القصيدة السادسة في وصفه ومدحه عليه السلام
ديوان العلويات السبع - ابن أبي الحديد المعتزلي
القصيدة السادسة في وصفه ومدحه عليه السلام
يا رسم لا رسمتك ريح زعزع=وسرت بليل في عراصك خروع(1)
لم ألف صدري من فؤادي بلقعاً=إلا وأنت من الأحبة بلقع(2)
جارى الغمام مدامعي بك فانثنت=جون السحائب فهي حسرى ظلع(3)
لا يمحك الهتن الملث فقد محا=صبري دثورك مذمحتك الأدمع(4)
ما تم يومك وهو أسعد أيمن=حتى تبدل فهو أنكد اشنع(5)
شروى الزمان يضيء صبخ مسفر=فيه فيشفعه ظلام اسفع(6)
لله درك والضلال يقودني=بيد الهوى فأنا الحرون فاتبع(7)
يقتادني سكر الصبابة والصبا=ويصيح بي داعي الغرام فاسمع
دهر تقوض راجلاً ما عيب من=عقباه إلا أنه لا يرجع(8)
يا أيها الوادي أجلك وادياً=وأعز إلا في حماك فاخضع
وأسوف تربك صاغراً وأذل في=تلك الربى وأنا الجليد فاخنع(9)
أسفي على مغناك إذ هو غابة=وعلى سبيلك وهي لحب مهيع(10)
أيام انجم قضعب درية=في غير أوجه مطلع لا تطلع(11)
والبيض تورد في الوريد فترتوي=والسمر تشرع في الوتين فتشرع(12)
والسابقات اللاحقات كأنها=العقبان تردى في الشكيم وتمزع(13)
والربع انور بالنسيم مضمخ=والجو أزهر بالعبير مردع(14)
ذاك الزمان هو الزمان كأنما=قيظ الخطوب به ربيع ممرع(15)
وكأنما هو روضة ممطورة=او مزنة في عارض لا تقلع(16)
قد قلت للبرق الذي شق الدجى=فكأن زنجياً هناك يجدع(17)
يا برق إن جئت الغري فقل له=أتراك تعلم من بأرضك مودع(18)
فيك ابن عمران الكليم وبعده=عيسى يقفيه وأحمد يتبع(19)
بل فيك جبريل وميكال واسرا=فيل والملأ المقدس اجمع(20)
بل فيك نور الله جل جلاله=لذوي البصائر يستشف ويلمع(20)
فيك الإمام المرتضى فيك الوصي=المجتبى فيك البطين الأنزع(21)
الضارب الهام المقنع في الوغى=بالخوف للبهم الكماة يقنع(22)
والسمهرية تستقيم وتنحني=فكأنها بين الأضالع أضلع(23)
والمترع الحوض المدعدع حيث لا=واد يفيض ولا قليب يترع(24)
ومبدد الأبطال حيث تألبوا=ومفرق الأحزاب حيث تجمع(25)
والحبر يصدع بالمواعظ خاشعاً=حتى تكاد لها القلوب تصدع(26)
حتى إذا استعر الوغى متلظياً=شرب الداء بغلة لا تنقع(27)
متجلبباً ثوباً من الدم قانياً=يعلوه من نقع الملاحم برقع(28)
زهد المسيح وفتكة الدهر الذي=اودى به كسرى وفوز تبع(29)
هذا ضمير العالم الموجود عن=عدم وسر وجوده المستوع(30)
هذي الأمانة لا يقوم بحملها=خلقاء هابطة واطلس ارفع(31)
تأبى الجبال الشم عن تقليدها=وتضج تيهاء وتشفق برقع
هذا هو النور الذي عذباته=كانت بجبهة آدم تتطلع(32)
وشهاب موسى حيث أظلم ليله=رفعت له لألاؤه تتشعشع(33)
يامن ردت له ذكاء ولم يفز=لنظيرها من قبل ألا يوشع(34)
يا هازم الأحزاب لا يثنيه عن=خوض الحمام مدجج ومدرع(35)
