من صدر إلى صدر
ديوان الحزن المعشوق - غازي الحداد البحراني
مِنْ صَدْرٍ إلى صَدْر تَمُرُّ=الأعوجيةْ بأضلعٍ زكيةْ
من الحسين للشهيد العاشق=من الحسين لمحمد صادق
تَمُرُّ الأعوجيةْ=بأضلعٍ زكيةْ
كُلُّ أَنَّاتِكَ أَنَّاتُ الحسينْ=و عويلُ الخِدْرِ مِنْكَ زينبي
يا عراقَ الحُبِّ يا ذَرْوَ النَّدى=و الذُّرى بالشَّرَفِ و الحَسَبِ
قد عهِدْناكَ إباءاً من هُدَى=كربلائيَّ الدِّما و الغَضَبِ
أتدوس الخيلُ في صدر السَّما=و يُحَزُّ العَضْبُ في نحر النبي
و أرى منك سناناً خاشعاً=يَنْدِبُ الأسيافَ وَسْطَ القُرَبِ
تَحْسِبُ الجوعَ و تُحْصي عَضَّهُ=كلما شَدَّ بِقَبْضِ الكَثَبِ
أَوْقِفُوا الخيلَ=فقد داست على شَرَفِ الله و مُجْلِي الكَرَبِ
أَوْقِفُوا الخيلَ=فقد داست على صفحةَ العرشِ و لَوْحِ الكُتُبِ
أَوْقِفُوا الخيلَ=عَنِ الصَّدْرِ الذي رَتَّبَ النورَ بِسَبْعِ الرُّتَبِ
و بَقَى فوق السماءَ برزخاً=يَمْنَعُ النجمةَ صَدْمَ الكوكبِ
فمن نورٍ إلى نور=بِصُلْبِ الهاشمية لِصُلْبِ العلوية
من الحسين للشهيد العالمْ=من الحسين لحوزة المكارمْ
تمر الأعوجية=بأضلع زكية
حَمْحَمَ الطَّرْفُ فَرَدَّت نَحْبَةٌ=مِنْ قلوبِ الآلِ تلكَ الحَمْحمةْ
سابحاً يبرق في عَثِيرهِ=كشهابٍ ثاقبٍ في مَعْتَمةْ
يَبْعثُ الأَربعَ في واحدةٍ=تَجْعَلُ الآخرَ مِنْهُ مَقْدَمهْ
لو تراه جامِحَ العَدْوِ ترى=أسداً قد غصبُوهُ أَجَمَهْ
غامِراً في حُمْرَةِ الدمِّ كما=يَغْمُرُ العَنْدَمُ ذروى أَكَمَةْ
قاصداً بِالحِسِّ إذ عيناه في=دَمِ مولاه الحسينُ عائِمَةْ
حائماً حول الخيام صاهلاً=قائلاً يا آل بيت المرحمةْ
أَبْشِروا بالذل و الأسر بها=و شَتاتِ الأمر بعد اللمْلَمَةْ
فلقد خَرَّ حسينٌ ضامياً=دامِيَ القلب بقلبِ الملحمةْ
قابض السهم الذي في قلبهِ=كلما حاول فيه ألَّمَهْ
خالط الدم سنا غُرَّتِهِ=فإستوى كالشمس عند المَسْلَمَةْ
خرجت نسوة آل المصطفى=ذاهلاتٍ للرؤوسِ لاطمةْ
و إذا بالطَّرْفِ خالٍ سَرْجُهُ=طائر العرف يصيح المَظْلَمَةْ
مِنْ جنايا أمة قد قتلت=ابن من يدفع عنها الحاطمةْ
وقف المهر و ألوى رأسهُ=و إلى زينبَ أدلى مَلْزَمَهْ
خجلاً يلتمس العذر على=تركه بالترب ظنوى فاطمةْ
خاطبته كيف خَلَّفْتَ أخي=طلعة السعد ببرج المَشْأَمَةْ
إرتوت غِلَّتَهُ من باردٍ=أم سقته أسهُمُ القومِ دَمَهْ
