أشيعة آل المصطفى
محمّد السُبعي الحلي البحراني
مشي تولّى الشباب وأقبل=نذير لمن أمسى وأضحى مغفلا
ترى اناس منهم ظاعناً إثر ظاعن=فظن سواه الظاعن المتحملا
ترحلّت الجيران عنه إلى البلى=وما رحل الجيران إلا ليرحلا
ولكنه لما مضى العمر ضايع=بكى عمره الماضي فحنّ وأعولا
تذكّر ما أفنى الزمان شبابه=فبات يسحّ الدمع في الخد مسبلا
ولم يبكِ من فقد الشباب وإنم=بكى ما جناه ضارعاً متنصلا
تصرّمت اللذات عنه وخلفت=ذنوباً غدا من أجلها متوجلا
حنانيك يا من عاش خمسين حجة=وخمساً ولم يعدل عن الشر معدلا
وليس له في الخير مثقال ذرة=وكم ألف مثقال من الشر حصّلا
أعاتب نفسي في الخلاء ولم يفد=عتابي على ما فات في زمن خلا
فيا ليت أني قبل ما قد جنت يدي=على نفسها لاقيت حتفاً معجّلا
ويا ليت شعري هل تفيد ندامتي=على ما به أمسى وأضحى مثقّلا
عذيري من الدنيا الذي صار موجب=عذاب إلهي عاجلاً ومؤجّلا
يدي قد جنت يا صاحبيّ على يدي=ونفسي لنفسي جرّت العذل فاعذلا
ولا تعذلا عيناً على عينها بكت=فطرفي على طرفي جنا وتأملا
سأبكي على ما فات مني ندامة=إذا الليل أرخى الستر منه وأسبلا
سأبكي على ذنبي وأوقات غفتلي=وأبكي قتيلاً بالطفوف مجدّلا
سأبكي على ما فات مني بعبرة=تجود إذا جاء المحرّم مقبلا
حنيني على ذاك القتيل وحسرتي=عليه غريباً في المهامة والفلا
حنيني على الملقى ثلاثاً معفر=طريحاً ذبيحاً بالدماء مغسلا
سأبكي عليه والمذاكي بركضه=تكفنه مما أثارته قسطلا
سأبكي عليه وهي من فوق صدره=ترضّ عظاماً أو تفصّل مفصلا
سأبكي على الحران قلباً من الظم=وقد منعوه أن يعلّ وينهلا
إلى أن قضى يا لهف نفسي على الذي=قضى بغليل يشبه الجمر مشعلا
سأبكي عليه يوم أضحى بكربل=يكابد من أعدائه الكرب والبلا
وقد أصبحت أفراسه وركابه=وقوفاً بهم لم تنبعث فتوجلا
فقال بأيّ الأرض تُعرَف هذه=فقالوا له هذي تسمى بكربلا
فقال على إسم الله حطّوا رحالكم=فليس لنا أن نستقل ونرحلا
ففي هذه مهراق جاري دمائن=ومهراق دمع الهاشميات ثكلا
وفي هذه والله تضحى رؤوسن=مشهّرة تعلو من الخطّ ذبلا
وفي هذه والله تسبى حريمن=وتضحى بأنواع العذاب وتبتلى
فلهفي على مضروبة الجسم وهي من=ضروب الأسى تبكي هماماً مبجلا
ولهفي على أطفالها في حجوره=تمجّ عقيب الثدي سهماً ومنصلا
ولهفي على الطفل المفارق أمه=ولهفي لها تبكي على الطفل مطفلا
أشيعة آل المصطفى مَن يكون لي=عوينا على رزء الشهيد مولولا
قفا نبك من ذكرى حبيب محمد=وخلوا لذكراكم حبيباً ومنزلا
قفوا نبك من تذكاره ومصابه=فتذكاره ينسي الدخول فحوملا
وما أنس في شيء تقادم عهده=ولا أنس زين العابدين مكبلا
سأبكي له وهو العليل وفي الحش=غليل ببرد الماء لن يتبللا
سأبكي لبتنت السبط فاطم اذ غدت=قريحة جفن وهي تبكيه معولا
تحنّ فيشجي كل قلب حنينه=وتصرع من صمّ الصياخد جندلا
تقول أبي أبكيك يا خير مَن مشى=ومن ركب الطرف الجواد المحجلا
أبي يا ثمال الأرملات وكهفه=اذا عاينت خطباً من الدهر معضلا
أبي يا ربيع المجدبين ومَن به=يغاث من السقيا اذا الناس أمحلا
أبي يا غياث المستغيثين والذي=غدا لهم كنزاً وذخراً وموئلا
أبي ان سلا المشتاق أو وجد العز=فان فؤادي بعد بعدك ما سلا
سابكي وتبكيك العقايد والنهى=سابكي وتبكيك المكارم والعلى
سأبكي وتبكيك المحاريب شجوه=وقد فقدت مفروضها والتنفلا
سأبكي وتبكيك المناجاة في الدجى=سأبكي ويبكيك الكتاب مرتّلا
سأبكيك إذ تبكي عليك سكينة=ومدمعها كالغيث جاد وأسبلا
ونادت رباب أمتاه فأقبلت=وقد كضّها فقد الحسين واثكلا
وقالت لها يا أمتا ما لوالدي=مضى مزمعاً عنا الرحيل إلى البلى
أناديه به يا والدي وهو لم يجب=وقد كان طلقاً ضاحكاً متهللا
أظن أبي قد حال عما عهدته=وإلا فقد أمسى بنا متبدلا
ايا أبتا قد شتت البين شملن=وجرّعنا في الكاس صبراً وحنظلا
ونادى المنادي بالرحيل فقرّبو=من الهاشميات الفواطم بزلا
تسير ورأس السبط يسري أمامه=كبدر الدجا وافى السعود فأكملا
فلهفي لها عن كربلا قد ترحّلت=مخلفة أزكى الأنام وأنبلا
ولهفي لها بين العراق وجلق=اذا (هوجلا) خلفن قابلن (هوجلا)
ولهفي لها في أعنف السير والسرى=تؤمّ زنيما بالشئام مظللا
ونادى برأس السبط ينكث ث غره=وينشد أشعاراً بها قد تمثلا
(نفلق هاما من رجال أعزة=علينا وهم كانوا) أحق وأجملا
ألا فاعجبوا من ناكث ثغر سيد=له أحمد يمسي ويضحى مقبّلا
بني الوحي والتنزيل ومَن لي بمدحكم=ومدحكم في محكم الذكر أنزلا
ولكنني أرجو شفاعة جدكم=لما فقت فيه دعبلا ثم جرولا
فهنيتموا بالمدح من خالق الورى=فقد نلتم أعلى محلٍّ وأفضلا
فسمعاً من (السبعي) نظم غرايب=يظل لديها أخطل الفحل أخطلا
غرايب يهواها (الكميت) و (دعبل)=كما فيكم أهو الكميت ودعبلا
أجاهر فيها بالولاء مصرّح=وبغضي لشانيكم مزجت به الولا
لقد سيط لحمي في هواكم وفي دمي=وما قلّ مني في عدوكم القلا
عليكم سلام الله يا خير من مشى=ويا خير من لبّى وطافَ وهللا
فما ارتضي إلاكًم لي سادة=وأما سواكم فالبراءة والخلا