السجادِ تسأل ما الخِيار
يا ابنَ صوني بَعدهُ آلَ لِكفيكَ القَرار=ما الذي نَصنَعَهُ يا من إلى العُبادِ زين
قال وَلوا عَمتي أوجُهَكم وَجهَ القِفار=فَتفارْرْنّ فِزاعا في قيامٍ وعِثار
قُلَّبا تَقتَلِبَ العادي مُلائا وخِمار=فإذا أجردها السِترَ تَوارت باليدين
وعلى عاتِقها مِن أثرِ السوطِ احمرار=تتمَنى مِن حياءِ النَفسِ أن يُمحى النهار
وأيادي القومِ تَسطوا فوقَ عِقدٍ وسِوار=بينِ ضُرِ النارِ والسَلبِ بِفكِ الضررين
وبِثِقلٍ زُحزِحت زَينبُ للتَلِ المُشار=وَقفت مِن طَرفَ الوادي تَصيحُ المُستجار
يا ابن أُمي إن يَكُن أرجأكَ الموتُ انتظار=قُم أغِثنا مالنا غَيرُكَ واليٍ يا حُسين
قامَ وأنكبَ مِن الضَعفِ على وَجهِ الخَبار=كَّرَ بالنهضةِ فأرتَدَ عَفيرا بانكسار
قال يا زينبُ عودي وأقبلي مِني اعتذار=سَتَرينَ اليوم ما قَدَّر ربي رأي عين
ثُم نادى يا أُولي الغَدرِ ويا أهلَ الشنار=إن كَفرتُم بالمعادِ و الرِسالاتِ جِهار
راجعوا احسابَكُم إن كُنتمُ عُربا نِجار=واتركوا رحليَ وأتوا مُهجتي بالضاربين
وأبعُدوا عَن حَرَمي ما دُمتُ حيا باحتضار=صاحَ شِمرٌ حاصِروهُ واتركوا سَلبَ الدِمار
فهوَ حُرَ النَفسِ والحُرَ مِن العَرضِ يَغار=واهجُموا مِن بعد أن يُلقى ذبيحَ الودجين
صَدَرَت زينبُ بالأحزانِ عن ذَروا الأكم=تَنذبُ العِزَ الذي كانَ مُقيما وانصرم
والسِراجُ المُزهِرَ الوَضاءَ في غَسقِ الظُلَّم=قَمرٌ أحلى جَمالا من بُزوغَ القَمرين
أينَ مِن بعدي حُسينا ملجأي و المُعتَصم=كان لي سورا حصيناً فتداعى و أنهَدَم
عَظُمَ الصَدعُ مِن الرُزءِ فَعَّزَ المُلتأم=بِبلايا تُلبسَ الوِلْدانَ شَيبَ الوالِدين
و اعتراها طَيفُ ذِكرى بِخيالِ المُستَهم=ذكَرت مقدَمها والرَكبُ مَعهودُ الذِمم
أظعنت والضَيغمُ العباسُ بالظعنِ ألتزم=وعلى مَحملها رَفَ لِواهُ باليدين
يَزهَرُ الرَكبُ بِهِ أُنساً إذا الثَغرُ أبتسم=ومشت تحرُسها مِن هاشمٍ أُسدُ الأجم
ولذا هودجها تجثوا حيائا كالخَدم=ولها عن حاجةٍ تُقضى بِشوقِ السائِلين
أمستُ اليومَ تَصُكَ الراحَ وجدا ونَدم=مِن ثَلاثٍ كَبِدا حرى وعينٌ لَم تَنم
بينَ قومٍ طُويت حِقدا على آل الكَرم=أظهرت ما كانَ يَخفى يومَ بَدرٍ وحُنين
أبعدُ الأشياءِ عن طينتِها معنى الشِيم=تأملُ الصَخرَ ولا تأملُ فيها مُرتَحَم
رَجعت لللاتِ والعُزى وَتَقديسِ الصَنَم=يَمَمَّت آلَ أُميٍ وَزيادٍ قبلتين
وَعليها الضيمُ والهَيمُ وذو الغِلِ هَجَم=ليسَ تدري أينَ تأوي باليتامى والحَرم
هذهِ خِلخالُها بالضَربِ والعَدوِ أنفصم=هذهِ منهوبةُ القِرطِ سَفوحُ الأُذُنين
هذهِ مدمعها والدَم بالخَدِ أنسجم=هذهِ تَدفعُ سِلما للنجاةِ المُغتنم
هذهِ من حَرةِ الصوتِ تلوت بالألم=وعليها أثرُ التلويع فوق العاتقين
هذهِ واثِبةٌ عن جِمرةٍ تحتَ القَدم=وأُوارِ النار أضرى بالذِيولِ وألتهم
هذهِ تسحَبُ طِفلا عالِقا بين الخِيم=وتُنادي آهش واذُلاهُ مِن بعدِ الحُسين
لستُ أدري فاديا كالسبطِ الإسلامِ فاد=فاحِصا ينزعُ بالروحِ على حَرِ الوِهاد
جائِدا بالنفسِ مِن سهمٍ وغولٍ بالنفاد=حائرا في نزعِهِ مِن قَلبهِ بالقبضتين
وعِليهِ تَزحًفُ الراياتُ جُندا كالجراد=وهوَ فيهِم شَعرةٌ بيضاءَ في الكَبشِ السواد