فَتَوارى ذو الجناحِ مِثْلَ من=أَمْرُهُ مما عياه سَلَّمَهْ
و به حَفَّتْ بنات المرتضى=قاذفات وَجْهَهُ باللائمةْ
لِمَ لَمْ تَأْتِ به يا فاجعاً=لِنُرَوِّيهِ الدموع الساجِمَةْ
عَلَّنا نَجْبُرُ كسراً بالذي=كَسَّرَتْ خَيْلَ العُداةِ أَعْظُمَهْ
أو تَرانا نَنْزَعُ السهمَ الذي=جَرَحَ الخاطِرَ حتى قَسَمَهْ
أو تَرانا للردى نُغْمِضُهُ=نُسبل الكفَّ و نُسْجي قَدَمَهْ
ما عليك لو حَمَلْتَ نَعْشَهُ=عَلَّنا نَسْحَبُ مِنْهُ أَسْهُمَهْ
لِمَ لَمْ تَأْتِ به يا ضارماً=فَنُواريه حَشانا المُضْرَمَةْ
صَمَتَ المُهْرُ من مَعْتَبِها=رَفَّ كالمذبوحِ فوق الرَّاغِمَةْ
كُلَّما تَضْرِبُ حزناً هامها=ضَرَبَ الأرضَ لِيُبْدي نَدَمَهْ
فَمِنْ جِسْمٍ إلى جِسْمْ=صَهيلٌ بِتَحيةْ لِصَرْعى الغاضِرِيَّةْ
مِنَ الحسينْ لِلْصَبيحِ الأَهْيَبْ=مِنَ الحسينْ لِكَفيلِ زَيْنَبْ
تَمُرُّ الأَعْوَجِيَّةْ=بِأَضْلُع زَكِيَّةْ
أَضْلُعٌ مَازَجَها نُورُ العُلا=فإسْتَوَى واديها وادي طُوى
أَوْجَمَتْ جِبْرِيلَ مِنْ هَيْبَتِها=و لَها مِيكالُ بالعرشِ إنْحنى
و أبو هابيلَ نادى بِاسْمِها=راجياً أن يَغْفِرَ اللهُ الخَطى
و أبو سامٍ و حامٍ مُذْ طَغَى=تَحْتَهُ الماءُ دعاها لِلْنَجا
بَارَكَتْ حتى لعيسى شافياً=باعثاً مَنْ مات مِنْ غَوْرِ الفَنا
و بصيراُ رَدَّ يعقوبَ بِها=بَعْدَ أن أقْرَضَهُ الهَجْرُ العمى
و بها أظَهْرَ موسى آيةً=أنْبَتَتْ في البحرِ جَزْراً بالعصا
و عليها بِنِعالٍ بالِيٍ=يَصْعَدُ الشِّمْرُ فيا حُلْمَ السَّما
فَمِنْ صَدْرٍ إلى صَدْرْ=يَجُولُ ابنُ الدَّعِيَّةْ بأَمْرٍ مِنْ أُمَيَّةْ
مِنَ الحسينْ لِخِبا المَقَانِعْ=مِنَ الحسينْ لِغَرِيِّ المَرَاجِعْ
تَمُرُّ الأَعْوَجِيَّةْ=بِأَضْلُعٍ زَكِيَّةْ
أَتُرى حِقْدُ يزيدٍ ينتهي=بَعْدَ أنْ رَضَّ عِظامَ الشُّهدا
إنهُ حقدُ السَّوادِ الأُموي=لَيْسَ تُنْهِيهِ سِوى نارُ الجَزا
حَمَلوا زَيْنَبَ و الآلَ على=عُجُفٍ مِنْ دونِ سَتْرٍ أَوْ غِطا
مَرَّرُوهُنَّ على القتلى لِكَيْ=تَنْكَوي بِالوَجْدِ أكبادُ النِّسا
فإذا ما نَزَفَتْ ظَمْأَى الحَشَى=نَزَفَتْ أَعْيُنِها مِنْ دونِ ما
و إذا ما الشوقُ أَهْوى حُرَّةً=أَرْكَبَتْها ضَرَباتُ الأَدْعيا
كل شيئٍ يُرْهِبُ الطاغوتَ مِنْ=ظُلْمِهِ حتى و لو كان البُكَا