يا قالع الباب الذي عن هزها=عجزت أكف أربعون وأربع(36)
لولا حدوثك قلت إنك جاعل=الأرواح في الأشباح والمستنزع(37)
لو لا مماتك قلت أنك باسط=الأرزاق تقدر في العطاء وتوسع(38)
ما العالم العلوي إلا تربة=فيها لجثتك الشريفة مضجع(39)
ما الدهر ألا عبدك القن الذي=بنفوذ أمرك في البرية مولع(40)
أنا في مديحك ألكن لا أهتدي=وأنا الخطيب الهبزري المصقع(41)
أأقول فيك سميدع كلا ولا=حاشا لمثلك أن يقال سميدع(42)
بل أنت في يوم القيامة حاكم=في العالمين وشافع ومشفع(43)
ولقد جهلت وكنت أخذق عالم=أغرار عزمك أم حسامك أقطع(44)
وفقدت معرفتي فلست بعارف=هل فضل علمك أم جنابك أوس(45)
لي فيك معتقد سأكشف سره=فليصغ أرباب النهى وليسمعوا
هي نفثة المصدور يطفئ بردها=حر الصبابة فاعذلوني أودعوا(46)
والله لولا حيدر ما كانت=الدنيا ولا جمع البرية مجمع(47)
من أجله خلق الزمان وضوئت=شهب كنسن وجن ليل أدرع(48)
علم الغيوب إليه غير مدافع=والصبح أبيض مسفر لا يدفع(49)
وإليه في يوم المعاد حسابنا=وهو الملاذ لنا غداً والمفزع(50)
هذا اعتقادي قد كشفت غطاءه=سيضر معتقداً له أو ينفع(51)
يامن له في أرض قلبي منزل=نعم المراد الرحب والمستربع(52)
أهواك حتى في حشاشة مهجتي=نار تشب على هواك وتلذع(53)
وتكاد نفسي تذوب صبابة=خلقاً وطبعاً لا كمن يتطبع(54)
ورأيت دين الإعتزال وإنني=أهوى لأجلك كل من يتشيع(55)
ولقد علمت بأنه لابد من=مهديكم وليومه أتوقع(56)
يحميه من جند الإله كتائب=كاليم أقبل زاخراً يتدفع(57)
فيها لآل أبي الحديد صورام=مشهورة ورماح خط شرع(58)
ورجال موت مقدمون كأنهم=أسد العرين الربد لا تتكعكع(59)
تلك المنى أما أغب عنها فلي=نفس تنازعني وشوق ينزع(60)
ولقد بكيت لقتل آل محمد=بالطف حتى كل عضو مدمع(61)
عقرت بنات الأعوجية هل درت=ما يستباح بها وماذا يصنع(62)
وحريم آل محمد بين العدى=نهب تقاسمه اللئام الرضع(63)
تلك الضغائن كالإماء متى تسق=يعنف بهن وبالسياط تقنع(64)
من فوق أقطاب الجمال يشلها=لكع على حنق وعبد أكوع(65)
مثل السبايا بل أذل يشق من=هن الخمار ويستباح البرقع(66)
فمصفد في قيده لا يقتدى=وكريمة تسبى وقرط ينزع(67)
تالله لا أنسى الحسين وشلوه=تحت السنابك بالعراء موزع(68)
متلفعاً حمر الثياب وفي غد=بالخضر في فردوسه يتلفع(69)
تطأ السنابك صدره وجبينه=والأرض ترجف خيفة وتضعضع(70)
والشمس ناشرة الذوائب ثاكل=والدهر مشقوق الرداء مقنع(71)
لهفي على تلك الدماء تراق في=ايدي أمية عنوة وتضيع(72)
أبي أبو العباس أحمد إنه=خير الورى من أن يطل ويمنع(73)
فهو الولي لثارها وهو الحمول=لعبئها إذ كل عود يضلع
الدهر طوع والشيبة غضة=و السيف عضب والفؤاد مشيع(74)
الهوامش بالأسفل