مُقسما بالجَدِ أنَ القلبَ مَفطورا وصاد=بهجيرٍ لثلاثٍ لم يذق طَعَمَ المَعين
فأتاهُ شاهِرا شِمراً حديدا بالحِداد=يضربُ الثَغرَ الذي قَبلهُ خَير العِباد
فَتَجارى الدَمُ مِن بينِ ثَناياهُ البُرْاد=وجثا في صَدرهِ مُنتَعِلا بالقَدمين
فَرجاهُ السِبطُ حَلا للثامٍ بانعِقاد=فجلا وجها كوجهِ الكَلبِ باللعنةِ باد
أبقعا أبرصَ كالخِنزيرِ أو في القُبحِ زاد=قالَ ما أخطأ جَدي فيكَ عن وصفٍ مُبين
فاستشاطَ الفاجِرُ العاقِرُ غيضا وعِناد=وَعدى يَرفِس رُكنَ الدينِ والقُطبَ العِماد
قالِبا جُثمانَهُ وجها إلى وجهِ المِداد=وعلاهُ مِن قفاهُ ذابِحا نَحرَ الحُسين
فألتظى مِن حُرقةِ الذَبحِ كَمقدوحِ الزِناد=و استوى مِن تَحتهِ مِن كَثرةِ الدَمِ نَجاد
وبرى الرأسَ وعَلاهُ على ذَروةِ حاد=فأمالت أهلها الأرضُ كمَطروق السَفين
وقِياما ضَجت الأملاكُ في السَبعِ الشِداد=بنِداءٍ قَد عَلت في الأرضِ أعلامُ الفَساد
وتوارى بالورى ذَبحا صَحيحَ الإعتِقاد=عظَمَ الله إليكَ الأجرَ يا جَدَ الحُسين
وَمَشت زينبَ تَطويَ بالحَشى أمراً عظيم=مِثلَ ذو النونِ مشى بالهَمِ والقَلبُ مُليم
وَسَحابُ العَسكَرُ المُمتدِ يَدْوي بالهَزيم=فَرجت مُلتَحَمَ الجَيشِ بِسَعيِ الفُرجَتين
وأتت جِسمَ أخيها وهوَ مَصروعٌ حَطيم=وَجَدَتهُ ما بِهِ عُضوٌ مِن الضَربِ سَليم
عاِئِباً يَشبَهُ مَمزوقا مِن الذِكرِ الحَكيم=ودمٌ من آيةِ التطهيرِ بين الدَفتين
آخِدَا مِنَ قَلبهِ السَهمُ مكانا بالصَميم=جُثةً لا رأسَ فيها وحشاً داوي هَضيم
وَعليهِ تَجنَحُ الورقاءَ مَدا وضَميم=بهديلٍ مُفجعٍ يَشبَه نَوحَ الفاقِدين
وَشُعوبٌ ساكبٌ مِنهُ بِنزفٍ مُستَديم=لاوياً مُجتَمعا من حَرةِ الذَبحِ الأليم
قابِضا بالقَبضةِ اليُمنى على السَهمِ المُقيم=وبيُسراهُ على جَنبٍ هَشيمٍ وَطَعين
رَفَعت جُثتَهُ مِما يَلي النَحرَ الكَريم=ثُم نادت يا إلهي يا عَفُوُ يا حَليم
اِغفِر الذَنبَ لِمن والى حُسينا يا رَحيم=وتَقَبل قُرُباتُ الآلِ مِن دَمِ الحُسين
ثُم صاحَت كَيفَ يرمي غُصنَك الغَضَ الذُبول=يا أخي والحالُ مِنكَ للثرى كَيفَ تَحول
وأبوكَ وزنَةُ القِسطِ وميزانُ العُقول=وتُناغيكَ بَتولَ النُسكِ بالبطنِ جَنين
وعلى مَهدِكَ للروحِ صُعودٌ ونُزول=ولكَ فضلٌ بِهِ خَيرَ النَبيينَ يَقول
هو مِني وأنا مِنهُ كَجِزءٍ مِن شُمول=فحُسينٌ هو مِني و أنا مِنهُ حُسين
كيفَ تبقى عافِرا مُلتزما حَرَ الذَلول=وإلى جُثمانِكَ العاري مِنَ التُربِ سُدول
لو أتاحَ الدَهرُ لي عِندَك للموتِ حُلول=لَغَسَلتُ المَنحرُ الفَوارَ بالدمعِ السَخين
وأُعزيكَ إلى أن يَقتُل النفسَ الأكول=أو أكُن طَعما بِذا الوادي إلى الوَحشِ الأكول
ويقولُ الناسُ عَني هذهِ أشجى ثَكول=هّذهِ زَينبُ ماتت بالأسى عِندَ الحُسين
يا أخي ما بِكَ صُنعي بِحَنوطٍ أو غَسول=لا رِجالٌ لي بَقت ما غَيرَ رباتِ الحُجول
بَعدكَ ما أنجرَ مِنها ضافيا سِترَ الذيول=دُفنت بالرُزءِ والمُرزي لها غيرُ دَفين
ثُم نادت إن هذي الروحُ في صَدرِ الرسول=جَهزوهُ إن يَكُن فيكم بَقايا مِن أُصول
فأجابتها عُلوجٌ رَكِبوا صُعرَ الخُيول=وأجالوها عِنادا فَوقَ أضلاعِ الحُسين