أَرْعَبَتْهُ ثاكلاتٌ ما لها=غَيْرُ تقبيلَ ثَرى الأهلِ عَزا
ثُمَّ أشجى ما يُثيرُ النَّفْسَ أَنْ=يَكْتَفي عِنْدَ الوَدَاعِ بالنِّدا
أفْجَعُ الأشياءَ خِلُّ عَائِب=ما لَهُ في قَلْبِ مَنْ يَهْوَى دَوَا
أو تَرَاهُ دامياً مِنْ دون أن=تَحْتَضِنْهُ باكياً عِنْدَ اللِّقا
و الذي اَدْهَى حبيب عافِر=ما بِكَفَّيْكَ تُوارِيهِ الثَّرَى
يا نجوماً زَيَّنَ اللهُ بها=عَرْشَهُ مِنْ قَبْلِ آفاقِ السَّما
ما الذي أَنْزَلَكَ عَنْ أَبْرُجٍ=و رَمَاكَ بِالثَّرَى في كَرْبَلا
حَلَقاً مِنْ حَوْلِ بَدْرٍ لِلْهُدى=حَجَبَتْهُ الباتِراتُ بِالدِّما
يا حسينٌ يا حبيبي و الذي=حُبُّهُ حِكْمَةُ غُفْرانِ القَضَا
أين ذاكَ الحُسْنُ مِنْ غَيْرِهِ=ثُمَّ كَيْفَ إِحْمَرَّ إشراقُ الضِّيا
و إرتَدَى بَعْدَ كِسَاءِ المصطفى=كِسْوَةَ السَّافي صَريعاً بِالعَرَى
فَمِنْ صَدْرٍ إلى صَدْرْ=غُدُوُّ الرَّاعِبِيَّةْ عَلَى حَرِّ الوَطِيَّةْ
مِنَ الحسينْ لِلرَّضيعِ الأَصْغَرْ=مِنَ الحُسينْ لِعَلي الأَكْبَر
تَمُرُّ الأَعْوَجِيَّةْ=بِأَضْلُعٍ زَكِيَّةْ
لَمْ أكُنْ أَحْسَبُ أَنْ تَهْوي بِنا=عَصَبِيَّاتُ الوَلاءِ المَذْهَبي
لأَرَى قاتِلَ ابنِ المُرْتضى=ابنَ سَعْدٍ ضِمْنَ أصْحابِ النَّبي
ثِقَةً عدلاً و راوٍ صادِقاً=نَقَلَتْ عَنْهُ صِحاحُ الكُتُبِ
قَتْلُهُ السِّبْطَ و تشريدُ النِّسا=لَمْ يُصَنِّفْهُ بِأَهْلِ الكَذِبِ
هكذا الإسلامُ في أزماننا=سُلْطَةً تَحْمي غُرُورَ العَرَبِ
أَمْنُهُ رُعْبُ المُصَلِّينَ و ما=يَحْفَظُ الأعراضَ إلا بِالسَّبي
و شعاراتُ الهُدى مِنْ كربلا=يا بَنِي سُفيانَ لِلْخِدْرِ اِنْهَبِي
و اسْلُبِي زينبَ لَكِنْ كُلَّما=خُلِقَتْ زَيْنَبُ عُودي و اسْلُبِي
و ارْحَمِي فاطمةَ الصُّغرى فَلا=تَضْرِبِيها قَبْلَ صَيْحاتِ أَبي
و اتْرُكِي تِلْكَ اليَتامَى حُرَّةً=فَوْقَ أجسامِ العَرايا الشُّخُبِ
بارَكَ اللهُ لَكُمْ في أَصْلِكُمْ=طَابَ مِنْ سُفْيانَ أَصْلُ النَّسَبِ
بارَكَ اللهُ لَكُمْ أَشْعارَكُمْ=أُمَوِي و إنْتِمَائي عَرَبي
سَيْفُكُمْ سَيْفٌ مِنَ اللهِ إذا=نَشَرَ العَدْلَ بِنَشْرِ النُّوَبِ
خَيْلُكُمْ مَعْصُومَةٌ فِي وَطْئِها=أَضْلُعِ المَذْبوحِ فَوْقَ التُّرَبِ
و لِذَا صِحْتُمْ بِها في كربلا=يا خُيُولَ اللهِ لِلرَضِّ ارْكَبي
