تحية إلى الصدر
ديوان الحزن المعشوق - غازي الحداد البحراني
السَلامُ على الصَدرِ في الخالدين=على من خِضابُهُ دَمُ الحُسين
على صَانعِ العِزِ في الرافدين=سَلامٌ على الصَدرِ في العالمين
و آنا بِكَ أخَسرُ الفاقدين=لِمجدٍ و عِزٍ و عِلمٍ و دين
إلى الصَدرِ قومي أيا كربلاء=و ضُميهِ في قَبرِ من جُدِلا
بِحَرِ الضما و فَيضِ الدِماء=فقد حَبهُ سَيدُ الشُهُداء
جِراحاتُنا لَذعُها مأسكه=تُهيجُها حادِثاتِ الزَمن
ففي كُلِ يَومٍ يَموتُ وطن=و في كُلِ يَومٍ يَقومُ وثن
و يُردى الحُسينُ و يُرمى الحَسن=سِهاماً تُمزِقُ نُورَ الكَفن
قَوافِلُ تترى بِوجهِ يزيد=تُحرِكُها صَرخاتُ الشَهيد
و حَزِ النُحور و هَتكِ الستور=خُدورِ البَتول خَيرُ النِساء
أَنسمع بِقصتِها و الشَرف=و مِيزانُ عَدلٍ عليها أنعرف
بَكى مَجلِسُ الأمنِ لما عَرف=بِلُبنانَ وَفدُ السَلامِ أنخطف
و لما جَنوبُ العِراق ِ أنقصف=تَضاحَكَ و الدَمعُ مِنهُ وَقف
لأنه دِمنا تُحبُ الحُسين=و سَفكِها حَلا على الناصبين
فَمنهم عداء و مِنا ولاء=إلى أن يَرُفَ علينا اللواء
على البَصرةَ الدَمعُ لا يُسعِفُ=لِطولِ البُكاء نَبعهُ يَضعِفُ
مِنَ الجُوعِ أطفالُها نُحفٌ=و أن طَلبت قوتها تُقصَفُ
بيوتاً على أهلها تُنسَفُ=و جُندِ السلامِ بِها وُّقفُ
تَباركَ أيا جُندُ هذا السلام=تَباركَ غُصنكمُ و الحَمام
سَلامُ الكِبار يَدوسُ الصِغار=و يَمشي إلى العَدلِ فَوقَ الدِماء
على كَربلاء فالّتَصِبُ الدَموع=فَقد شَبِعت من قاذِفاتٍ و جَوع
و عَلمُنا طائفيُ النُزوع=يُشرِدُ طه و يأوي اليَسوع
يُحبُ الذين أَحبُ الخُضوع=و يَكرهُ من يَرفِضونَ الخُضوع
لِهذا أجاعَ مُحبيِّ الحُسين=و أَطلقَ للبَعثِ تِلكَ اليدين
عسى يَنتهون إذا يُنزَفون=بِدمعٍ و دَمٍ شَبابُ الولاء
لقد ثَارَ شَعبُ الطُفوفِ الأسير=وَحيدٍ فَريداً بِغيرِ نَصير
لأنَ الحُسينِ إليهِ أمير=و فِكرُ الحُسينِ عَليهم خَطير
يَرى العَيشَ بِعيشِ الذُلِ حَقير=و مَوتَ المَعزةِ خَيرُ نَصير
لِهذا يَخافونَ صَوتَ العَزاء=لأنهُ ذِكرى لِتلكَ الدِماء
دُموعٌ و دَم سُجونٌ و سَم=لكي يُطفوا النَورَ من كَربلاء
أيا عَلمَ الكُفرِ يا ذا النُجوم=أنرحل فإنا عِراقٌ بالتُخوم
ثَبِتَ على دِمِنا و اللحوم=شَبِعتَ بِخيراتِنا كي نَصوم
و تُفطِرُنا الجُوعَ يَوماً بيوم=لي نَركعَ ذُلاً كي لا نَقوم
نَقومُ و نَهضتُنا بالحُسين=نُجدِدُ عاشوراء و الأربعين
لِذكرى الشَهيد و كُلِ شهيد=بِوجهِكَ يا صَنمَ الكبرياء
عَزاءٌ على ماءِ شَطِ الفُرات=فقد حَمرتهُ دِماءُ الأُباة
دِماءُ الحُسينِ بِهِ سائلات=و قَيدٌ على صَدرِ بالتَفنات
و زَينبُ و أبنتُها حاسِرات=تَلوذُ بِقبرٍ رَمتهُ الطُغاة
جُروحٌ بِينا كَربلاء=لا أندِبال لها من ذبيحٍ بِحرِ الرِمال
سَيبقى الحُسين على الخافقين=يُلطِخُ آفاقِنا بِالدماء