أدرك تراتك أيها الموتور
السيد جعفر الحلي
أدرك تراتك أيها الموتور=فلكم بكل يد دم مهدورُ
عذبت دماؤكم لشارب عله=وصفت فلا رنق ولا تكديرُ
ولسانها بك يابن أحمد هاتف=أفهكذا تغضي وأنت غيورُ
ما صارم الا وفي شفراته=نحر لآل محمد منحورُ
انت الولي لمن بظلم قتلو=وعلى العدا سلطانك المنصورُ
لو انك استأصلت كل قبيلة=قتلا فلا سرف ولا تبذيرُ
خذهم فسنة جدكم مابينهم=منسية وكتابكم مهجورُ
إن تحتقر قدر العدى فلربم=قد قارف الذنب الجليل حقيرُ
أو أنهم صغروا بجنبك همة=فالقوم جرمهم عليك كبيرُ
غصبوا الخلافة من أبيك وأعلنو=أن النبوة سحرها مأثورُ
والبضعة الزهراء أمك قد قضت=قرحى الفؤاد وضلعها مكسورُ
وأبوا على الحسن الزكي بأن يرى=مثواه حيث محمد مقبورُ
واسأل بيوم الطف سيفك إنه=قد كلم الأبطال فهو خبيرُ
يوم أبوك السبط شمر غيرة=للدين لما أن عفاه دثورُ
وقد استغاثت فيه ملة جده=لما تداعى بيتها المعمورُ
وبغير أمر الله قام محكّم=بالمسلمين يزيد وهو أميرُ
نفسي الفداء لثائر في حقه=كاليث ذي الوثبات حين يثورُ
أضحى يقيم الدين وهو مهدم=ويجّبر الأسلام وهو كسيرُ
ويذكر الأعداء بطشة ربهم=لو كان ثمة ينفع التذكيرُ
وعلى قلوبهم قد انطبع الشقى=لا الوعظ يبلغها ولا التحذيرُ
فنضا ابن أحمد صارما ماسله=إلا وسلن من الدماء بحورُ
فكأن عزرائيل خط فرنده=وبه أحاديث الحمام سطورُ
دارت حماليق الكماة لخوفه=فيدور شخص الموت حيث يدورُ
واستيقن القوم البوار كأن أس=رافيل جاء وفي يديه الصورُ
فهوى عليهم مثل صاعقة السم=فالروس تسقط والنفوس تطيرُ
لم تثن عامله المسدد جنة=كالموت لم يحجزه يوما سورُ
شاكي السلاح لدى أبن حيدرا أعزل=واللابس الدرع الدلاص حسيرُ
غيران ينفض لبدتيه كأنه=أسد بآجام الرماح هصورُ
ولصوته زجر الرعود تطير بال=ألباب دمدمة له وهديرُ
قد طاح قلب الجيش خيفة بأسه=وانهاض منه جناحه المكسورُ
بأبي أبي الضيم صال وماله=إلا المثقف والحسام نصيرُ
وبقلبه الهم الذي لو بعضه=بثبير لم يثبت عليه ثبيرُ
حزنا على الدين الحنيف وغربة=وظما وفقد أحبة وهجيرُ
حتى إذا نفذ القضاء وقدر ال=محتوم فيه وحتم المقدورُ
زجت له الأقدار سهم منية=فهوى لقى فاندك ذاك الطورُ
وتعطل الفلك المدار كأنم=هو قطبه وكان عليه يدورُ
وهوين ألوية الشريعة نكص=وتعطل التهليل والتكبيرُ
والشمس ناشرة الذوائب ثاكل=والأرض ترجف والسماء تمورُ
بأبي القتيل وغسله علق الدم=وعليه من أرج الثنا كافورُ
ظمآن يعتلج الغليل بصدره=و تبل للخطي منه صدورُ
وتحكمت بيض السيوف بجسمه=ويح السيوف فحكمهن يجورُ
وغدت تدوس الخيل منه أضالع=سر النبي بطيها مستورُ
في فتية قد أرخصو لفدائه=أرواح قدس سومهن خطيرُ
ثاوين قد زهت الربى بدمائهم=فكأنها نوارها الممطورُ
رقدوا وقد سقوا الثرى فكأنهم=ندمان شرب والدماء خمورُ
هم فتية خطبوا العلى بسيوفهم=ولها النفوس الغاليات مهورُ
فرحوا وقد نعيت نفوسهم لهم=فكأن لهم ناعي النفوس بشيرُ
فستنشقوا النقع المثار كأنه=ند المجامر منه فاح عبيرُ
واستيقنوا بالموت نيل مرامهم=فالكل منهم ضاحك مسرورُ
فكأنما بيض الحدود بواسم=بيض الخدود لها ابتسمن لها ثغورُ
وكأنما سمر الرماح موائل=سمر الملاح يزينهن سفورُ
كسروا جفون سيوفهم وتقحمو=بالخيل حيث تراكم الجمهورُ
من كل شهم ليس يحذر قتله=إن لم يكن بنجاته المحذورُ
عاثوا بآل أمية فكأنهم=سرب البغاث يعثن فيه صقورُ
حتى إذا شاء المهيمن قربهم=لجواره وجرى القضا المسطورُ
ركضوا بأرجلهم إلى شرك الردى=وسعوا وكل سعيه مشكورُ
فزهت بهم تلك العراص كأنم=فيها ركدن أهلة وبدورُ
عارين طرزت الدماء عليهم=حمر البرود كأنهن حريرُ
وثواكل يشجي الغيور حنينه=لو كان ما بين العداة غيورُ
حرم لأحمد قد هتكن ستوره=فهتكن من حرم الإله ستورُ
كم حرة لما أحاط بها العدى=هربت تخف العدو وهي وقورُ
والشمس توقد بالهواجر ناره=والأرض يغلي رملها ويفورُ
هتفت غداة الروع باسم كفيليه=وكفيلها بثرى الطفوف عفيرُ
كانت بحيث سجافها يبنى على=نهر المجرة ما لهن عبورُ
يحمين بالبيض البواتر والقناة ال=سمر الشواجر والحماة حضورُ
ما لاحظت عين الهلال خياله=والشهب تخطف دونها وتغورُ
حتى النسيم إذا تخطى نحوه=ألقاه في ظل الرماح عثورُ
فبدا بيوم الغاضرية وجهه=كالشمس يسترها السنا والنورُ
فيعود عنها الوهم وهو مقيد=ويرد عنها الطرف وهو حسيرُ
فغدت تود لو أنها نعيت ولم=ينظر إليها شامت وكفورُ
وسرت بهن إلى يزيد نجائب=بالبيد تنتجد تارة وتغورُ
حنت طلاح العيس مسعدة له=وبكى الغبيط بها وناح الكورُ