رَكَبَتْها عَشْرَةٌ مِنْ جُنْدِكُمْ=خَصَّهُمْ عُمَرٌ بِعالِ الرُّتَبِ
و وَفَاءاً لابنِ سَعْد رَضَّضُوا=بِالثَّرَى صَدْرَ الهُدَى و الأَدَبِ
هَكَذا كانَتْ جنودُ العَرَبِ=تتفانى في أَدَاءِ الوَاجِبِ
قَدْ حَمانا اللهُ مِنْ وَاجِبِكُمْ=فَتَفَانَيْنا إلى آلِ النبي
نُجُباً إنْ يَأْتِنا شَيْطانُها=نَرْمِهِ مِنْ حُبِّهِمْ بالشُّهُبِ
فَمِنْ طُهْرٍ إلى طُهْرْ=بِدَوْحِ النَّبَوِيَّةْ أُصُولٌ فاطِمِيَّةْ
مِنَ الحسينْ للكِتابِ النَّاطِقْ=مِنْ الحسينْ لِلشَهِيدِ الصَّادِقْ
تَمُرُّ الأَعْوَجِيَّةْ=بِأَضْلُعٍ زَكِيَّةْ
تَلَعَاتُ الطَّفِّ مِنْ فَاجِعِها=سَكَبَتْ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ زَمْزَما
و سماءُ النَّجَفِ مِنْ حُزْنِها=قَدْ تَحَنَّتْ مِنْ نُحُورِ العُلَما
باقِرَ الصَدْرِ و ما أدراكَ=ما ثُمَّ أعيا بَعْدَ ما أدراكَ ما
رَجُل لَوْلا إنْقِضاءُ العِصْمَةِ=نالَ تَطْهيرَ السَّما وَ انْعَصَما
هُوَ و الرُّوحُ الخُمَيْنيِّ معاً=قَبَس مِنْ نورِ طَهَ قُسِّما
فِاسْتَوَى الرُّوحُ إماماً لِلْهُدَى=و إسْتَوَى الصَّدْرُ إماماً لِلدِّما
مِنْ عَطاءِ الرُّوحِ قامَتْ ثَوْرَةٌ=حَرَمَتْ طَعْمَ الكَرَى مَنْ ظَلَما
مِنْ عَطاءِ الصَّدرِ قامَتْ فِكْرَةٌ=أَكْمَلَ اللهُ بِها شَرْعَ السَّمَا
حَكَمَ اللهُ بِجِبْريلَ إذا=أَفْتَيَا أَوْ فِي الدِّمَا حَكَمَا
صَدَقَا بالقولِ و الفِعْلِ كَمَنْ=شَاهَدَ القُدْرَةَ تُجْرِي القَلَمَا
بَلْسَمٌ أَنْتَ أَبا الطَّفِّ و قَدْ=صارَ رُوحُ اللهِ مِنْكَ بَلْسَمَا
طَلْسَمٌ أَنْتَ أَبا الطَّفِّ و ما=غَيْرُ دَمِّ الصَّدْرِ حَلَّ الطَّلْسَمَا
لا أَرَى الإسلامَ فَهْماً واعِياً=دونَ أَنْ يُشْبِهَ ما قَدْ فَهَما
فَمِنْ عَلْمٍ إلى عَلْمْ=بِهَدْيِ النَّبَوِيَّةْ و عِزِّ الحَيْدَرِيَّةْ
مِنَ الحسينْ للإمامِ الثَّائِرْ=مِنَ الحسينْ لمحمدْ باقِرْ
تَمُرُّ الأَعْوَجِيَّةْ=بِأَضْلُعٍ زَكِيَّةْ
البروجرديُّ ثُمَّ الغَروي=مِثْلُ صَرْعَى نَيْنَوَى بِالشَّرَفِ
كالفَقِيهِ ابنُ خُضَيْرٍ بِاللِقَا=كَالفِدَائِيِّ سَعيدُ الحَنَفِي
أَسْهُم يَرْمِي بِها شِمْرُ الخَنا=هِيَ طَلَقَاتُ ابنِ صَبْحَا الثَّقَفي
هَذِهِ أَرضُ الضَّحايا كربلا=تِلْكَ قَدْ أَرْضَتْ ضَحايا النَّجَفِ
