عينية جاسم الصحيح في حب سيد شهداء عليه السلام جاسم الصحيح
عينية جاسم الصحيح
في حب سيد شهداء عليه السلام
حملتُ جنازةَ عقلي معي=وجِئْتُكَ في عاشقٍ لا يعي
أحسُّكَ ميزانَ ما أدَّعيهِ=إذا كان في الله ما أدَّعي
أقيسُ بِحُبِّكَ حجمَ اليقينِ=فحُبُّكَ فيما أرى مرجعي
خلعتُ الأساطيرَ عنِّي سوى=أساطيرِ عشقِكَ لم أخلعِ
وغصتُ بِجرحكَ حيث الشموسُ=تهرولُ في ذلك المطلعِ
وحيث (المثلَّثُ) شقَّ الطريقَ=أمامي إلى العالَمِ الأرفعِ
وعلَّمَني أن عشقَ (الحسينِ)=انكشافٌ على شفرةِ المبضعِ
فعَرَّيْتُ روحي أمام السيوفِ=التي التَهَمَتْكَ ولم تشبعِ
وآمنتُ بالعشقِ نبعَ الجنونِ=فقد بَرِئَ العشقُ مِمَّنْ يَعي
وجئتُكَ في نشوةِ اللاَّعقولِ=أجرُّ جنازةَ عقلي معي!
أتيتُكَ أفتلُ حبلَ السؤال=متى ضَمَّك العشقُ في أضلعي؟
عَرَفْتُكَ في (الطَّلقِ) جسرَ العبورِ=من الرَّحْمِ للعالَمِ الأوسعِ
ووَالِدَتي بِكَ تحدو المخاضَ=على هودج الأَلَمِ المُمْتِعِ
وقد سِرْتَ بِي للهوى قبلما=يسيرُ بِيَ الجوعُ للمرضَعِ..
لَمَسْتُكَ في المهدِ دفءَ الحنانِ=على ثوبِ أُمِّيَ ، والملفعِ
وفي الرضعةِ البِكْرِ أنتَ الذي=تَقاَطَرْتَ في اللَّبَنِ المُوجَعِ
وقبل الرضاعةِ.. قبل الحليبِ..=تَقاطَرَ إِسْمُكَ في مَسْمَعي
فأَشْرَقْتَ في جوهري ساطعاً=بِما شَعَّ من سِرِّكَ المودعِ
بكيتُكَ حتَّى غسلتُ القِماطَ=على ضِفَّتَيْ جُرْحِكَ المُشْرَعِ
وما كنتُ أبكيكَ لو لم تَكُنْ=دماؤُكَ قد أيقظَتْ أدمعي
كَبُرْتُ أنا.. والبكاءُ الصغيرُ=يكبرُ عبر الليالي معي
ولم يبقَ في حجمِ ذاك البكاءِ=مَصَبٌّ يلوذُ بهِ منبعي
أنا دمعةٌ عُمْرُها (أربعونَ)=جحيماً من الأَلمَِ المُتْرَعِ
هنا في دمي بَدَأَتْ (كربلاءُ)=و تَمَّتْ إلى آخِرِ المصرعِ
كأنّكَ يومَ أردتَ الخروجَ=عبرتَ الطريقَ على أَضْلُعي
ويومَ انْحَنَىَ بِكَ متنُ الجوادِ=سَقَطْتَ ولكنْ على أَذْرُعي
ويومَ تَوَزَّعْتَ بين الرماحِ=جَمَعْتُكَ في قلبيَ المُولَعِ
فيا حادياً دورانَ الإباءِ=على محورِ العالَمِ الطيِّعِ
كفرتُ بكلِّ الجذورِ التي=أصابَتْكَ رِيًّا ولم تُفْرِعِ
أَلَسْتَ أبا المنجبينَ الأُباةِ=إذا انْتَسَبَ العُقْمُ للخُنَّعِ!
وذكراكَ في نُطَفِ الثائرينَ=تهزُّ الفحولةَ في المضجعِ
تُطِلُّ على خاطري (كربلاءُ)=فتختصرُ الكونَ في موضعِ
هنا حينما انتفضَ الأُقحوانُ=و ثار على التُربةِ البلقعِ
هنا كنتَ أنتَ تمطُّ الجهاتِ=و تنمو بأبعادِها الأربعِ
وتحنو على النهرِ.. نهرِالحياةِ..=يُحاصرُهُ ألفُ مستنقعِ
وحين تناثرَ عِقْدُ الرِّفاقِ=فداءً لدُرَّتِهِ الأنصعِ
هنا (لَبَّتِ) الريحُ داعي (النفيرِ)=و (حَجَّتْ) إلى الجُثَث الصُّرَّعِ
فما أَبْصَرَتْ مبدعاً كَ(الحسينِ)=يخطُّ الحياةَ بلا إصبعِ!
ولا عاشقاً كَ(أبي فاضلٍ)=يجيدُ العناقَ بلا أذرعِ!
ولا بطلاً مثلما (عابسٍ)=يهشُّ إذا سارَ للمصرعِ!
هنا العبقريَّةُ تلقي العنانَ=وتهبط من برجِها الأرفعِ
وينهارُ قصرُ الخيالِ المهيبُ=على حيرةِ الشاعرِ المبدعِ
ذكرتُكَ فانسابَ جيدُ الكلامِ=على جهةِ النشوةِ الأروعِ
وعاقرتُ فيكَ نداءَ الحياةِ=إلى الآنَ ظمآنَ لم ينقعِ
فما بَرِحَ الصوتُ (هل من مغيث)=يدوِّي.. يدوِّي.. ولم يُسْمَعِ
هنا في فمي نَبَتَتْ (كربلاءُ)=وأسنانُها الشمُّ لم تُقلعِ
وإصبعُكَ الحرُّ لَمَّا يَزَلْ= يدير بأهدافِهِ إصبعي
فأحشو قناديلَ شعري بما=تَنَوَّرَ من فتحِكَ الأنصعِ
وباسمِكَ استنهضُ الذكرياتِ=الحييَّاتِ من عزلةِ المخدعِ
لعلَّ البطولةَ في زَهْوِها=بِيَوْمِكَ ، تأتي بلا برقعِ
فأصنعُ منها المعاني التي=على غير كفَّيكَ لم تصنع ِ