إِنْ تَنَاءَى العَصْرُ مَا بَيْنَهُما=قَرَّبَ الشِّمْرَيْنِ ذاتَ الهَدَفِ
إِنْ تَنَاءَتْ طَعْنَةُ الغَدْرِ فَقَدْ=قُتِلوا ظُلْماً لِذَاتِ الهَدَفِ
هَذِهِ الدُنْيا لِمَنْ يَعْرِفُها=رَحِم يَحْضُنُ شَرَّ النُّطَفِ
فَابنِ ذِي الجَوْشَنِ في إجرامِهِ=آخِذٌ عَنْ ابْنِ صَبْحا الثَّقَفي
عَجَباً أَنْ يَأْخُذَ السَّابِقُ عَنْ=لاحِقٍ هَلْ يَرْتَضيهَا الفَلْسَفي
يَرْتَضيها عِنْدَهُ قَاعِدَةً=كُلُّ شَيْئٍ رَأْسُهُ مِنْ طَرَفِ
هُوَ رَأْسُ الشَّرِ لَوْلا بَغْيِهِ=حَكَمَ العَالَمُ عِلْمُ النَّجَفِ
و لَنَارَتْ ظُلُماتُ الأَرْضِ مِنْ=قَبَساتُ الصَدْرِ لَوْ لَمْ تَنْطَفي
لَكَ يا وادي سلامٍ مَوْقِف=هَازِمٌ بَدْراً بِصِدْقِ المَوْقِفِ
فِيْكَ إخوانُ النَّبيِ قَدَّمُوا=دَمَهُمْ صِدْقَاً لِسُوْدِ الأَحْرُفِ
فَإسْتَوَى كُلُّ شَهيدٍ تَحْتَهُمْ=مِثْلُ أَرْضِ و هُمُ كَالأَسْقُفِ
و دِمَاهُمْ بَعْدَ أَهْلِ العِصْمَةِ=هَتَفَتْ بِالرُّتْبَةِ العَلْيا قِفِي
فَمِنْ ثَارٍ إلى ثَارْ=سُيُوفٌ عَلَوِيَّةْ تَطُوفُ الغَاضِرِيَّةْ
مِنَ الحسينْ لِلْغَرِيِّ الزَّاهِرْ=مِنَ الحسينْ لِمحمد باقِرْ
تَمُرُّ الأَعْوَجِيَّةْ=بِأَضْلُعٍ زَكِيَّةْ
مَسجدُ الكوفةِ مَنْ هذا الذي=جَمَعَ الثُّوارَ بِالفَرْضِ و ثَارْ
صادِقُ الصَّدْرِ على الجَمْعِ إنْبَرَى=أَمْ حَبيبٌ شَيْخُ أَصحابِ الوَقَارْ
عَيْنُهُ ناحيةَ الطَّفِ عَسى=مُرْسِلَ السِّبْطِ بِهِ النَّقْعُ يُثَارْ
أَمْ هُوَ سَلمانُ مِنْ غُرَّتِهِ=أَشْرَقَ المَسْجِدَ بِالعِلْمِ و نَارْ
أَمْ هو المقدادُ ذو الصَّبْرِ و قد=أَذْهَلَتْهُ ثَلْمَةٌ في ذي الفِقارْ
أًمْ زكيُّ النَّفْسِ يا ذا بِالدِّماءْ=لِهُدَى المَهْدِيِّ يَوْمَ الإِنْتِصارْ
أَمْ هو الموعودُ بالصَّلْبِ أَتى=و عليهِ كَفَنٌ تَحْتَ الدِّثَارْ
و ينادي بأبي ذَرَّ ألا غَارْ=نَجْمُ الليلِ فأتى بالشعارْ
نَجَفٌ يا بَصرةٌ يا كربلا=ما لكم غيرِ دَمِ المَظْلومِ ثارْ
طِفْلَةُ السِّبْطِ و مَولودُ الرَّدى=و عَريس نَثَروهُ بِالنِّثارْ
و شَبيه للنَّبي المُصْطفى=كُلَّما سَارَ تَرى المُخْتَارَ سارْ
و يمين بِالمُسَنَّاةِ هَوَتْ=فَهَوَى يُمْنُ الوَرَى قَبْلَ اليَسَارْ
حَرْمَلٌ لا تَتْرُكوهُ فَلَقَدْ=هَدَمَ الرُكْنَ و أَدْمَى المُسْتَجارْ
مُذْ رَمَى قَلْبَ حسينٍ رَمْيَةً=كَسَفَتْ بِالشَّمْسِ إِشْعاعَ النَّهَارْ
أَوْ فَقُلْ شَقَّتْ ظِلالَ العَرْشِ في=مَوْضِعِ السِّرِ و أَمْرِ الإقْتِدارْ
لَوْ تَراهُ حَانِيَ الظَّهْرِ تَرَى=نًورَ وَجْهِ اللهِ بَادٍ بِانْكِسارْ
و عَلَيْهِ حَائراً مُنْحَنِياً=ضَرَبَ القَوْمَ مع النُّورِ حِصَارْ
و هَوَى لَكِنَّهُ حَيثُ هَوى=صَارَ للأَمْلاكِ و الرُّسْلِ مَزارْ
يا لِثارِ الطَّنَبِ الأَقْدَسِ في=هَجْمَةِ السَّلْبِ و تَهْتِيكِ السِّتَار
لَيْس تَدْرِي نِسْوَةُ القُرْآنِ ما=وَجْهَهُ الأَمْنُ فَتَنَحَّاها فِرَارْ
أَطْبَقَ الجوعُ عَلَيْها و الظَّمى=و جُمُوحُ الجُنْدِ و البَيْدا و نَارْ
كَفُّها لا يَرْتَخي ضَرْباً إذا=وَضَعَتْهُ غِيرَةٌ دون الخِمَارْ
فَمِنْ خِدْرٍ إلى خِدْرْ=تَطُوفُ النَّاصِبِيَّةْ لِسَلْبِ العَلَوِيَّةْ
مِنَ الحسينْ لأَبي الحَقَائِقْ=مِنَ الحسينْ لِمحمد صادِقْ
تَمُرُّ الأَعْوَجِيَّةْ=بِأَضْلُعٍ زَكِيِّةْ
رُوحُنا و الآيةُ الكُبْرى و ما=غَيْرَهُ شَافٍ لِذا العَصْرِ السَّقِيمْ
لَوْ تَراهُ بِالدُّعاءِ خَاشِعاً=خِلْتَ اِبْراهِيمُ أَوَّاهَاً حَليمْ
أَوْ تَراهُ بَيْنَ شَيْباتِ الهُدَى=قُلْتَ هَذَا شَيْخُ أَصْحابِ الرَّقِيمْ
هُوَ رَوحُ اللهِ فِينا نُفِخَ=فَاسْتَوَيْنا بَشَراً بَعدَ رَميمْ
أَغْضَبَ الشيطانَ مُذْ خَاطَبَهُ=بَيْتُكَ الأَبْيَضُ بِالجُرْمِ فَحِيمْ
فَدَعا ابناً لَهُ مِنْ عُوْجَةٍ=أَعْوَجُ البُلْعُومِ في وَجْهٍ كَظيمْ
يُشْبِهُ الخِنْزيرَ أَوْ يُشْبِهُهُ=إِنَّما بَيْنَ الخَنازِيرِ وَسِيمْ
لا أَظُنُّ اللهَ لَولا خَلْقِهِ=يَخْلِقُ الغِسْلينَ و الماءِ الحَميمْ
قَالَ لَبَّيْكَ عُروبِيٌ أَنا=و إلْتَقَى الرِّجْسُ عَلى طَبْعِ الزَّنِيمْ
أَعْلَنا حَرْبَ الهُدى في زَمَن=قَدْرُهُ عَهْدُ شُعَيْبٍ لِلْكَلِيمْ
جَمَعا مِنْ عِدَّةِ المَوْتِ لَهُ=مَا يُعِيدُ الأَرْضَ في طَوْرِ السَّدِيمْ
أَرْسَلَ الأَكْبَرُ للأَصْغَرِ مَا=يَقْتِلُ الأَحْيَاءَ في هَبِّ النَّسِيمْ
أَرْقَصَ العُرْبَ عَلى أَلْحَانِهِ=طَرَباً مِنْ آَيِهِ الثَّوْبُ القَصِيمْ
فَالذي يَدْعُونَهُ رُوحُ الهُدَى=هُوَ فِي أَرْصُادِنَا شَرُّ مُقِيمْ
رَصَدَتْ آلَتُنا عِمَّتَهُ=ما عليها نَجْمُ داوودَ الحَكِيمْ
فَتَّشَتْ صُهْيونُ في قُرْآنِهِ=لَمْ تَجِدْ أَنَّهُ قُرْآن كَرِيمْ
نَظَرَ الحَاخَامُ في إِسْلامِهِ=و إذا إسْلامَهُ غَيْرُ سَلِيمْ
أَبَداً مَا وَحَّدَ الرَبَّ الذي=يُزْهِقُ النَّفْسَ و بِالنِّفْطِ رَحِيمْ
نَاشِراً في المسلمينَ بِدْعَةً=لَيْسَ أم كالصِّرَاطَ المُسْتَقِيمْ
أَعْلِنُوا مِنْها البَراء إِنَّها=صَنَمُ الطُّغْيانِ و الشِّرْكِ الأَثِيمْ
حَرَّضَ الحُجَّاجَ أَنْ يَمْتَثِلُوا=رَمْزَها بِالرَّمْيِ شَيْطَاناً رَجيمْ
بَلَغَ الإرْهابَ فِيهِ أَنْ يَرَى=أَنَّ أم كا هيَ الشَّرُ العَظِيمْ
فَمِنْ سِجْنٍ إلى سِجْنْ=خُذُوا بِالنَّجَفِيَّةْ بِدَعْوَى إِرْهَابِيَّةْ
مِنَ الحسينْ للإمامِ الكاظِمْ=مِنَ الحسين لِصادِقِ العَمائِمْ
تَمُرُّ الأَعْوَجِيَّةْ=بِأَضْلُعٍ زَكِيَّةْ
فَرَجُ اللهِ أَتَى يا سامري=عِجْلُكَ إِنْدَكَّ حطيماً مِنْ أساسْ
و قَضَى رَبُّكَ ما قَدَّرَهُ=فَإبْلَعِ الغُصَّةْ بِالقَوْلِ الفُطاسْ
كُفَّ عَنْ زَعْرَتِكَ النَّبْحا فَقَدْ=أَيْتَمَتْ ناساً و أَوْدَتْ حَقَّ ناسْ
أُمَوِيٌ أَنتَ تَهْوَى قَتْلَ مَنْ=طَلَبَ الحَقَّ بِعَفْوٍ و إلتِماسْ
أنتَ مِمَّنْ شَحَذَ الصَّارِمَ كَيْ=يَقْطَعَ الشِّمْرُ بِهِ أَشْرَفَ رأسْ
أنتَ سِتْرُ ابْنُ الطُّفَيْلي عِنْدَما=ضَرَبَ العباسَ في يُمْنى المِرَاسْ
لا تُسِلْ دَمْعَكَ لِلأَكْبَرِ لا=أنتَ و العَبْدي صَحْبٌ بإخْتِلاسْ
أنتَ مِمَّنْ نَثَرَ الحقدَ على=مُعْرِسَ الطَّفِ بِعَرْك و إِفْتِراسْ
عَلَّمَ الطِّفْلَ على صَدْرِ الهُدى=لُقْمَةَ السَّهْمِ إذا حَانَ النُّعاسْ
أنتَ مِمَّنْ أَحْرَقَ الخَيْماتِ في=كربلا و إسْتَظْهَرَ العَرْضَ الكِناسْ
أنتَ أَلْبَسْتَ يزيدا عِمَّةً=فإرْتَدَى مِنْ دِينِكَ الهَشِّ لِبَاسْ
و مِنَ الإحْسَاسِ طِيْباً طَيِّباً=يُخْفي رِيحَ الخَمْرِ لَوْ صَلَّى بِكاسْ
عِجْلُكَ يا نَسْلَ إبْليسَ إنْتَهَى=فَإطْلُبِ الآخَرَ في سُوقِ النِّخاسْ
حَطَّمَ اللهُ الذي مِنْ عَسْجَدٍ=فَإتَّخِذْ رَبَّاً جَدِيداً مِنْ نُحاسْ
لَعنةُ اللهِ عَليكَ أَبَداً=لَكَ فِيها أَنْ تَقُولَ لا مَساسْ
فَمِنْ ذُلٍ إلى ذُلْ=وَلاءاً لأُمَيَّةْ لِقَتْلِ الجَعْفَرِيَّةْ
مِنَ الحسينْ للأَسيرِ الحائِرْ=مِنَ الحسينْ للسَّجينِ الصَّابِرْ
تّمُرُّ الأَعْوَجِيَّةْ=بِأَضْلُعٍ زَكِيَّةْ